23 ديسمبر، 2024 5:28 ص

اطلق الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور على بغداد اسم مدينة السلام حين بناها لعله كان يأمل ان تكون مدينة آمنة ومستقرة ، ولكن ما حدث هو العكس فلم تكن بغداد آمنة منذ ولادتها فقد توالت عليها الحروب والدمار فمن هولاكو الى الحرب العالمية الاولى ثم الثانية والثورات والانقلابات ثم حرب الخليج واخرها الحرب المدمرة التي قضت على كل شئ جميل فيها حتى النفس البشرية الحلوة البسيطة التى كان يتميز بها المجتمع البغدادي ، وبعد ان كان يضرب بها المثل في الرفاهيه والدلال والتبغدد اصبح يضرب بها المثل في الدمار وعدم الامان وتفشي الفساد والارهاب  لذلك  رحل عنها كثير من اهلها العاشقين لها  وفضلوا معاناة الغربة وعدم الاستقرار النفسي على العودة رغم الحنين الكامن في داخلهم ، وعندما تسألهم مادام هناك معاناة والم الفراق وحنين للوطن لماذا لاتفكرون بالعودة فيكون الرد لا نعود لاننا استرجعنا انسانيتنا التي فقدناها في بلدنا، هنا الامن والامان والنظام ، الانسان له قيميته منذ ولادته الى ان يدفن تحت التراب وحتى الحيوان له منزله خاصة ورعاية واهتمام ، نتحمل عذاب الغربة والم الفراق على ان نفقد انسانيتنا وكرامتنا مرة اخرى ، فقدنا كل شئ جميل، دجلة الخير وضفافها وليالي ابو نواس وصوت ام كلثوم يمتزج مع صوت الموج  فيصدر لحنا لايزال في الذاكرة ، بنينا صرحا من الامال فهوى والالق الذي كان في قلوبنا انطفى ، وحمامات السلام ابتلعتها طيور الحوم ، سلام على بلد كان يوما مزارا فاصبح قفارا ، ليت  نصحو من غفوتنا  لنرى ماحصل لم يحصل وماكان عاد ، نرى بغداد تعانق دجلة ، والطرب الاصيل يصدح في مقاهيها ، وتعود لنا الحياة بعد ان مُسخنا ولم نعد نشعر بوجودنا كبشر .