عمار الحكيم يقفز الى خارج ما يسمى المجلس الأعلى الإسلامي العراقي !
وهو المجلس الأعلى للثورة الإسلامية الايرانية في العراق سابقا”, قبل ان يتم تغييره الى ما هو عليه اليوم,
ومعلوم للقاصي والداني بأن هذا المجلس هو أحد الأحزاب والجبهات العسكرية والأذرع التي أسستها حكومة ملالي طهران في إيران بتاريخ 17 تشرين الثاني 1982 ,
لإستعمال عملائها واستثمارهم وتسخيرهم للحرب ضد العراق,
هذا المجلس الذي أعلن تأسيسه محمد باقر الحكيم عندما كان هاربا الى ايران,
واشترك إلى جانب الخميني في حربه ضد العراق وشعبه من خلال جناحه العسكري المسمى بفيلق بدر.
ليستمر في حربه ضد العراق حتى نهاية حرب القادسية الثانية,
و ليدخل بعدها بسنوات على ظهور دبابات الامريكية الى العراق عام 2003م,
ليحتل مرتبة الصدارة مع حزب الدعوة الإيراني في حكم العراق!
ومنذ ذلك الحين وحتى يومنا ..
و المجلس الاعلى للثورة الايرانية في العراق وفيلق بدر ذراعه العسكري ,
هو الذراع الأساسي لإيران في العراق,
والذي يسيطر على وزارات في حكومة الخضراء وله مقاعد في ما يسمى بالبرلمان,
وتغيرت قيادة المجلس بعد ان قامت الاطلاعات الايرانية بتصفية محمد باقر الحكيم في تفجير بالنجف,
عندما حاولت حكومة ملالي طهران استثمار قتل عميلها لا ثارة الحرب الطائفية في العراق, ولم تفلح في حينها,
فسلمت اخوه عبد العزيز الحكيم رئاسة المجلس الاعلى
والذي كان له دور كبير في تفريس العراق وقتل الآلاف من أبناءه وسرقة ثرواته, حتى اهلكه الله,
وليستلم من بعده عمار الحكيم الذي كان ولا زال الابن المدلل لطهران,
و كان ولا زال ذائع الصيت في الانحراف الاخلاقي و اللصوصية والاجرام,
حتى انفصلت ما تسمى منظمة بدر برئاسة العامري عن المجلس الاعلى برئاسة عمار وفق ترتيبات فنية بحتة مرتبطة بمصالح ايران خاصة بالتوسع والنفوذ والمهام المطلوبة منهم ليس إلا.
و ليدعي اليوم وبعد 14 عام على عمليتهم السياسية, بانه ترك المجلس الاعلى للثورة الايرانية في العراق,
ليؤسس اليوم تيار جديد سماه تيار الحكمة !!
وهي بتقديري وبما هو واضح جدا…
حركة مدروسة و محسوبة من قبل هذا الفارسي “والفرس مشهورين بالدهاء”,
فبعض الجهات السياسية في داخل العراق و المعارضة العراقية انخدعت كثيرا ً بهذا التغيير ,
و تعتقد بانه وصل الى طريق مسدود مع اقطاب المجلس الاعلى للثورة الايرانية في العراق,
وانه لم يعد قادرا على إدارة دفة المجلس الأعلى بسبب وجود أطراف لا تقبل بأن يبقى القرار السياسي والقيادة فيه حكرا على عمار وعائلته!!
وكأن من يحركه فعلا هو عمار او عائلته !!
وهذا تضليل واضح و كل الحلقة التي تحيط بعمار الحكيم تعلم يقينا بان هذا الادعاء ينافي ويجانب الصواب,
فلا ينخدع بهذه الترهات الا السذج ومن يروج لهذه الادعاءات هو بالضرورة من ضمن التيار الموالي لطهران او من لديه مطامع ومصالح مع هذه الاطراف..
والامر واضح جدا,
فهذا الاعلان او التيار الجديد الذي شكله عمار الحكيم تم بعد سلسلة من الترتيبات في طهران تحديدا ,
و التي تمت على مدى الشهور الماضية التي سبقت الإعلان,
وهي خطوة استباقية مدروسة من قبل حكومة ملالي طهران,
والتي تحرك كامل المنظومة السياسية في العراق وذلك ليس بخافيا على احد,
فهي من يحرك الدفة السياسية بأكملها في العراق و تحت انظار الادارة الامريكية وسفارتها في المنطقة الخضراء!
و من ضمن من تحركهم حكومة ملالي طهران,
بل و من اهم اذرعها الاستخبارية والعسكرية هي منظومة المجلس الاعلى و منظمة بدر وكل ما تفرع منهما خلال الـ 14 عام الماضية,
وهذه الحركة و كما ذكرت سابقا هي حركة إستباقية لتلافي أي تطورات للوضع في العراق خلال الفترة القادمة,
ولضمان عدم تأثر سيطرتها على العملية السياسية في العراق في حال كان هناك حراك أمريكي بدعم عربي لتصحيح مسارات العملية السياسية المتهالكة,
او أي تحرك امريكي ضد اذرعها ومليشياتها العسكرية التي تتحكم بكل مفاصل واركان الدولة العراقية اليوم!
و لتضمن بقاء تيارات واحزاب موالية لها بعيدة وبمنأى عن أي تطورات للاحداث,
خصوصا بعد الانتهاء من حربهم على الموصل,
و الامر الثاني هو ان إعلان عمار الحكيم عن تشكيل تياره الجديد ,
هو ان العراق مقبل على انتخابات نيابية ..
لذلك فأن الغايات و الاهداف التي دفعت بحكومة ملالي طهران لدفع عمار للخروج بتيار جديد,
و ترك المجلس الأعلى “كما يدعي”,
و ابعاد عمار الحكيم ظاهريا عن المجلس الأعلى “الإسلامي-المعلوم الاصل والمشرب والولاء”
ابعاده امام انظار الشعب العراقي و الادارة الامريكية والقيادات الخليجية,
لأن المجلس الأعلى “الإسلامي هو بالاصل -المجلس الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية في العراق”,
ولا يخفى على احد بانه صنيعة الاطلاعات والحرس الثوري الإيراني,
و اهدافه واضحة و معلومة للقاصي والداني,
والمجلس يعمل الى يومنا بشكل علني لصالح حكومة ملالي طهران, ويسيطر عليه رجال ايران وضباط حرسها الثوري والموالين لخامنئي في العراق,
فخطوة عمار الحكيم الأخيرة بتشكيله تيار جديد يبتعد من خلاله عن المجلس الأعلى الإيراني,
ستضمن له التقارب مع المحيط العربي و القيادات الخليجية خاصة,
وستضمن له تأييد العديد من القيادات العربية,
بالإضافة الى الشارع العراقي,
على اعتبار انه ترك التيار والحزب الذي شكلته إيران لمساعدتها في الحرب على العراق ايام الثمانينيات من القرن الماضي,
ونصبت عليه عمه محمد باقر الحكيم ومن ثم ابيه عبد العزيز من قبله,
و لتضمن حكومة ملالي طهران من هذه الخطوة ايضا ,
الدفع بإتجاه تشكيل تيار جديد لها قد يحظى بدعم الشارع العراقي ويكسب الدعم العربي والخليجي خصوصا!
وتضمن وجود إطراف موالية لها تحت كل العناوين و الاتجاهات و التيارات,
بالإضافة الى ذلك ..فهذه الخطوة أيضا ,
ستزيد من حجم تمثيل الأطراف الموالية لايران في العراق في الانتخابات البرلمانية القادمة,
أي ستزيد من حجم الغلة وستزيد من حجم الحقائب الوزارية التي ستحصل عليها الاطراف الموالية لطهران داخل الحكومة القادمة والبرلمان القادم!,
وهذا سيعود بالنفع ايضا ً على حكومة ملالي طهران,
ويدفع بإتجاه استحواذ ملالي طهران بشكل اكبر والسيطرة على القرار السياسي في العراق,
والتحكم اكثر بالعراق والسيطرة أكثر على مقدراته,
و حتى لو تدخلت الولايات المتحدة في قادم الايام,
أو حاولت تغيير مسار العملية السياسية, كما يتم اشاعته منذ شهور طويلة وكما تدعي بعض الاطراف الاقليمية والدولية,
او كما جاء في تصريحات الرئيس الامريكي ترامب,
و زعمه بان الادارة الامريكية ستعمل على تقويض النفوذ الايراني في العراق!
وحتى لو حاولت تصحيح مسار العملية السياسية ” في حال كان لديها فعلا ً النية لتصحيح المسار ونحن نشك في ذلك”,
من خلال مثلا زيادة التمثيل السني في البرلمان والحكومة او محاولة الدفع بأي تسوية سياسية,
فأن خطوة عمار الحكيم ستدعم النفوذ الإيراني و الهيمنة الايرانية على العراق بشكل غير معلن ,
بل و ستجعل العديد من الواجهات التي تدعي الانتماء لسنة العراق,
والتي تلهث وتدور في فلك العملية السياسية و خلف مطامعها ومصالحها ستدفعها للإنضواء تحت لواء التيار الجديد لعمار الحكيم,
تحت ذريعة انه ترك التيار والجبهة والأحزاب التي شكلتها إيران وحاربت بها العراق وجيشه ايام حرب القادسية,
و على اعتبار بان الحكيم خط لنفسه مسارا خاصا من داخل الشعب العراقي باسم عائلته ليتقرب اكثر من الشعب العراقي و المحيط العربي و الاسلامي و الخليجي!!
وطبيعي جدا بأننا سنسمع خلال الأيام القادمة الكثير من الشعارات التي ستنادي بالقفز فوق التقسيم والمحاصصة الطائفية,
التي هي الاساس الذي بنيت عليه العملية السياسية في المنطقة الخضراء منذ الغزو الامريكي للعراق عام2003,
وسترفع الشعارات التي تنادي بتشكيل برلمان وحكومة عراقية بعيدة عن المحاصصة الطائفية,
وطبيعي جدا ان يكون لعمار الحكيم و تياره الريادة في هذه الشعارات!
لان ذلك وهذه الشعارات والمسارات التي ستسير عليها كل الاطراف الموالية لحكومة ملالي طهران,
هي من اهم الاستراتيجيات التي اعتمدتها حكومة ملالي طهران خلال الشهور الماضية كخارطة طريق للتعامل مع الوضع العراقي والانتخابات القادمة ومرحلة ما بعد حرب الموصل,
لضمان استمرار هيمنتها على العراق,
وقد دفعت حكومة ملالي طهران خلال الفترة الماضية بالكثير من رجالها وأحزابها لمحاولة فتح ابواب الحوار مع الأطراف العراقية المعارضة التي ما زالت حتى يومنا ضد المشروع الايراني الصفوي والهيمنة الايرانية ,
في محاولة لخداع هذه الاطراف بشعارات شتى ومن ضمنها التسوية السياسية و الغاء المحاصصة الطائفية التي حكمت من خلالها ايران العراق وهيمنت عليه بشكل كامل و على مدى 14 عام الماضية,
واليوم باشرت بتطبيق إستراتيجيتها الجديدة من خلال تشكيل تيار الحكيم,
لتجاري المرحلة القادمة في العراق, ووفق ما خططت له,
لنشهد اليوم ولادة اول وليد لهذه الاستراتيجية وهو تيار الحكمة !!