سمعت وقرأت الكثير من التعاريف للسياسة فبعضها يقول :- هي فن الممكن وبعضها يقول انها جعبة الأكاذيب والزيف والبهتان والبعض إيّضا يصفها على أنّها اخطبوط له اذرع لا تعد ولا تحصى تمتد الى كل مكان وينطبق عليها المثل العربي القائل :- (لها في كل قِدْرٍ مغرفة) 0
لذلك ساتناول تصريح بلينكن في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم الأحد الماضي من الماضي القريب وبشي من التحليل اعتمادا على قدرتي في التحليل العلمي والتخمين الذاتي لبيان انتمائها لأي من التوصيفات اعلاه 0
فقد قال وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في تصريح له من أنَّ : إسرائيل لا تريد حكم غزة بعد انتهاء الحرب مع حماس وهذا تهديد يحمل بين ثناياه انه في نية اسرائيل وامريكا من حربهما على قطاع غزة هو افراغ القطاع بالكامل من سكانه الفلسطينيين ويحمل مضامين هذه النية غير المعلنة العبارة التالية من التصريح :- ( أنه بعد الحرب لا يمكن العودة إلى الوضع الراهن)0
وتعني عبارة ( لا يمكن العودة الى الوضع الراهن) أنّ اسرائيل ومن فوقها الأدارة الأمريكية لن تسمحا بالمطلق لعودة اهالي غزة الى القطاع بعد انتهاء الحرب ولن تسمح بعودة انشطة الحياة وحراك ميادينها إليه بالشكل الذي كان سائدا قبل عملية طوفان الأقصى القسَّامية وهذا يعني التشكيلة الديمغرافية لقطاع غزة ستتغير بالكامل شكلاً ومضموناً 0
لأول مرة في حياته يكون صادقا هذا المسؤول الأمريكي الصهيوني القح المتفاخر بصهيونيته العنصرية ، نعم اسرائيل لا تريد حكم غزة مع حماس التي وجهة لها طعنة في الصميم بعملية طوفان الأقصى والتي عرَّت وكشفت بالملموس حقائق كثيرة عن اسرائيل اهمها أنَّ تحوطات واجراءات الأمن القومي الإسرائيلي الصارمة ومنها خدمات جهاز التجسس الإسرائيلي ( بيغاسوس ) وآلياته المتطورة ومنها (القبة الحديدية) التي تم الهويل لها بانها حواجز عصية على الإختراق النظري والعملي ومنيعة على القفز من فوقها وقادرة على صد أي هجوم تتعرض له إسرائيل بقوة نادرة وكفاءة عالية 0
غير أن الواقع أكد أن المقاتلين الفلسطينيون اخترقوها بكفاءة غير مسبوقة جوَّا بالطائرات الشراعية وبرا بآليات ارضية بسيطة وسيرا على الأقدام وبأسلحة خفيفة لا تعدوالرشاشة والقاذفة ، واثبتوا بذلك للعالم ولأسرائيل على انها دفاعات وموانع وسواترهشة للغاية وغير قادرة على الصمود بوجه اهل العزيمة المضاءة على طريق الحق وهي اوهى من بيت العنكبوت واضعف من النمر الذي يصنع من الورق 0
استأنف كلامي مع قول بلينكن في ان اسرائيل ليس في نيتها ان تحكم القطاع مع حماس بعد انتهاء الحرب وهو صحيح فهذه الحرب التي كل يوم من طريق استمرارقصف الغارات الجوية الإجرامية الإسرائيلية بالتوافق مع القصف المدفعي للقوات البرية الإسرائيلية يقتل من اهالي القطاع ويصاب عدد منهم هائل من المدنيين من سكانه يصل الى 400 ما بين قتيل وجريح اضافة الى هروب الناس من جحيم القصف الهستيري المتوحش لسلاح الجو الاسرائيلي والمدفعية 0
فان ذلك كله سيؤدي حتما الى افراغ غزة من سكانها وسيتحول القطاع الى ارض يباب خاضعة للسلطة الصهيونية فتصريحك يا سيد بلينكن يحمل بين طياته ان هناك جريمة كارثية ستنفذ بشكل تدريجي ضد الفلسطينيين بالتعاون بين امريكا واسرائيل عبر مجازر قصف جوي وارضي من قبل الجيش الاسرائيلي فيكون اهل قطاع غزة بين كماشتين لا خيار لهم غيرهما اما القتل عند البقاء في غزة او الهجرة طلبا للنجاة من الموت وأي نجاة في الهجرة وقد قالت عنها طفلة فلسطينية لأحد مراسلي الصحف (ما عنَّا ناكل وانّام بردانين) 0
ولكن السيد بلينكن يستبق الأحداث ويتحدث بلهجة واثقة بقوة اسرائيل والدعم الأمريكي والأوربي غير المحدود لها ,آخرها صواريخ (ثاد) وهي آخر صيحة في التطور النوعي والخدمي في المضادات للصواريخ والطائرات ، ولم يتعلم الدرس من عملية طوفان الأقصى فاذا كان تصريحه يستبطن الإبادة لأهل القطاع من الفلسطينيين وهذا الوارد بين ثنايا محصلة تصريحه 0
فان حماس وجناحها العسكري كتائب القسام وباقي فصائل المقاومة الفلسطينية مستعدة لحرب طويلة الأمد فهم يعرفون اسرائيل جيدا من انها لن تتركها لهم لأن الدولة الصهيونية دولة عنصرية ، والعنصرية ذات طبيعة عدوانية وانتقامية في ذات الوقت وهذا من شروط طبيعة الكينونة العنصرية لكي تحافظ على استمرار وجودها وبقاءها0
وفي مقابل ذلك فإن الفلسطينيون قيادة وشعبا يعون ذلك جيدا كما قلت آنفاً لذلك اعدُّوا العدة للمواجهة المحتومة والمنازلة المحتملة ووطنوا انفسهم على حرب مدن وشوارع وانفاق قد تستغرق وقتا طويلا ولكنها ستذيق اسرائيل وامريكا هزيمة مرة في قادم الأيام اقوى من هزيمتها امامهم في عملية طوفان الأقصى 0
وأعود من باب التاكيد على الأكاذيب السافرة التي جاءت ضمن تصريح الوزير الأمريكي من ان اسرائيل لا تريد حكم غزة (( وهو ما لا يريدونه ولا ينوون القيام به )0
وإني اسأل السيد بلينكن ماذا يريدون إذن مما يفعلونه بغزة ويصنعونه بأهلها في ما تذكره الصحف العالمية والعربية ومنها صحيفة راي اليوم عن جرائم اسرائيل :- اليوم الـ17 من عملية طوفان الأقصى.. مجازر إسرائيل لا تتوقف في قطاع غزة وأكثر من 400 شهيد في يوم واحد والقصف العنيف لم يستثنِ أحدًا.. ويلات وحسرات وقصص الموت في كل مكان والدمار كان هائلا..وإسرائيل تُصعد من هجومها الدامي وتشدِّدُ خناقها وغزة بلا ماء ولا كهرباء ولا وقود ؟؟؟؟؟ !! 0
وعلاوة على ذلك ماذا يريدون من الغارات الجوية التي شنها الطيران الحربي على غزة بالتزامن مع المدفعية المتمركزة على المناطق القريبة من الجدار الشرقي الفاصل لقطاع غزة ( الذي يفصل غزة عن المستوطنات الصهيونية والتي تطلق عليها اسرائيل اسم – غلاف غزة – والغاية من الجدار هي خنق غزة ومحاصرتها ديموغرافيا اضافة الى الحصار الحكومي الإسرائيلي منذ 6سنوات )
هذا الجدار الفاصل يطلق عليه ايضا ( الحزام الناري تقع فيه المدفعية المذكورة ومقاليده بيد اسرائيل فاي حركة من اهالي القطاع ضد اسرائيل فستسارع الأخيرة الى صب النار على رؤسهم ) وخاصة في المنطقة الشمالية الشرقية للقطاع، هذه المدفعية قد باشرت بإطلاق عدة صواريخ وقذائف في آن واحد مع قصف الطيران الحربي بذات المكان في استهداف مباشر للبنية التحتية والمنازل ودور العبادة. ؟؟؟!!!
ويقال عند وضع علامة التعجب بعد علامة السؤال ان السائل يعرف الجواب وكذلك المسؤول انهم لا يريدون حكمها ولكن ابادة اهلها عن بكرة أبيهم ومن ثم ضمَّها الى اراضي دولة اسرائيل الكبرى التي هي الهدف الأسمى للحركة الصهيونية العالمية والتي ذكرها وقال عنها تيدور هرتزل في مذكراته ان حدودها (تمتد من الفرات الى النيل )
ومما تقدم فإن السياسة الأمريكية بضربيها الداخلي والخارجي هي فن الممكن في الكذب والتدليس المتقن وتعمية الحقائق باسليب عصرية من الزيف والبهتان وطمس معالم المصداقية بالتحريف والتشويه والدعاية المغرضة 0
وأنا لي رأيي بالدول الكبرى ومنها الولايات المتحدة الأمريكية لو أنها مارست الصدق في علاقاتها العملية والنظرية مع باقي دول العالم لتحولت بين ليلة وضحاها الى دولة من دول العالم الثالث 0