23 ديسمبر، 2024 4:40 ص

بلاد الأفغان بين تطلعات الشعب وتطرف حركة طالبان

بلاد الأفغان بين تطلعات الشعب وتطرف حركة طالبان

من المؤسف ان الباحث لا يجد بالمطلق دولة اسلامية مستقرة او متقدمة وفق معايير التقدم الدولية ، وقد تساءل الكثير من الباحثين في الشؤون الاسلامية عن اسباب هذه الفرقة الاسلامية التي نتج عنها تخلف مزمن ، اهذه الاسباب تعود الى غموض الدين ام الى سؤ التفسير.؟ ولو رجع اي منا الى أصول الدين اي دين لرأه مدعاة للورع وحب الانسانية والدعوة الى بناء الانسان والاوطان. والدعوة الاسلامية لم تكن لتخرج على هذه المعاني ، ولكن المذاهب كانت وراء التشتت والانقسام بالتالي الحروب الطائفية وما تركته من فرص للتراجع القييمي والأخلاقي تمهيدا للتتدخلات الأجنبية الفكرية منها والاستعمارية ، فبعد أفغانستان غزا الأمريكيون العراق وهما دولتنان مسلمتان ، وقد خلف الغزو فيهما التراجع القييمي والقصور الاخلاقي وصار الشعبان في مهب ريح السياسة ومهابط الفساد ،
لقد دخل الاسلام الاموي بلاد الأفغان نهاية القرن السابع الميلادي بعد هزيمة الساسانيين في معركة نهاوند ، وبرغم دخول الاسلام وإشاعة قوانين الشريعة الاسلامية الا ان الشريعة القبلية وقوانين قبيلة البشتون الكبيرة ظلت مظللة بقواعدها على الكثير من الأحكام في مجتمع دولة الأفغان ، حتى قيام الأمير الافغاني عبد الرحمن (1880- 1901) ، بفرض منهج قانوني جديد ، بعد ان أصدر مرسوما يقضي بوجوب توافق كافة القوانين وأحكام الشريعة الاسلامية بدلا من الأحكام البشتونية، وعلى مذهب ابي حنيفة النعمان ، مبدئا عهدا جديدا من الانقسام الطائفي ، نظرا لوجود الطائفة الشيعية الاثني عشرية والشيعية الإسماعيلية وغيرها من الطوائف ، غير ان تسييس الحركة الدينية وأبعادها عن الدعوة والإرشاد كان في العام 1858، بين طلاب جامعة كابل، والمعروف أن الأفغان خرجوا ليبشروا بالدين الإسلامي والدعوة إليه منذ بداية القرن العشرين وعلى يد جمال الدين الافغاني الذي استقر في مصر وكان من اسباب ظهور جماعة الإخوان المسلمين على يد حسن البنا، غير ان الحركات الاسلامية السياسية في افغانستان لم تكن تنتشر الا على يد جماعة طالبان ، وهي حركة تكونت بعد خروج القوات السوفيتية وبالتحديد عام 1994 يقيادة الملأ محمد عمر وقادة من المجاهدين أما جنود الحركة فكانوا من اللاجئين الأفغان الذين كانوا يدرسون في المدارس الدينية الباكستانية ، وقد عملت باكستان الاسلامية على تشجيع ونمو حركة طالبان ومكنتها من الاستيلاء على السلطة عام 1996-2001 ، وكان لشدة تطرف الحركة وابتعادها عن المسلمات الاساسية للدين الاسلامي ان تعادت مع الشعب الافغاني ، فقد حاربت الثقافة وازالت النصب والتماثيل (على انها اوثان ) وناصبت المرأة العداء وحرمتها من التعليم ومنعنها من مغادرة المنازل ، وحاربت الاختلاط الجامعي ، وأشاعت الفوضى القانونية ، وقتلت على الهوية ، وحاربت كل الدعوات التقدمية وفرضت ديكتاتورية غاشمة على الشعب الافغاني ، وقامت بتصدير الارهاب الى العالم باسم الاسلام وكان اخرها تفجير برجي تجارة نيويورك الذي تسبب به اسامة بن لادن وبسبب عدم موافقة طالبان تسليم زعيم تنظيم القاعدة قامت الويلايات المتحدة وحلف الاطلسي بغزو أفغانستان والاطاحة بحركة طالبان عام 2001، واليوم تسلم الويلايات المتحدة افغانستان الى حركة طالبان لتبدأ بهذا التسليم إمارة الدولة الاسلامية على حساب الشعب الافغاني المتطلع إلى دولة مدنية بعد ان خاب ظنه في دولة أشرف غني الفاسدة التي تركت السلطة دون مقاومة لحركة طالبان ،، وربما ايضا بابعاز من الويلايات المتحدة.
ان تلاعب الويلايات المتحدة بمصائر الشعوب ومحاولة تسليم السلطة في العالم إلى الحركات الدينية الاسلامية كما حدث في العراق ومصر وتونس واليمن وحتى في ليبيا هي محاولة ليس المقصود بها تمكين الاسلام وإنما يراد منها الصراعات الاسلامية الطائفية ، كي تظل شعوب هذه الدول متخلفة تشتري التكنولوجيا والسلع وتظل ماضية في الاقتتال الداخلي بالأسلحة الغربية،
واليوم يتطلع الشعب الافغاني الى موقف عالمي حقيقي يوقف طالبان عن التطرف والاعتداء على النساء والحريات ….