كُلنا نتذكر أحداث الحادي عشر من ايلول عام الفين وواحد، مَن لا يَتذكر ربما لأنه بصورة أو أخرى يعيش تبعاتها، طائرات شَحن أستهدفت برجي وزارة الدفاع ومركز التجارة العالمي، فيما كان تنظيم القاعدة يُحضر بيان تبني الهجوم، أنتهى ساسة امريكا من خلاصة قرار بأخذ الثأر!
السؤال: ممن يثأرون؟
لا يُمكننا الحُكم على مجتمعات مُتحضرة مثل الغرب، ونقول جزافاً بأنهم مجتمعات “غبية” بقدر ما هي مخدوعة، فالعاقل المجرد من التقنية المعلوماتية لهذا القرن، بأستطاعته ربط الأحداث إذا ما طرح على نفسه تساؤلات منطقية، مثلاً: مَنْ صنع تنظيم القاعدة؟ مَن هو المستفيد مِن خدماتهم؟ ومَن هُم أكثر المتضررين؟.
الإسلام المتشدد؛ هذا البُعبع الكبير الذي يُسلطه الرأي العام الغربي، في واقع الأمر لا وجود لَه، فالأسلام مَعروفٌ ومتداول، أي ليس شيئاً ينمو خارج المجرة لنكتشف نواياه، وهو بِكل مذاهبه يرفض حالة العنف المُسوق لها.
هذه الحقيقة بالذات تأخذنا إلى إستنتاج وهو؛ أن التنظيم المتشدد دَخيل على فِكر الإسلام، خصوصاً أذا لاحظنا إنه المتضرر الوحيد فيه.
أنفجار فرنسا الأخير، يَعود علينا بالكذبة القديمة نفسها، فبين “أيلول وتشرين” تُبعث رائحة النوايا السيئة، بِطعم الكذب ولون المؤامرة، بالأمس أفغانستان والعراق، واليوم سوريا والجنوب اللبناني.
مُفارقات الحادثتين غريبة، فالجالية الأسرائيلية الأكبر في دول العالم هي في؛ الولايات المتحدة وفرنسا على التوالي، برغم ذلك لا يوجد مِن بين الضحايا يهودي واحد! وقد نلتمس لهم عذر أبتسامة القدر لو أننا لم نجد أنهم المُستفيد الأول!
تَطويق أيران وتدمير العراق، لُغز الصهيونية الأزلي، وجدوا الحَل في إسامة بن لادن وتنظيمه، سوقوه على أنه يشكل تهديداً للسلام العالمي، فلاحقوه مِن مقاطعة إلى دولة، وبين الجبال أختفى بِن لادن وتنظيمه وأسلحة الدمار الشامل!
كُلها لُعبة؛ والمنطقة هي الضحية، فَبعد ايامٍ على التدخل الروسي المبرر في سوريا، نراهم يَفتعلون حريقاً جديداً ليطفؤوه بصب غضبهم على سوريا! وهذه هي التصريحات التي مِن المؤكد أنها ولدت قبل الحادثة، تَجدها تُهدد سوريا بالذات، وأنه لأمرٍ غريب والسبب: أنّ سوريا تَصرخ مُنذ أعوام بخطورة هذا التنظيم، بَل أنها والعراق فقط مَن يحارب فعلياً هذا الكيان الارهابي، فلماذا يُعاقب البريء!
حجم التغطية الأعلامية الكبير لحادثة باريس، غيابه في حادثة لبنان المتزامنة معه، مؤشر أخر يُضاف إلى القائمة، رغم أن لبنان قد سابقت بنشر صور وأسماء ضحاياها، على العكس من فرنسا، الامر الذي ان دل على شيء، انما يدل على كذب الرواية التي تحدثت عن مائة قتيل، افتراضاً إن كان هدفهم السلام العالمي، فأينهم مِن لبنان وسوريا والعراق! اذاً الأمر بأختصار هو “ذريعة” للدخول على الخط مع روسيا، وهي بداية جديدة لأزمة مفتعلة.
غداً أو بَعد غدٍ القريب؛ ستنكسف حقائق المُستفيد الأكبر من كلا الحادثتين، فسقوط النظام السوري وتقليل الجالية المسلمة في فرنسا، أعمق نوايا الصهيونية، وهي حريصة جداً على اتمام الأمر حتى لو؛ بُعث بِن لادن مِن جديد!