22 ديسمبر، 2024 5:32 م

بلدي ليس بلدا ، بلدي هو الصيف

بلدي ليس بلدا ، بلدي هو الصيف

فوق سماء العراق الزرقاء، تتراقص ذرات الشمس برقيّة وتتلون بألوان الحمم النارية. تبدأ الأرض بعدها بإطلاق أنفاسها الحارقة، تذوب أشجار النخيل الوارفة، وتسبب حبات الرمال الساخنة حريقًا داخل صدور الأبرياء. هذه هي صورة من صور العراق، شهد على ارتفاع درجة حرارته الذي كان يشابه لهب الشمس في صحاريها.

يعيش عالمنا اليوم في ظل ظاهرة تغير المناخ، حيث يشهد ارتفاعاً ملحوظاً في درجات الحرارة بشكل عالمي. يُعَدّ الاحترار العالمي أحد أهم التحديات التي تواجه البشرية في القرن الحالي، إذ يسبب تأثيرات وخيمة على البيئة والمجتمعات.

ماذا تكمن أسباب هذه الظاهرة المرعبة؟ هل هي فقط نتيجة لتلوث الهواء وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري؟ أم أن هناك أسباب أخرى نتج عنها ارتفاع حرارة الكوكب؟ سنتناول في هذا المقال بعض الأسباب التي يمكن أن تشرح لنا ظاهرة الاحترار العالمي.

البداية تأتي مع توسع الثقوب في طبقة الأوزون، التي تعمل على حجب الأشعة الفوق بنفسجية عالية الطاقة. تتسبب هذه الثقوب في تسرب هذه الأشعة مما يؤدي إلى زيادة درجات الحرارة. إضافة إلى ذلك، يُشير العلماء إلى أن التغيرات الشمسية التي تتسبب في تغير كمية الإشعاع الشمسي المتساقط على الأرض من شأنها أن تلقي بظلالها على الاحترار العالمي.

ومن بين الأسباب الأخرى، يأتي النشاط البشري الذي يلقي بثقله على البيئة ويساهم بشكل كبير في الاحترار العالمي. فعمليات الحرق التي يقوم بها الإنسان للوقود الأحفوري وإطلاق غازات الدفيئة تؤدي إلى زيادة تراكيزها في الغلاف الجوي. ومع تراكم هذه الغازات، تقوم بامتصاص الأشعة الشمسية ومن ثم تحجزها في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة.

وما يثير القلق أكثر هو انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون، الذي يُعَدّ من أبرز غازات الدفيئة، والتي تقف وراء الاحترار العالمي. يُنتج هذا الغاز بشكل رئيسي عند حرق الوقود الأحفوري، مثل النفط والفحم والغاز الطبيعي. وعندما تنتشر هذه الغازات في الهواء، يستمر انبعاثها لعشرات السنين.

ولكن دعونا نتوقف للحظة ونسأل: هل هناك أي آثار ضارة يمكن أن ينجم عنها الاحترار العالمي؟ بالطبع هناك، فهذه الظاهرة تؤثر بشكل واضح على الحياة على سطح الأرض. فقد يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى ذوبان الثلوج القطبية وارتفاع مستوى سطح البحر، مما يتسبب في فيضانات وتأثيرات كارثية على المدن الساحلية و غير الساحلية و سكانها للحد الذي يسبب فياضانات و غرق محافظات جنوب العراق .

بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي الاحترار العالمي إلى زيادة في تواتر وشدة العواصف الطبيعية، مثل الأعاصير والجفاف المُطَوَّل في بعض المناطق و شحة المياه و المتساقطات المطرية ،كما يُشير العلماء أيضاً إلى أن هذه الظاهرة يمكن أن تؤثر سلباً على الأنظمة الإيكولوجية والتنوع البيولوجي، وتتسبب في انقراض الكثير من الأنواع النباتية والحيوانية و بالتالي يصل تأثيرها على غذاء الانسان اليومي و احتياجاته الأساسية.

بإجمالها، تتمثل أسباب الاحترار العالمي في تداخل عوامل طبيعية وبشرية، ما يجعل التحدي الذي نواجهه يستدعي مستوى عالٍ من الوعي والتصدي لهذه الظاهرة المرعبة. فهذا الموضوع ليس فقط مسؤولية القادة والحكومات، بل هو تحدي يتطلب مشاركة جميع أفراد المجتمع للتعامل معه بكل جدية وحزم. وبذلك ستبقى أملنا في رؤية عالمٍ أجمل يُستَحيل على الحرارة العالمية أن تجتاحه وتدمره.