حتى في ذيل القائمة لم يكن لنا موقع هذه المرة، ولابدّ من أنّ القائمين على الترتيب والتصنيف قد استكثروا علينا إعطاءنا مقعداً في الصف الخلفي بين الدول التي تضمّنها مؤشر التنافسية العالمية للسنة الحالية (2017 – 2018).
هذا المؤشر يُصدره في تقرير سنوياً المنتدى الاقتصادي الدولي، وشمل هذه السنة 137 دولة. عربياً احتلت دولة الإمارات المركز الاول في المؤشّر (الثامن عشر دولياً)، تلتها قطر في المركز الثاني ( الثامن عشر دولياً)، أعقبتها السعودية في المركز الثالث (التاسع والعشرين دولياً)، وجاءت مصر في آخر القائمة عربياً (115 دولياً)، فيما استخسر علينا معدّو التقرير ومنظمو المؤشر حتى المركز الأخير، مع أننا عادة ما نأتي في ذيل القوائم الخاصة بالنظافة من الفساد الإداري والمالي ومكافحته أو بالعيش الرغيد في المدن، أو بالسعادة وسوى ذلك.
لم يأتِ لنا أي ذكر في المؤشر والتقرير، كما لو أننا ما كان لنا أي وجود على خريطة العالم ولا في المنظمات الدولية (الامم المتحدة، دول عدم الانحياز، الجامعة العربية، منظمة الدول الاسلامية…. الخ)، وكما لو أننا بلا جذور في التاريخ تمتدّ الى سومر وأكد وبابل والدولة العباسية ودولة الملك فيصل بن الحسين وعبد الكريم قاسم وسواهما.
المعايير المعتمدة في تصنيف هذا المؤشر هي: المؤسسات، البنية التحتية، الصحة، التعليم والتدريب، كفاءة سوق العمل، الاستعداد التكنولوجي، حجم السوق، الابتكار.. وغير ذلك. معنى عدم وجودنا في مؤشر التنافسية العالمية أننا صفر على الشمال على صعيد هذه المعايير التي لابدّ من توافر الحدّ الأدنى منها لمنح الكيان السياسي – الجغرافي صفة دولة.. بمعنى آخر إننا لسنا بدولة في نظر العالم والمعاهد والمؤسسات البحثية الرصينة… و”الفضل” الكبير في هذا يرجع من قبل الى صدام حسين وحروبه، ثم الآن لورثته من أهل الإسلام السياسي وفسادهم.
تعليقاً على أزمة الماء التي نكابدها الآن حمّل أحد أعضاء مجلس النواب، هو محمد العبدالله، وزراء الموارد المائية السابقين مسؤولية الأزمة قائلاً في تصريح صحفي إن “هذه الأزمة يتحمّلها الوزراء السابقون لأنهم في زمن الموازنات الانفجارية لم يؤمّنوا مستقبلاً مائياً للبلد، وها نحن اليوم ندفع الثمن”، مضيفاً أن “وزراء الموارد المائية السابقين والجهات التنفيذية في حينها انشغلوا في عقد الصفقات والتنافس على المناصب وتركوا القضايا التي تمسّ الشعب وتجاهلوا مهامهم الأصلية بإقامة المشاريع الستراتيجية التي تخدم البلد على مرّ الأجيال”.
هذا الكلام السليم الصحيح ينطبق كلمة كلمة وحرفاً حرفاً على الغالبية العظمى من الوزراء السابقين ورؤسائهم ونواب رؤسائهم وسائر كبار المسؤولين في الدولة، فأزمة المياه ليست المعضلة الوحيدة التي نواجهها.. ثمة إلى جانبها مئة معضلة ومعضلة .. ولهذا بالذات ركننا المنتدى الاقتصادي الدولي جانباً، بل دفعنا إلى زاوية النسيان في تقريره السنوي ومؤشّره الخاص بالتنافسية العالمية!