22 نوفمبر، 2024 11:40 م
Search
Close this search box.

بغداد وانقرة تؤجّجان الدهشة .!

بغداد وانقرة تؤجّجان الدهشة .!

إن َّ منْ اصعبَ الصعابِ صعوبةً هو إستماع المتلقّي لأخبارٍ حقيقيةٍ لا يمكن إدخالها في جهاز المنطق , او انها ” خارج نطاق التغطية ” للعقل البشري .
الأسطر اعلاه هي ليست سوى الحدّ الأدنى ممّا يجري في العراق , على الرغم من أنّ الواقع أقلّ من ذلك بكثير .!
   على الرغمِ منْ أنّ المفارقات قد تداخلت وتفاعلت فيما بينها في العراق ’ إلاّ أنَّ نسبة هذا التداخل المتفاعل قد بلغت حدّاً يربك إعلام الدولة ويجعله في حركةٍ فائقة السرعة من الإهتزاز .!
< ماذا نفهم , وماذا سيفهم الرأي العام العربي والعالمي حين يعلن او يصرّح السيد ” العبادي “ويبدي استغرابه من قصف المقاتلات التركية لمعسكرات وقواعد P.K.K – مقاتلي حزب العمال الكردستاني- التركي داخل الاراضي العراقية . ويضيف : ” أنَّ مقاتلي ال P.K.K يتواجدون داخل الأراضي التركية وليس في العراق > بينما يصرّح المستشار الإعلامي لرئيس الإقليم  بأنّهم في ” قيادة الأقليم ” لم يطالبوا برحيل مقاتلي ال P.K.K عن اراضي الأقليم .! , وقد لوحظ منذ بداية ازمة دخول تركيا على الخط ظهور او اعلان تصريحات متناقضة من  الأقليم تتلخّص وتتراوح في مجملها بين تأييدٍ لبقاء مقاتلي المعارضة التركية – الكردية , وبين الطلب منهم ” في الإعلام ” لمغادرة اراضي الأقليم , وهذا التباين في التصريحات الكردستانية العراقية إمّا أنْ يكون مرتبكاً جرّاء الغارات الجوية التركية على معاقل ال ” ب.ك.ك ” داخل كردستان العراق وسببه التعاطف الأثني او العرقي مع اكراد تركيا , وإمّا أن يغدو ذلك كتشويشٍ مقصود بغية التذويب النسبي لإحتضان الإقليم للمعارضة التركية – الكردية , بالرغم من أنّ ذلك لا يخفى على المخابرات التركية او المؤسسة العسكرية التركية والتي هي مركز الثقل في ايةِ حكومةٍ في تركيا .
الموضوع ” هنا ” مليء بكثافةٍ مضغوطة ومتشابكة بالتناقضات المثيرة للإستغراب , فعلى الجانب الآخر أي الجانب التركي , فأنه ايضا يشارك حكومة العبادي وحكومة البرزاني ” في هذه المتناقضات التي تناقض نفسها .! ولكنّ حكومة انقرة آثرتْ إظهار صورةٍ متلفزة او إعلامية بموقفٍ يتّسمُ بالسذاجة المفبركة .! حيثُ إتّهمت تركيا حكومة العبادي بالعجز عن السيطرة على الحدود .!! , وبقدر ما يثيره ذلك من سخريةٍ و تندّر وكأنه اشبه بكوميديا سياسية وإعلامية مشتركة ما كان لها أن تغدو بهذه الصيغة بأيّ شكلٍ من الأشكال .! حيثُ جليّا بدا أنّ حكومة انقرة قد أعفَت ْ قيادة البرزاني من احتضانه ودعمه لل P.K.K واستبدلتهُ وحمّلتهُ الى حيدر العبادي الذي لا ناقةَ ولا جَمَل ولا نَملة في ذلك .!
الخارجية التركية اوغلت مؤخراً في تصريحاتها المضادة لحكومة العبادي بقولها :< انه من غير الممكن قبول او فهم الأعتراض العراقي على قصف اوكار ” ب.ك.ك ” داخل الأراضي العراقية , وهل يحقّ الإعتراض لمن لايمكنه السيطرة على حدوده .! > .
ونتمنى هنا لو كنّا نجيد اللغة التركية لنطّلع على ردود الأفعال الساخرة لوسائل الإعلام التركية واحزاب المعارضة الأخرى من تصريح الخارجية التركية هذا , وهل هنالك مَنْ لا يعلم بعدم وجود أيّ أثرٍ ولا آثار أقدامٍ للدولة العراقية في الأقليم ولا في اجوائه ايضا , لكنّه بجانب ذلك كلّه ” وبالرغم من عدم صلاحيته لإذاعته في الإعلام ” فأنّ بيان وزارة الخارجية التركية لمْ يأتِ من العبث , فأنه يعكس حنيناً مخفٍ الى إعادة الأتفاقية السابقة مع البرزاني في تهجير مقاتلي ال P.K.K الى العراق في وقتٍ لاحق , أمّا القصف الجوي الحالي فعدا كونه امتداد لحالةٍ مزمنة تمتد لنحو اربعين سنةٍ من القتال بين مقاتلي الأكراد الترك المعارضين لأنظمة الحكم في تركيا , وانّ الغارات الجوية الحالية لها اهدافٌ مزدوجة , فهي تأتي كردّ فعلٍ تجاه العمليات التفجيرية والإرهابية التي بدأت في مدينة ” سروج ” التركية ولم تنته في غيرها , والهدف الآخر لذلك هو التهيئة النفسية والإعلامية للأنتخابات المقبلة في تركيا .
وقد لاحظنا في ” الإعلام ” مهارةً مشهودة في إعداد البيان او التصريح التركي الأول بعد عملية التفجير في مدينة ” سروج ” التي يقطنها اكراد تركيا , حيث جرى حينها اتّهام داعش ” اولاً ” في ذلك العمل الأرهابي < بالرغم من أنّ داعش لايمكنها ان تخطو خطوة واحدة بدون علم المخابرات التركية , كما أنّ داعش لم تعلن عن مسؤوليتها عن تلك العملية وآثرت التزام الصمت تجاه اتهامها وذلك كمجاراةٍ ومجاملة لحكومة انقرة في هذه اللعبة السياسية > . الجانب الآخر من مهارة الموقف التركي هو الموافقة الفورية لفتح احضان قاعدة ” انجرليك ” أمام المقاتلات الأمريكية وذلك لإبعاد الشبهات اتي غدت تلاحق تركيا في دعمها للدواعش .
  أمّا عن الحكومة العراقية فلا زالّ وما برحّ الجهل يتسيّد موقفها في ادارة العلاقات مع دول الجوار والدول العربية ايضا , ولمْ يعد ذلك بمستغربٍ في عدم القدرة على ادارة الوضع الداخلي في البلد .
[email protected]

أحدث المقالات