20 ديسمبر، 2024 9:36 ص

بغداد وحرب الأضداد

بغداد وحرب الأضداد

بعد سقوط بغداد(وطالما سقطت بغداد!)، لكني أقصد سقوطها الأخير عام 2003، حيث نهاية العهد البعثي الفاشي، على يد الإحتلال الأمريكي، فرح “مقداد” فرحاً كبيراً، وخرج إلى الشارع مهرولاً، لا يدري إلى أين يذهب، حتى ظن أهلهُ أنهُ فقد عقله، وهو الشئ الذي تميز به عن أقرانهِ فيما سبق.

“مقداد”، أحد السجناء السياسيين، الذين عذبهم صدام أشد العذاب، وبعد أن إستطاع أهله إخراجه من المعتقل، بدفع مبالغ كبيرة من المال كرشوة للجهاز القمعي الصدامي، عاش حبيس الدار، يطالع كتب الدين والنبؤات، ويحاول معرفة مدة حكم وزوال صدام، وكان يُكثر بأن الفرج قادم، وأن من سيقضي على صدام، هو المنقذ والأمام المنتظر، ونحن نعيش أيام الظهور المقدس لا محالة.

بعد أن دخل “مقداد” الدار، صرخ قائلاً: أمريكا هي الأمام! أمريكا هي المنقذ! ثم دخل في نومٍ عميق، حبسهُ أهلهُ حيثُ ظنوا أنهُ سيذهب للأمريكان، ولعله يقتل، بعد ذلك إتصل به أقرانهِ من السجناء، حيث تم تأسيس هيئة السجناء السياسيين، وتبغدد “مقداد” بالمال والسفر، وحج البيت المعمور.

إستطاع أقران “مقداد” إقناعه، أن أمريكا ما زالت هي العدو، وأن ما قام بهِ، ردة فعل لا يجوز أن تصدر من مثله، ولكن الرجل ما ترك أمريكا، حتى تولى المالكي رباً ومنقذاً له!

في تسعينيات القرن الماضي، نصب البعثيون جدارية كبيرة، في الجزرة الوسطية في منطقة بغداد الجديدة، مقابل موقف باصات النقل العام، وفي أحد الأيام عند غروب الشمس، جاء رجل وأخذ يطوف حول الجدارية مردداً(لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك …الخ) ويطوف سبع أشواط حول الجدارية، كما يفعل الحجيج في مكة!

وقف الناس مدهوشون من فعل هذا الرجل، قال بعضهم: مجنون، ومنهم قال: إنه مدسوس من قِبل النظام، فالشرطة بقوا واقفين، ولم يتحركوا نحوه، وآخر قال: إنه يعي ما يفعل، فهو يرى صدام يتحكم بأرواح الناس، وأرزاقهم ولا من راد له ولا رادع.

اليوم ينقسم الناس إلى قسمين، أحدهما يعتقد أن أمريكا هي المنقذ ولكل قوم هاد! وأخر يعتقد بأنها الشيطان الأكبر، وكِلا التسميتين تصب في صالح أمريكا، وهو المطلوب الذي سعت إليه، فإن من شأن هذا التفكير تولد صراع خارجي، بين مؤيدي ومعارضي السياسة الأمريكية، ينجم عنه خسارة المتصارعين وربح أمريكا، كذلك وأن هذا التفكير، يجعل الناس لا تتوقع أن بإمكان أحد، الوقوف في وجه أمريكا أو مقارعتها.

بقي شئ…

نجى مَنْ كان خارج هذا الإطار الفكري، الذي لبى النداء، ونادى: لبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك ياحســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـن

أحدث المقالات

أحدث المقالات