من عجائب مايجري في بلدان العرب (المنكوبة جزئيا) التي يفرح مواطنوها كثيرا ويشعرون بالفخر ان من الله عليهم بقيادات ورؤساء متميزين عن اخوانهم الشعوب العربية الاخرى (المنكوبة بالكامل) ، ان اولئك يظنون انهم تساووا مع بلدان الغرب بوصول المبجلين للحكم ، فينشرون بفخر وكل ثلاثة ايام او اسبوع ان السيسي مثلا قابل امراة في الطريق فشكت له من ضنك معيشتها وانها بلا معيل ولا معاش ولا مأوى فحنا عليها و اجرى لها راتبا .او شاهد فديو عن يتيم او متشرد يطرد من قطار الانفاق لانه لايملك التذكرة فحدث كذا وقال انا بحب السيسي و،، و،، وانتشر الفديو وتعاطف الناس فارسل اليه هدية و هكذا .
او ان الكاظمي راى شابا مسلوب المستقبل ومقومات المعيشة في بيته من فقره والظروف، فاستقبله واكرمه وحسن ظروفه ، او رجل امن او عسكري يشتهر على مواقع التواصل بوقوفه في مكان رصد مهدم وقذر وخطر ولايكاد يحميه حتى من الرياح فيامر بتكريمه واصلاح المكان. وقيس سعيد يزور مستشفى فيجد اما ورضيعها ملقيين على الارض دون رعاية فيامر لهما باكرام ونقل الى مستشفى افضل ، او أن احد الزعماء في تلك البلدان “المزدهرة” وجد مواطنا يراجع على معاملته الحكومية منذ شهور فامر بانجازها فورا مع كوب شاي ساخن . وصورة للامتنان والشكر لقائد المسيرة،
والجمهور يصور والناس تزغرد، والمطبلون على وسائل التواصل ينشرون ويجعلون يومك الموصوف هذا لاطعم له ، ولا مفر لك من صور متتابعة وصفحات مختلفة تصرخ : انظروا الكاظمي يستقبل ذي احتياجات خاصة ويرعاه ، انظروا السيسي يشاهد طالبا جامعيا يضربه ضباط الشرطة فيحطمون قدميه فيامر بتحقيق ،،هلموا قيس سعيد يجد طالبا معوزا فيدعمه.
لكن عجبا ،، وكيف حصل ان تلك المراة الارملة بلا معيل ولا اعالة من الدولة ! فمثلها آلاف اذن ، فما مصيرهن اذا لم يصادفن الكاذبي ، وكيف وقع ان المحتجز المدني هذا يتعرض للضرب والاهانة ، فمثله آلاف اذن ! فما مصيرهم اذا لم يشاهد تصويرهم السيسي ، وكيف صادف ان تلك المريضة ورضيعها بلا رعاية، فمثلها آلاف اذن ، فما مصيرهن اذ لم يزرهن قيس سعيد.!
وكيف بالاف المعتقلين ظلما والمعذبين قانونيا والاف الطلبة المعوزين والاف الارامل والاف العسكريين المهملين،
كل هؤلاء ينتظرون مصادفة رؤية السيسي والكاظمي وقيس سعيد ، ومتى سيصلهم الدور اذا كان سكان مصر مئة مليون وتونس 11 مليونا والعراق 40 مليونا!
هؤلاء فهموا الرأفة والعدالة والرعاية في الحكم خطأ، وقراوا وانبهروا بعمر بن الخطاب وهما ، الرجل كان في عصور مضت والدول في نشاتها فكان يؤسس نظاما، فلهذا نسمع انه كان يسال عن الحالة او يصادفها فيعالج الامر كله بقانون او ديوان او تنظيم يعالج كل شبيه لها من الحالات فتستقر وتنتهي المعاناة او الفوضى الى الابد،
ومنه رضي الله عنه وممن قبله ومن بعده من مثله استقرت الدول ودواوينها وانظمتها وصار المواطن من كل فئة وصنف مضمون الحق مؤمن المستقبل محمي الكرامة بحسب القانون ، وهكذا هي بلدان الحضارة والآدمية اليوم لاحاجة لك ان يصادفك المسؤول ولست مهتما ان تقابله.
اما زعماء المناشدات هؤلاء اليوم و مطبلوهم الذين ايدوهم وشجعوهم في ان يصنعوا منا دولا تعيش بطريقة مصباح علاء الدين ، فاذا وجدته وفركته وخرج اليك المارد فقد اغناك ، والا فستعيش مشردا وفقيرا ابد الدهر.
فالناس في تلك البلدان بين فريقين اما مظلوم مغمور مغبون الحق فاقد الأمل وهذا حال الملايين ، او رجل يحسد ويقال له : مبروك وصلت مناشدتك .
قبحها الله من دول.