انها ليست قصة أليـّس في بلاد العجائب للكاتب تشارلز دودجسون , التي تحكي عن فتاة اسمها( أليـّس ) سقطت في جحر ارنب لتنقل الى عالم خيالي بل هي قصة العراق الذي سقط في جحر الطائفية والضياع , اذ ان هذا الجحر الذي يعم فيه الظلام , والنفق المعتم الحالك العتمة يبدو ان لا نهاية له ابدا , ففيه شاهدنا العجائب , شاهدنا كيف يصبح المعدم بين ليلة وضحاها مسؤولا كبيرا في الدولة وهو حاصل على شهادة الابتدائية ويتحكم برقاب الناس شاهدنا من كان يتمنى ان يصبح موظف حكومي فأصبح مسؤولا كبيرا , وشاهدنا من كان يملك بسطيه في السوق يصبح مليونيرا في فترة وجيزة ومن كان لا يملك متر واحد في خربة , يملك الان شارع في احلى مناطق بغداد , شارعا ببيوته ودكاكينه , مثل أليـّس التي شاهدت ارانب وضفادع يصبحون ملوك وامراء وقضاة ,هذا ما حدث في العراق , و هناك اخرون يعملون منذ عشرات السنين وعملوا في كثير من المصالح المختلفة ولكنهم لم يقفزوا هكذا بل بعضهم لا يملك متر واحد يأوي عائلته فيه بل مازالوا يستأجرون الدور للسكن , ويتنقل من دار الى دار ومن منطقة الى منطقة ومن زنكة الى زنكة على قولة العقيد المخلوع ( القذافي ) .
نعم في بلاد العجائب , في بلاد ارض الرافدين حدث كل هذا , صار المتخلف عالم , والعالم صار محكوم باغبياء هذا الزمان , نحن لسنا ضد المجتهدين في حياتهم بل نحن ضد هذه الفوضى وضد هذا الثراء المشكوك فيه , نحن مع تشريع قانون من اين لك هذا , اذ ان من غير المعقول تتنامى هكذا ثروة في فترة وجيزة , لابد من العمل على معرفة مصادر هذا المال والعمل على وضع دراسة حقيقية لحجم كل ثروة من اين جاءت وكيف حصل عليها لا يمكن ان ينمو هكذا مال خلال اعوام قليلة .
ولكننا نؤكد ان نجاح المجتمع يتحقق حين يكون الرجل المناسب في المكان المناسب , عفوا , حتى لا يزعلن النسوة , نقول ان المرء المناسب في المكان المناسب هو من يضمن تقدم المجتمع , ومحاسبة المقصر , وتطبيق القانون هو من يردع كل من تسوّل له نفسه في مد يده الى المال العام .
في بلاد العجائب هذه , اي في بلاد الرافدين لا يحاسب المقصر ولا يسجن السارق , و المبدعين والحريصين من ابناء الرافدين يقتلون بكواتم الصوت او يفخخون ويقتلون, يقتل الطبيب والاستاذ والصحفي ولا تتوفر الحماية لهم , بل الحماية هي لمن لا يستحقها , ومثلما تندهش (أليـّس) من هكذا وضع , نحن نندهش من هذا الخراب والتخلف والفساد في كل مرافق الحياة انه كالطاعون ينتشر بين الناس والمال يفسد الاخلاق اذ يصبح وسيلة وغاية , وصار المال يوفر المنصب والسلطة فالمناصب تشترى وتباع .
على المعنيين في الحكومة ان ينتبهوا لهذا , والعلاج هو ان تضع قوانين جديه في تتبع كل ثراء وكل ثروة , فكلما تتضخم الثروة يتضخم صاحبها جبروتاً ويشتري ذمم ضعفاء النفوس .
الا ان الفرق بين قصة أليـّس في بلاد العجائب وقصة عجائب ارض الرافدين , هو ان أليـّس تمتعت في سقوطها بجحر الارنب اما العراق فانه يذبح في جحر الطائفية والجهل .