18 ديسمبر، 2024 11:05 م

إستعانت الملائكة بالشياطين للتمكن من الحكم في بلاد كانت منطلقا للوجود فوق التراب , وحسبت أنها ستصنع الحياة التي كانت في فضاءات تخيلاتها وسرابات تصوراتها , وعندما جلست على كراسي المسؤولية , أخذت تحدق بوجوه بعضها وتتوسل بالشياطين لإخراجها من محنة الكرسي.
فجاءتها الشياطين بدستور الغنيمة , الذي بموجبه يكون لكل منها حصته , وعليه أن يفترس وبوحشية ما يشاء من بدن البلاد التي تمكن فيها , فالملائكة لها الحق أن تفعل ما تشاء , لأنها مفوضة من رب العالمين , وبعضها ينوب عنه!!
ومضت الملائكة في إفتراسها المُؤديَن , والشياطين تصفق وتهلل لما تقوم به من أعمال تدميرية وتخريبية , ونهب سافر للثروات والأموال وحشوها بأفواه الطامعين بها في مصارف الدنيا , المتلهفة للملايين القادمة إليها من بلاد الملائكة المستعينة على العباد بالشياطين.
ودارت الأعوام وتراكمت الآلام , وتسيّد الفساد والحرام , والكل ملائكة وصار إبليس فاعل مجهول لئيم , يتربص ويأتي بما يؤذيها ويخرجها عن الصراط المستقيم.
وأصبح للملائكة برلمانات وحصص ووزارات وحمايات وقصور فارهات , والشعب يتضور من الحرمان من أبسط الحاجات , فالملائكة تحكم بالقهر والجور , لكي ينال الناس جنات النعيم.
وفقدت دولة الملائكة سيادتها وعزتها وكرامتها , وتناهبتها المجاميع المسلحة وفرضت إرادتها عليها , فالغاب يقضي بإرادة القوة , فهي العدل والدستور والقانون.
ودولة الملائكة تحسب أن إستيراد نظام حكم يسمى ديمقراطيا خديجيا , بحاجة إلى حاضنات ومصحات , سيهديها إلى مسارات الحكم الرشيد , وتوهمت أن الإنتخابات بلسم , وهي لا طائل من ورائها , وناعور ويلات وصراعات وسفك دماء , لأن البلاد بلا دستور وطني يحكم الجميع , ويضبط سلوكهم بإرادة المواطنة والمصلحة العامة , ولأنها ملائكة فلا تستمع لمن ينادي بدستور وطني قويم , تنتظم تحت لوائه أطياف الوجود البشري , فيتمكن الوطن من الحفاظ على هويته الحضارية .
فهل للملائكة أن تدرك فحوى الدنيا والدين , وتعرف الوطن الأمين؟!!