23 ديسمبر، 2024 5:48 ص

بلاســـتيك معــــاد

بلاســـتيك معــــاد

كانت أيام الحصار المفروض على العراق في تسعينات القرن الماضي إبّان اجتياح الجيش العراقي الكويت صعبة للغاية. شلت الحياة بكل معنى الكلمة ولم تكن هناك مواد أولية لتشغيل المعامل والإنتاج. فأصبحت المصانع تعمل على تدوير المواد القديمة وتصنعها من جديد وتستخدمها بدلاً من المواد الأولية المفقودة في السوق. فكانت النتائج رديئة للغاية بسبب فقدان المادة للكثير من خصائصها المهمة.

يروى أن شخصاً اسمه محمد قد حمل ابريقا مملوءً بالماء وخرج إلى (الجول) الفناء أجلكم الله. وهو يختلي هناك سمع صوتاً يناديه (ول محمد ول محمد)، نظر محمد إلى يمينه ويساره فلم يجد أحداً. عاود الصوت إلى مسامع محمد (ول محمد ما عرفتني؟). بدهشة كبيرة تكلم محمّد (منو أنت منين تحجي؟).

الصوت كان منبعثاً من الابريق (اني الابريج.. شلونك وشلونه أخوك خالد؟)

كانت صدمة كبيرة لمحمّد وهو يجد أن الابريج يعرفه ويعرف أخيه خالد أيضاً.

الصوت القادم من الابريق من جديد (ول محمد شلون ما عرفتني؟ أني كنت نعال في بيتكم.. أنت اشكد لابسني وأخوك خالد اشكد لابسني وطالعين برا).

تبين أن الابريق كان نعالاً في بيت محمد قبل أن يعاد تدويره ليتحول فيما بعد إلى ابريق. وشاءت الصدف أن يشتري محمد الابريق الذي صنع من إذابة النعال القديم في نفس البيت ليعود النعال (أكرمكم الله) هذه المرة ابريقا بيد محمد.

هكذا كانت المواد في السابق تارة خفاً كخفي حنين وتارة أخرى خرطوم ماء وتارة ابريقاً. الأمر يشبه تماماً وبالضبط عندما تجد مديراً يعين معاوناً ومدير الشعبة يعين مديراً عاماً ومن ثم يعاد المدير القديم مديراً عاماً من جديد، أي مدير معاد ومدير الشعبة يرجع مديراً للشعبة مرة أخرى أي مدير شعبة معاد.. وهكذا صعوداً ولا أريد الخوص أكثر فأكثر. وكأننا نعاني من شحة البشر كما كنا نعاني من شحة المواد الأولية. وعليه تجد الأشخاص الذين يتم تدويرهم في الإدارات فاقدي الخاصية مثل البلاستيك المعاد. وقس على ذلك.