من الشجون التي تؤرق المواطن العراقي هو فقدان العدالة في الجسم القضائي الذي أصبح مستباحا بعاهات النقص الثقافي الذي يقترب من ألامية المرحلة عبر عجز التمثيل ألاجتماعي وسلمه المتداعي بواجهات سطحية وسلطات مريضة .
فالقبول بالمعهد القضائي لايقوم على أسس علمية , وقبل ذلك فأن دراسة القانون في المراحل الجامعية ألاولى لاتنتمي لهوية معرفية تأسيسية للوطن والمجتمع الذي تعيش فيه ولا تأخذ بنظر ألاعتبار الموروث العقائدي للناس الذين يراد تسوية أوضاعهم القانونية بما ينسجم وصلاح الدولة .
في العراق اليوم تتكاثر العناوين القضائية :-
1-محامي منهوم بتحصيل الدعاوى مهما كانت يدافع من أجل الكسب المادي وليس من أجل أحقاق الحق .
2-محقق يتوصل للتعيين بالرشوة والواسطة مما يجعله غير مؤهل للنزاهة وألاستقامة في تحقيقاته .
3-كاتب عدل : محشور بضغط المراجعين ومحاصر بميول ورغبات الجهات النافذة في الدولة والمتمثلة اليوم بألاحزاب , فضلا عن عدم وصوله لهذا العنوان الحقوقي عبر سياقات تفاضلية تبرز فيها المعرفة القانونية مصحوبة بشخصية معتدلة قادرة على تحقيق مفهوم ” وليكتب بينكم كاتب بالعدل ” فمصطلح كاتب العدل هو مصطلح قرأني , ومن يريد تجسيد مفهوم هذا المصطلح لابد له أن يكون ملما بثقافة القرأن في معرفة البينة وكيفية أقامة الحجة والقدرة على قراءة شخصية ألافراد , وقبل ذلك على كاتب العدل ان يحرر النصوص كما علمه الله لآن من خصوصيات هذه الوظيفة أن يتقي صاحبها ربه , والتقوى درجة عالية من الورع وألاستقامة المبنية على ألآيمان بجوهره التي تنتمي لمرجعيات السماء .
4-القاضي : وهو عنوان مرجعي للعدالة , ومرجعيات العدلة القرأنية توصي بأن يكون القاضي مجتهدا , والمجتهد هو من يمتلك القدرة على أستنباط الحكم الشرعي من مصادره , ولآن تسنم منصب القضاء اليوم في الدولة العرقية ليس من الذين حصلوا على درجة ألاجتهاد في المفهوم الفقهي , وليس من الذين حصلوا على دراسة القانون بعمقه التخصصي في الجزاء والبداء وألاستئناف ودفوعاته ومرافعاته في مختلف شؤون الناس , ولآن هذين الشرطين لم يتحققا عند الكثير ممن يمارسون القضاء في محاكم الدولة حتى أصبحت محاكم التمييز هي صدى لقرارات محاكم البداءة وألاستئناف ألا ماندر لذلك أصبحت العدالة غير متحققة في أغلب الحالات .
وهناك الكثير من ألامثلة التي أفرزتها وقائع التحقيق والمرافعات في المحاكم العراقية التي تشير بوضوح الى فقدان العدالة مما انعكس ذلك على مزاج الناس وعلى هوية الدولة التي اصبحت تفتقد للمواصفات القانونية في عدم قدرتها على نقل البريد والنقل الجوي والنقل البحري والنقل بالقطارات وعدم قدرتها على التحويل المصرفي مع الدول ألاخرى .
فالقضاء الذي يحكم على البرئ ويبرء الجاني هو ليس قضاءا ” ومثاله ماعرض من قيام أحدهم ببيع سيارة تابعة للدولة وحضور ثلاثة شهود على ذلك ومع قيام الجاني بأعترافه أن السيارة سرقت منه دون تقديم الادلة ورغم أن أعترافه هذا يجعله ضامنا للمتلوف ألا أن القاضي أصدر قرارا بتغريم من كان تخويل السيارة بأسمه وهو لم يكن مستعملا لها وأنما المستعمل لها هو من قام ببيعها متجاوزا على القانون والمال العام , أما الشخص الذي كان تخويل السيارة بأسمه بشكل عارض وذلك لآنه تم نقله بتلك السيارة أيام ألاحتلال ألامريكي ولم تكن للسيارة مستمسكات مما جعل السلطات المحلية تكتب التخويل بأسم من أريد نقله لمحافظة أخرى حسب مقتضيات المصلحة العامة , والقاضي الذي لم يأخذ بأفادة صاحب التخويل التي تفيد بقيام الجاني ببيعها وأعلانه لذلك أمام من يعمل معهم وشهادة ثلاثة شهود بذلك ورغم محاولة ملتوية للجاني بأدعائه أن السيارة سرقت منه دون تسجيل ذلك لدى الجهات المسؤولة في حينه ودون تقديم أدلة مقنعة للقضاء , بعد كل ذلك قام القاضي بتحميل البرئ ثمن السيارة , وهذا مثال من أمثلة كثيرة تزدحم بها ملفات القضاء العراقي .
وهناك مثال أخر مفاده أن شخصا أستأمن شخصا أخر على سيارة قام ألاخير ببيعها ثم أنكر أنه باعها , وشاءت الصدف أن يحصل صاحب السيارة على نسخة لبيع السيارة صادرة من أحد معارض السيارات وتم تزوير توقيعه وعندما تحرى ألامر مع صاحب المعرض أكد له أنهم نظموا محضر البيع بأعتبار من باعها أدعى أنه وكيل لمالك السيارة ولان مالك السيارة شخصية معروفة كما يقول صاحب المعرض لذلك تم تنظيم محضر بيع السيارة وعندما طلب مالك السيارة من صاحب المعرض أن يدلي بشهادته أمام المحكمة وافق على ذلك وعندما قدم محامي مالك السيارة دعوى قضائية غير صاحب المعرض ما أتفق عليه مع مالك السيارة وأدعى أمام القاضي أنه لايحضر في المعرض وأنما عنده موظف وكيل , فما كان من القاضي ألا أن لايطلب من صاحب المعرض أبراز الوكالة الرسمية لموكله الموظف ولا أن يطلب من صاحب المعرض أحضار وكيله أمام المحكمة كما يقتضي القانون ورغم تأكيد المحامي على ضرورة أبراز الوكالة أو أحضار الوكيل وكان القاضي يرد على المحامي بأن هذا شغل المحكمة , وهكذا حكم القاضي برد الدعوى ورغم رفعها للتمييز ألا أن جواب محكمة التمييز كان مطابقا لقرار محكمة ألاستئناف , فماذا يمكن القول عن مثل هذه القرارات وألاحكام , أليس هذا قضاء يفتقد للعدالة وبسبب ذلك وغيره من ألاسباب التي تتعلق بألامن والصحة والتعليم والصناعة والتجارة والزراعة هو بلد يحتضر ؟