23 ديسمبر، 2024 10:43 ص

بمناسبة اليوم العالمي للشعوب الأصيلة …مطالبات بتفعيل القرارات… كفانا حبراً على الورق

بمناسبة اليوم العالمي للشعوب الأصيلة …مطالبات بتفعيل القرارات… كفانا حبراً على الورق

تضطلع المنظومة الدولية وبالأخص الجمعية العمومية للأمم المتحدة بأعطاء أهمية مميزة للمناسبات والأحتفالت الدولية ،من خلال تنظيم العديد من الأنشطة والفعاليات الخاصة بكل حدث خلال المنظومة نفسها او من خلال الحكومات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني كافة، والهدف او الغرض من توجيه الضوء على هكذا مناسبات دولية لأستخدامها كعنصر مهم وناشط في زيادة ونشر الوعي الثقافي والتعليمي مابين المجموعات البشرية والتي بدورها تعطي الزخم الأكبر في تعبئة الجماهير وأرادتها السياسية والتي يتم من خلالها معالجة وحل الكثير من المعضلات الأنسانية والبشرية .
ومن احد المناسبات المهمة التي تحتفي بها المنظومة الدولية والمجتمع الدولي هو ( اليوم العالمي للشعوب الأصلية) والذي يصادف في اليوم التاسع من آب لكل عام ، والذي تم أقراره وبشكل رسمي من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1994 والذي كان وليد العمل الدؤوب من قبل مجموعة عمل معنية بالسكان الأصليين والعاملة تحت مظلة المؤسسات الدولية المهتمة في مجال حقوق الأنسان منذ 1982. وكما هو معلوم لدى الكثير فقد تم تعريف الشعوب الأصيلة بأنها (احد المجموعات البشرية والتي تتميز بمقومات القومية الواحدة المرتبطة معاً بعوامل مشتركة واحدة من اللغة والتاريخ والجغرافيا والمصالح الأقتصادية وتعيش في وطنها المغتصب بالقوة من قبل مجموعات بشرية اخرى ، والذي يحاول الأخير أستخدام وسائل غير مشروعة للهيمنة والسيطرة على كافة المفاصل الحيوية في البلد وتسخيرها له ولقومه ومن ثم يلجأ الغازي بأستخدام انكى اساليب الأضطهاد والظلم من خلال سياسات يهدف منها الى العزم في الغاء الهوية القومية والثقافية للشعوب الأصيلة ) . ويقدر تعداد سكان الشعوب الأصلية مابين 350 الى 500 مليون نسمة، متناثرين في اكثر من 90 دولة، موزعين على اكثر من 5000 مجموعة أثنية وعرقية متميزة بتلاوينها الثقافية والحضارية المتعددة والتي تشكل الجزء الأكبر من التنوع الثقافي في العالم بحيث يتحدثون بما يقارب الــ 7000 لغة .
بالرغم من العديد من القرارات الصادرة من المؤسسات الدولية المهتمة بحقوق الأنسان، الأ ان غالبية المشاهدات تدل على ان الشعوب الأصيلة لاتمتلك الحد الأدنى من حقوقها المشروعة ولازالت تواجه الخطر الحقيقي في تهديد وجودها. ونحن اذ نحتفل اليوم في 9 آب باليوم العالمي للشعوب الأصيلة، لابد لنا أن نقف ونتمعن بجدية حول التحديات الكبرى والمخاطر التي يمر بها المجتمع الدولي من خلال التوتر الجيوـ سياسي والجيوـ الأقتصادي الصادم في مناطق ملتهبة عديدة ونخص منها منطقة الشرق الأوسط، ومن ثم تحديات التلوث البيئي ومن اضطرابات الثورة الصناعية الجديدة، واخيراً الخطر الناجم من تفشي فيروس كورونا ، والتي صبت ظلالها على تلك الشعوب الأصيلة ( بالأخص الأقليات العرقية في الشرق الأوسط) والمهددة بالأنقراض ، طبق الشواهد التالية :
1ـ لازال الكثير من السكان الأصليين يعانون وبشكل مستمر من سياسات التمييز العنصري والشوفيني من قبل الحكومات السياسية التي تحكمهم،وقد كشفت الحقائق بأن بعضهم يعاني لحد اليوم من تجارة الرق وبيع النساء والأطفال في سوق النخاسة ، وهذا ما شاهدناه من عمليات الأبادة الوحشية التراجيدية التي مورست بحق الطائفة اليزيدية والمسيحيين والصابئة المندائيين واقليات عرقية أخرى في الشرق الأوسط من قبل العصابات الأجرامية لداعش والسياسات التعسفية الخاطئة لحكومات المنطقة .
2ـ تظهر الأحصاءات الأخيرة بأن سكان الشعوب الأصلية يشكلون نسبة اكثر من 15 % فقراً من نسبة سكان العالم ، بحيث تظهر الكثير من المؤشرات بأن هذه المجموعات تواجه اوضاع معيشية صعبة في بلدانها نتيجة التهميش وعدم المساواة والفقروأنتشار الأمية والبطالة فيما بينهم، نتيجة للسياسات المنهجية والمدروسة التي تحاول الأنظمة السياسية الحاكمة من خلالها اقصاء وتهميش ماهو مربوط بهذه المجموعات وعدم السماح لها بالترقي والوصول الى مواقع صنع القرار السياسي والأقتصادي في بلدانها.
3ـ بفعل سياسة الترغيب والترهيب والسياسات المتعلة الأخرى المستخدمة من قبل الأنظمة السياسية ، نلاحظ زوال واندثار الكثير من اللغات المتنوعة لهذه الشعوب الأصيلة والتي تؤدي بدورها الى محو الهوية الثقافية الخاصة بها ومن ثم زوال تراثها المفعم بالتنوع الفريد من نوعه .
4ـ نزوح وهجرة جماعية لسكان البلاد الأصليين من مناطقهم التاريخية ، والتي جاءت وليدة لعدد من العوامل الذاتية والموضوعية التي تميز شعب الى آخر. واود القاء الضوء هنا الى هجرة الشعوب الأصلية في بلاد الشرق الأوسط منها الآشوريين واليزيديين والصابئة والمعدان من ابناء شعبنا المتواجد في أهوار الجنوب العراقي ، وهذا الوباء المتمثل بالهجرة هو قديم كنتيجة حتمية للسياسات الخاطئة للأنظمة السياسية والأحزاب الحاكمة والمبنية على الأسس الطائفية العقائدية والشوفينية والتي تحاول من خلالها الى الغاء الآخر وكذلك عوامل سياسية اخرى والمتمثلة بالصراعات والنزاعات المسلحة والأضطرابات السياسية الداخلية والأقليمية، ومن ثم المشاكل والأزمات الأقتصادية تلقي ظلالها الواسعة في دفع عملية الهجرة الى الأمام .
5ـ تم تجريد الشعوب الأصيلة من اراضيهم ومزارعهم وديارهم وطردهم خارج الحدود والذي ادي الى تبعثرهم وهجرتهم في بقاع مختلفة من المدن والدول الأخرى . وهذا ما ترويه الوقائع التاريخية منذ بدايات القرن الماضي ولحد الآن ، كيف خسرت الشعوب الأصيلة من الآشوريين وغيرهم من الأقليات العرقية اراضيهم وممتلكاتهم ودورهم في مناطق العراق وتركيا وسوريا وكالآتي ( هكاري، طورعبدين ، ماردين، اورمية ، سلامس ، نوهدرا، اربيل ، القامشلي والحسكة ) وغيرها من المناطق . ولازال ملف التجاوزات مفتوح وغير مطوي لعمليات الأستيلاء على دور سكن أبناء شعبنا في مدن العراق وغيرها وكذلك ملف التجاوزات على القرى والأراضي الزراعية في أقليم كردستان و مناطق اخرى .
لذلك وجب على دول المنطقة ( البلدان التي يتواجد فيها شعبنا وغيرهم من الأقليات العرقية في الشرق الأوسط) بأن تلتزم بكافة المواثيق والقرارات الخاصة بالأمم المتحدة ومؤسساتها والمتعلقة بشكل خاص حول حماية الشعوب الأصيلة والأعتراف بها كمكون اصيل واساسي للبلد الذي ينتمي اليه، ومن ثم دعم الجهود المبذولة في الحفاظ على تراث وثقافة ولغة هذه الشعوب، وازالة كافة القوانين التعسفية التي مورست بالضد منها وتحقيق مبدأ الشراكة الوطنية معها في تسيير شؤون البلد من خلال تحقيق العدالة والمساواة الأجتماعية ووضعها في خانة المواطن من الدرجة الأولى كباقي افراد المجتمع الآخرين .