شركة ميرسر الاستشارية العالمية تضع المدينة المدورة- بغداد – مدينة أبو جعفر المنصور, وعاصمة الرشيد والأمين والمأمون. ومدينة الكاظمين والنعمان أبو حنيفة. في ذَيل قائمة المدن من حيث المعيشة. بغداد دجلة الخير وعاصمة العراق ومركزها السياسي والاقتصادي والإداري والتعليمي والثقافي والحضاري, مدينة التنوع القومي والديني.

بعد أن بناها الخليفة العباسي المنصور في القرن الثامن الميلادي..أصبح لدار السلام بعدها مكانة عظيمة, وصلت لذروتها في عهد الخليفة العباسي الخامس هارون الرشيد، فكانت أهم مراكز العلم على تنوعه في العالم وملتقى للعلماء والدارسين لعدة قرون من الزمن. وتمثل- الزوراء , أحد أسماء بغداد- حالةَ من حالات التتابع المدني في إطار موقع واحد، ففي إطار موقع الرافدين تتابعت العواصم من بابل القديمة إلى سلوقية الإغريقية وقطيسفون الفارسية، التي كانت تعرف بمدائن كسرى، ثم بغداد العربية.

تقول شركة ميرسر في تقريرها أن مدينة الأنس فيينا تربعت على رأس القائمة ..وأن مدينة بغداد لاتصلح للعيش للبشر.. بينما مدن أخرى مثل مقاديشو – عاصمة الصومال , مع شديد الاحترام لهذه المدينة تتقدم في تسلسها من حيث المدن التي يصلح العيش فيها على مدينة بغداد..

السؤال الذي يدور في أذهاننا أمام مأساة هذه المدينة العظيمة التي تغنت بها أم كلثوم في أغنيتها (بغداد يابلد الرشيد , وذكرتها فيروز في أحدى أناشيدها بغداد والشعراء والصور )..بكم بنى المنصور مدينته المدورة ؟

مالياً أكاد أجزم أن مبلغ بنائها في عهد المنصور لايعادل مبلغ ورق التواليت الذي صرفته وتصرفه حكومات العراق المتتالية منذ عام 2003, ولايساوي حتماً بغشيش المالكي والجبوري والجعفري وجوقة أحزاب الإسلام المتطرف على بغايا ودجاليين وحشاشين, وقاريء فنجان وفأل , يستعيين بهم الحكام الحاليين , لمعرفة مستقبلهم الوظيفي ومنصابهم في الحكومات التي توارثوها عن اللي خلفوهم؟؟..

كما لايساوي بناء بغداد في عهد المنصور الذي شق فيها نهر الخّر –المطمور حالياً- من أجل تبريد المدينة أيام القيض شديد الحراراة, مبالغ المحابس والمسابح الإيمانية التي يحملها كل سياسيّ العراق بلاأستثناء بعد الاحتلال , ويتباهون بها وأنواعها واثمانها أمام زوارهم, ويستخدمونها أحياناً لتهديد الطرف المقابل في الاجتماعات بمسكها من طرف وبتوتير طرفها الأخر !!

كذلك أتسائل لماذا تصّر الشركة المذكورة على أصدار تقريرها السنوي في يوم سحب يد الأمين غير المؤتمن على أمانته نعيم بن عبعوب من وظيفته كوكيل إداري؟..هل أنها فرّحة بالقرار.. ولتقول له باي باي يافاشل.. أم أنها ..إشارة للأمين الجديد على أنه أمام أمتحان حقيقي لتغيير صورة هذه المدينة العظيمة في التأريخ والأحداث, والتي لم يّزرها حاكم أو زعيم أورئيس من بقية دول العالم إلا ودهش لجمالها ..

مأساتك يابغداد أنك تُذبحبن من غرباء يتسيدون كرسيّ الأمانة والمحافظ ,دون أن يكون لهم أي توافق حضاري مع هذه المدينة.. بينما بقية المدن والمحافظات العراقية الأخرى لايترشح لها محافظاً أو موظفاً في دوائرها الأخرى.. إلا من هو أبناً لمدينته..

أرحموا بغداد وأهلها ياسادة..