18 ديسمبر، 2024 8:01 م

بن سلمان يشتري براءة إخوة يوسف.

بن سلمان يشتري براءة إخوة يوسف.

المدعي العام السعودي، حرصاً منه على كشف الحقيقة في قضية قتل الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي وتقطيع جثته وإخفائها، يوم ٢ آب ٢٠١٨، داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، كلف شركة كرول للتحقيق في فحوى الرسائل المتبادلة بين المتَّهَمَيْن محمد بن سلمان ومستشاره المعزول سعود القحطاني.

شركة كرول شركة أمريكية خاصة تقول عن نفسها كما ورد في موقعها الرسمي انها احد أقسام مؤسسة داف آند فيلبس. تقوم بتسليط الضوء على المجهول وتساعدك على إدارة التطابق والتحكم في دفة المقاضاة والحد من المخاطر المتعلقة بتهديدات النصب والإحتيال والقضايا الأمنية الخاطئة، وتضيف أنها كمزود لحلول المخاطر استطاعت خلال ٤٥ سنة مساعدة زبائنها لإكتساب الثقة في اتخاذ القرارات لإدارة المخاطر المتعلقة بالناس والأصول المالية والعمليات والأمن، من خلال مدى واسع من التحقيقات والفضاء الرقمي والعمل المثابر والتطابق والأمن العملياتي والجسدي وخدمات إدارة المعلومات والبيانات.

وجدت الشركة ان المتَّهَمَيْن تبادلا ٢٧ رسالة واتس آب يوم قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. ١١ رسالة من محمد بن سلمان الى القحطاني و ١٥ رسالة من القحطاني الى بن سلمان، اضافة الى رسالة محذوفة من هاتف الأخير، وقالت الشركة، كما ورد في التقرير، ان النائب العام السعودي أبلغها بشأن الرسالة المحذوفة أن المستشار السابق قام بإرسال تلك الرسالة ومن ثم أدرك أنها احتوت على خطأ مطبعي فقام بحذفها وإرسال رسالة مصححة.

حسناً، إذا كان المدعي العام (يقرا المحمي) ويعرف التفاصيل الى درجة معرفة سر رسالة محذوفة، لماذا يلجأ الى شركة خاصة، في النهاية، المتهم هو الذي سيدفع لها الأتعاب وأن الشركة بدورها حريصة على تحقيق مطالب الزبون وإرضائه؟. المهم أصبحت الشركة الأمنية الخاصة التي يدفع لها المتهم المزعوم هي الحَكَم على مصداقية وكالة آلمخابرات المركزية الأمريكية وخَلصت بالتالي الى ان تقييم الوكالة بترجيح إصدار محمد بن سلمان لأمر القتل ليس في محله وان الرسائل التي تبادلها المتهمان لم تُشر الى خاشقجي من قريب أو بعيد وان بن سلمان بريء براءة الذئب من دم يوسف، غير ان الحقيقة تشير الى ان هذه البراءة تشبه البراءة التي حاول إخوة يوسف استعراضها أمام ابيهم، فصبر جميل والله المستعان على ما يصفه بن سلمان ونائبه العام.

علما ان تقييم السي آي أي لم يستند على الرسائل فقط وإنما على معلومات سرية أخرى لم تذكر في وسائل الإعلام وعدة معطيات منطقية اضافة الى الرسائل، منها مصلحة ولي العهد الشخصية في التخلص من خاشقجي، عمل المتورطين في الجريمة تحت امرته المباشرة وسيطرته عليهم، اعترافه بطلب السعي لإعادة المعارضين الى البلاد، ثم هناك ما ذكر من أن القحطاني طلب الإذن من ولي العهد عام ٢٠١٥ حصريا للقيام بعمليات حساسة من هذا القبيل مما يؤكد ان جريمة اغتيال خاشقجي لا يمكن ان تكون استثناءا لإجراءات العمل في البلاط.

ثم ان تقرير كرول الذي اطلعت عليه وول ستريت جورنال أشار الى ان بن سلمان والقحطاني يستخدمان تطبيقا اخر للمراسلة اضافة الى الواتس آب حسب شخص قريب مطلع دون بيان هويته. مهما يكن من أمر فإن تحقيق كرول مبني كليا على رسائل الواتس آب بينما تقييم السي آي أي يعتمد على عدة معطيات، فضلا على الفرق الشاسع بين مصداقية شركة خاصة تعمل من اجل المال ومؤسسة حكومية تسعى لصيانة الأمن القومي للبلد واستخدمت حسب النيويورك تايمز قدراتها الإستخباراتية المدعمة بالأقمار الصناعية في اعتراض حزمتين حاسمتين من الإتصالات التي أجراها بن سلمان خلال اليوم السابق لعملية الإغتيال والإتصالات التي قام بها فريق الإغتيال مع القحطاني، كبير مساعدي ولي العهد منها المكالمة الشهيرة لماهر مطرب: قل لرئيسك انه تم تنفيذ المهمة.

قالت النيويورك تايمز أيضا ان مكالمات بن سلمان أظهرت انه كان يحاول ايجاد طريقة لتهريب خاشقجي الى السعودية، وهو ما يدل انه تحدث حول الموضوع مع الفريق وأنه منخرط تماما في العملية رغم انه لم يلفظ بكلمة القتل، بخلاف استنتاج كرول المدفوع الثمن.