لقد منّ الله سبحانه وتعالى على الامتين العربية والإسلامية بسلالة عريقة اصيلة من منبت شجرة طاهرة يعود نسبها واصلها الى سيدنا الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، انها الاسرة الهاشمية التي عُرفت عبر الايام بعدلها وانسانيتها ومواقفها المشرفة في كل الاحوال، أسرة لم تتوان يوما في ان تكون حاضرة مساندة داعمة للعرب والمسلمين والانسانية بكل المواقف سواء أكانت في الافراح او الاتراح، وكانت السباقة دائما للخير والمخلصة وفاء والحكيمة اعتدالا .
اثبتت الأيام والسنين وعلى مر التاريخ ان المملكة الأردنية الهاشمية كانت للإخوة العراقيين نعم الأخ ونعم الجار ، فاذا تحدثنا عن الاخوة فهي مثال ايجابي لها ، لانهم عرب يتمسكون بعروبتهم واخوتهم ويقدسون انتماءهم القومي ، واذا تحدثنا عن الجار فأنها كانت دائما مبعث خير ومحبة وسلام ووئام .
ولعل ما يميز العلاقة الأخوية بين العراق والأردن ، هو العمق الجغرافي والاجتماعي الذي ينفردان به عن البلدان العربية الأخرى ، لقد كان الأردن قيادة وحكومة وشعبا ، مثالا للأخوة الصادقة، وسندا ثابتا للعراق وشعبه في كل الظروف، مثلما كان العراق اخا مخلصا وكريما وخير عون له ، ولهذا التميز في العلاقة بينهما اصبح الأردنيون يستشعرون جراحات اشقائهم العراقيين وصرخاتهم التي تأتيهم من ايران الجارة التي تدعي الإسلام.
فشتان بين الجارة الغربية التي لم يلمس العراقيون منها سوى الامن والأمان والوفاء، والجارة الشرقية التي كانت على الدوام مبعث شر وحقد وغدر ولؤم وانتقام .
ولهذا نقول ان ما يصيب إخواننا الأردنيين من همّ ، هو بلا شك مبعث هم وحزن والم لنا نحن العراقيين وخصوصا الموجودين على ارض الاردن ارض الحشد والرباط، حيث تقاسمنا معهم رغيف خبزهم الممزوج بعراقة الانتماء واصالة الضيافة والاحترام ، ومن هذا المنطلق والشعور ، نقف اليوم مؤازرين إخواننا الأردنيين بشكل عام واسرة الأسير معاذ الكساسبة بشكل خاص ، وفي الوقت ذاته نرفع اكفنا الى الله متضرعين ان يعيده الى بلده وأهله سالما معافى ، وان يزرع في قلوب آسريه الرحمة والإنسانية ، ان كانوا يسيرون على خطى وهدي نبينا الكريم ورسولنا العظيم نبي الرحمة والتسامح والمحبة ، وان يستثمروا فرصة التبادل والمقايضة بأسيرتهم التي قتلت إخواننا الأردنيين وفجرت فنادقهم واستباحت دماءهم ورغم كل هذا ، لم تمتد أيديهم اليها الا بخير واحترام كعادتهم في معاملة الآخرين، فهم يطعمونها من رغيف خبزهم ويغطونها بدفء قلوبهم خوفا من برد شتائهم القارص ، فكانوا وعلى مدار اكثر من ثماني سنوات خير حافظ لها بعد الله ، فالريشاوي هي التي تملك قرار حريتها وبقائها على قيد الحياة، وسُجان الطيار الكساسبة هم من يملكون طلقة موتها ، وان كل ما سيحصل من تداعيات سلبية عليها ، فان الأردنيين براء منها ومن مصيرها .
السلام على الاردنيين الذين يحملون لنا وردة فواحة بعطر العروبة ، ولا سلام على من يغرزون في اجسادنا الحقد والكراهية.