18 ديسمبر، 2024 9:03 م

بغداد واربيل تملكان خيارا واحدا، التحاور والتعايش

بغداد واربيل تملكان خيارا واحدا، التحاور والتعايش

مهما كانت مواقفنا السابقة ، وكيفما كانت طموحاتنا ومشروعية ما نحلم به . فاننا اليوم امام واقع ينبئنا ان مصلحة كردستان والحفاظ على مكتسبات شعبها ، يحتّم عليها التمسك بخيار الحوار والتفاهم مع بغداد . اننا امام حقيقة ليس من المنطق تجاهلها ، وهي ان المحيط الاقليمي والدولي لا يستسيغان ولادة عضو دولى جديد في منطقتنا ، فحتى اولئك الذين يقفون الى جانب الشعب الكردي ويعلنون عن احترامهم لحقوق وارادة الكرد وحقهم في تقرير المصير ، لا يخفون موقفهم من ان القيادة الكردية اختارت التوقيت غير المناسب .
لست هنا بصدد استعراض المواقف الدولية الداعمة لوحدة العراق ، ولا المواقف الاقليمية التي ترفض الاستفتاء وتطالب بالغائه والتلويح بكل ما يتوفر لها من خيارات ، ومنها الخيار العسكري ، لارغام كردستان على التراجع . هذه المواقف واضحة و سلبية وليس من بينها اشارة تميل لصالح كردستان يمكن الركون اليها.
موقف الحكومة العراقية يتسم برد فعل شديد ، وينمّ عن نيتها اتخاذ اجراءات قاسية وان استبعدت حتى الان استخدام القوة العسكرية والتي فوّض مجلس النواب رئيس الوزراء حق استخدامها فعليا لمنع المضي في اجراءات الاستفتاء ، لكن هناك اجراءات تقول الحكومة العراقية انها قانونية ودستورية مثل السيطرة على المناطق المتنازعة عليها وادارة المطارات والمنافذ الحدودية وواردات النفط .
ارى ان ما ذهب اليه السيد نيجرفان البارزانى بقوله (( لا نرغب في ا ستقلال يجرّنا الى حرب)) هو عين الحكمة ، يجب على الاطراف كافة تجنيب الشعب العراقي حربا داخلية تكون كارثية وفق جميع المعطيات . فالحرب لا يشكل حلا ، والحروب كلها ، حتى ما يسمى بالحروب المقدسة ، مشؤومة وقذرة .
فاذا كان خيار الحرب مستبعدة من اجندة القيادة الكردية لا يبقى امامها الا خيار الحوار مع بغداد والدول الاقليمية ،خاصة وان اكثر من طرف كردي لم يكن مع اجراء الاستفتاء ، كما وليس مستبعدا ان تتراجع اطراف اخرى وتحمّل قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني ما يحدث من اثار سلبية لعملية الاستفتاء .
في اعتقادي ان المفاوضين الكرد ، عليهم محاولة اعادة الامور الى ما قبل يوم 25 ايلول ، لان محاولة جني ثمار الاستفتاء لن تكون ناجحة بعد ان كسبت بغداد دعما قويا ، بل يقول البعض ان الكرد خسروا ورقة الاستفتاء وعليهم محاولة الخروج من المفاوضات باقل الخسائر . كما ان حكومة بغداد مطالبة بالتصرف بحكمة وقبول الحوار الجدي وعدم الاستقواء بالمواقف المعادية لجزء من شعب العراق ، ويجب ان لا تتصرف وكأنها تتبع سياسات الحكومات السابقة لان ذلك قد يدفع الكرد الى سلوك طريق يضرّ بكل العراقيين . على القوى السياسية العراقية ، شيعة وسنة وتركمانا وغيرهم ، ان لا تفكّر بالانتقام ومصادرة مكتسبات الكرد الدستورية ، ان الكرد مكون اساسي من مكونات شعب العراق ويجب ان يشعروا بمواطنتهم ، على هذه القوى العمل على جعل الكرد يعتزون بعاصمتهم بغداد وبدولة عراقية تقبل الشراكة الفعلية وتقيم عقدا اجتماعيا جديدا قائما على الثقة والمحبة والتسامح ويستند الى الحق والعدل . فهل بامكان بغداد طمأنة الكرد وجعلهم مشدودين اليها كما يفترض بكل مواطن عراقي ؟
ما حصل حصل ، ولا زلنا شعبا واحدا ، ادركنا جميعا ان قدرنا ان نتعايش وننبذ الكراهية ونقبل احدنا الاخر ونتشارك ، ونحييّ الاخوة العربية الكردية التركمانية، وسائر الاعراق والطوائف الاخرى . ونعمل للتوصل الى نتائج ترضي الجميع وفق الدستور والقانون والحق . ولا غالب ولا مغلوب .