22 ديسمبر، 2024 11:42 م

تأريخيا لطالما قمع التطرف التطور العلمي
كانت قديما بغداد اكبر مركز إستقطاب للتعليم على وجه الأرض
إستقبلت جميع الديانات والفلسفات والعلوم في مدارسها ومكتباتها
وعلى مدى خمسمائة عام
تدفقت الابتكارات العلمية على نحو لم يشهد له العالم مثيلا.
وما زال تأثيرها ملموساً حتى اليوم في ثقافتنا المعاصرة .
فقد وجدتُ أن أغلب اسماء النجوم مشتقة من أسماء عربية ..
مثلا نجم اسمه الرجل الجبار (alrigel al gebar)
ونجم آخر اسمه ذنب الدجاجه(denab) .
ونجم اسمه العقرب ( acrab)
ببساطة ان هذه النجوم تم تحديد أسمائها من قبل علماء من العالم العربي ..
من بغداد تحديدا
وحتى ان إستخدام الارقام العربية ( 12345) بدلا من الارقام الرومانية( |,||,|||,|¥,¥) ما اكثر انتشاراً
وظهرت كلمة الجبر (algebra)
محاطة بسلسلة من المعادلات متعددة المتغيرات.
وبعدها كلمة السمث(azimuth)مع رسم بياني يصّور زوايا على أفق الأرض وبعدها كلمة خوارزمية(algorithm) مع مجموعة من الصيغ
وهنالك كثير من الأسماء عن مدينة بغداد .. وبغداد ليست كواحدة من عواصم الشرق الأوسط المُغبّرة التي تمزقها الحرب من غير أن يعرف البعض إنها كانت في ما مضى مركز التقدم العلمي الإنساني
وبحلول نهاية القرن الحادي عشر كان اعظم إكتشاف فكري على وجه الأرض يجري في بغداد وحولها ..
وفجأةً بين لحظة وضحاها تغير ذاك الإبداع الى خمول فكري أصابها إلى يومنا هذا . فقد ظهر علماء إسلاميون معروفون بتزمتهم وتطرفهم كتبوا في التشكيك بمنطق أفلاطون و أرسطو .. وعلق أحدهم ان الرياضيات فلسفة الشيطان . فاطلقوا بذلك مجموعة من الأحاديث التي قوّضت التفكير العلمي ..
فاصبحت دراسة الفقه إلزامية .!!
وفي نهاية المطاف إنهارت الحركة العلمية المعاصرة بأكملها
تبخرت الكلمات العلمية فوق رؤوسهم وحلت مكانها صور لنصوص متطرفة .
وهكذا فلم يكن الوضع العلمي المسيحي افضل . فقد ظهرت أساليب القتل الممنهج والسجن والشجب الذي مارسته الكنيسة ضد بعض ألمع العقول العلمية في التأريخ أخَرَ التقدم العلمي البشري قرون من الزمن على الأقل فقد طال هذا التعسف علماء الفلك امثال كوبيرنيكوس وغاليلو وبرونو. فقد أعلن للإتحاد العالمي للجمعيات الطبية الكاثوليكية الحرب على الهندسة الوراثية زاعما أن العلم يفتقر إلى الروح . وبالتالي يجب أن يكون مقيدا من قبل الكنيسة
فقد ظهر أحد المبشرين الشباب على شاشة التلفزيون وهو يضرم النار بنفسه خارج مؤتمر عابر للبشرية . وانتشار لوحات إعلانية دينية غاضبة تدين أبحاث الخلايا الجذعية
مما تقدم نرى أن الميثولوجية الدينية طغت على العقل العلمي .. لكن هدير صوت العلم أعلى ..
انه الصوت المتعاظم لنهر المعرفة العلمية العنيد
منذ أن اكتشف الإنسان النار اخذ النهر يزداد قوة ولذا استغرق البشر ما يزيد عن مليون سنة لاكتشاف العجلة بعد اكتشاف النار ثم احتاج الإنسان إلى بضعة آلاف من السنين لاختراع المطبعة . ولم يمضِ سوى مائتي عام حتى بنوا التلسكوب وفي القرون التي تلت ذلك وعلى فترات زمنية أقل من ذي قبل انتقل الإنسان من المحرك البخاري إلى السيارات التي تعمل على الغاز . ومن ثم إلى المكوك الفضائي ولم يلزم بعد سوى عقدين من الزمن حتى بدأ الإنسان من تحديد الحمض النووي .
الإنسان الغير متطرف الذي لا ينتمي ألا لذاته متطورٌ علميٌ في طبعه .
يقيس الإنسان الان تقدمه العلمي بالاشهر يتقدم بسرعة مذهلة ولن يمضي وقت طويل قبل أن يبدو أسرع جهاز كومبيوتر خارق في يومنا هذا قديم العهد . سيكون التطور البشري في السنوات القليلة القادمة صادم جدا وخطير ولا يمكن تصوره اطلاقا .. فعلينا نحن اقول نحن في الدول النامية ان نتخلص من أغلال تفكيرنا الماضي فقد آن الأوان لنتشارك متعة الاكتشاف وحث القول على مغادرة القيود التي فرضها المتطرفون