23 ديسمبر، 2024 10:30 ص

بغداد تختنق.. من سيغيثها؟

بغداد تختنق.. من سيغيثها؟

وهبنا الله بنعمة الذاكره، فعندما انتقلنا الى العاصمة بغداد عام ١٩٥٤ كانت بغداد تُبْهر من حيث تنظيم شوارعها ( الرشيد، السعدون، شارع الامام الاعظم، الاعظميه و شارع المقبرة الملكيه) وكانت شوارع بغداد تغسل مساء كل يوم! كانت الاشارات الضوئيه ونظام المرور يغطي شوارع العاصمه وكانت مكاتب سيارات الاجره (التكسي) وهي من نوع شفروليت ( في زجاجتها الخلفيه طمغة المرور) المركبه الوحيده التي لمكاتبها الحق في العمل في شارع الرشيد، وكم من مره كنا نشاهد مركبة الكاديلاك التي كان الملك فيصل الثاني ملك العراق يقودها في شارع الرشيد.
بغداد كانت حلم من يزورها من الوية ( المحافظات) الاخرى وكان شارع الرشيد مزروع بالسينمات والملاهي والمقاهي الجميله وكذلك باب الشرجي والاعظميه وكذلك الحدائق الرائعه كحدائق الملك غازي في الباب الشرجي وبارك السعدون وغيرها.
ويذكر البعض ان بغداد لغاية حدوث التغيير عام ٢٠٠٣ كانت فيها حوالي ( ٤٠٠) الف مركبه وفي عام ٢٠٠٤ اصبحت (٧٥٠) الف مركبه، اما الان… فان بغداد تختنق بعد ان تجاوزت عدد المركبات فيها ال٣،٥ مليون مركبه عدا المركبات الخاصه بالمسؤولين وحماياتهم اضافه الى مركبات افراد الحمايات التي تشبه الجيوش كلها محصوره في وسط العاصمه بغداد!
هذه الاعداد الهائله لم ترافقها إحداث شوارع جديده او اجراء توسعات في الشوارع الحاليه وكذلك في ارصفة تلك الشوارع واماكن وقوف المركبات ( گراجات) وهنا يتسائل البعض حول امكانية اعادة الق بغداد.
لكن في الولقع ان بغداد تعاني من امور كثيره.. فلم تتم توسعة شوارعها لتنسجم مع الضخ الهائل في اعداد المركبات ولم يتم توزيع الدوائر جغرافياً وتنظيم حركة المرور بطريقة عصريه متطوره… وضاقت حركة المواطنين على الارصفه بسبب اشغال اصحاب المحال التجاريه والاكشاك لتلك الارصفه مما اضطر المواطنين الى السير في الشوارع كمنافسين لحركة انسياب المركبات ومع انعدام تحديد ساعات الذروه وكثرة استخدام المنبهات ( الگلاكسون) وفوضى استخدام السرعه في الشوارع وكثرة ما تنفثه المركبات من غازات مؤثره على الصحه العامه.
بغداد اليوم تأن وتضيق من امور كثيره ومن اعراض وامراض متنوعه.. بسبب عدم وجود ساحات تستوعب وقوف المركبات او تحديد الارصفه لاصحاب الاكشاك ومنع اصحاب المحلات التجاريه بنشر بضائعهم على الرصيف لان الرصيف مخصص لتامين حركة المواطنين اليوميه.. ترى من سيستجيب لاستغاثات الناس وسط ضجيج لا يحتمل ؟؟؟ وربما قد ( تَعَوَدَ الناس عليه كقدر او جعلهم يتعايشون معه مرغمين ).
بغداد فيها كل شي.. نظام مروري، وقوانين تحكم حركة المركبات ومخططات لشوارع بغداد ومقترحات ونتائج بحوث ودراسات وزيارات للاطلاع على ما يجري.. لكن كل هذا وذاك يركن في الرفوف حيث يغطيه الغبار وتبقى بغداد تأن من صداع مزمن سببته حالات التقاعس عن تنفيذ وتطبيق القوانين وارساء نظام يجاري ما هو منفذ في بعض دول الجوار ( ولا نقول او نطلب اكثر ) وكلما علت صيحات المطالبه باصلاح الاوضاع فلن تجد اي استجابه ولا احد يهتم بما يطلبون وخاصةً اجهزة المرور وقد يكونوا هم واجهزتهم السبب المباشر بخلق فوضى الازدحام وخاصةً عند حدوث الذروه .
بغداد بحاجة الى حل جذري وانقاذ وليس لانعاش في تطبيق نظام يفترض ان يتجاوز كل المشكلات ويبني نظام متطور، صحيح عملية اصلاح نظام مرور بغداد صعبه لكنها ليست مستحيله، وبغداد تستحق العناء من اجلها ان تكون بحق مدينة الرشيد بعنفوانها وتاريخها الحافل من خلال اقامة نظام مروري خلاق يتجاوز المشكلات ويتماهى مع تطورات العصر.
لذلك علينا أن ::–
أولاً:– تطبيق نظام متطور يتطلب تخطيط شوارع بغداد ومناطق عبور المواطنين ومناطق لصعود ونزول مستخدمي المركبات وتحديد السرعة في الشوارع الرئيسيه .
ثانياً :– نصب الاشارات الضرئيه واجهزة الرادار والكامرات التي تضبط المخالفات مع تحديد نوع المخالفه ومقدار الغرامات .
ثالثاً :– اعداد ساحات كافيه لاستيعاب وقوف المركبات والزام (اجهزة التخطيط المختصه في العاصمه) كل عماره سكنيه تشيد عليها ان تنشئ كراج تحت البنايه وهذا امر ملزم .
رابعاً :-يمنع منعاً باتاً قيام اي مركبه خاصه بممارسة عمل (التكسي) لاي سبب كان وفي هذا الجانب يتطلب العمل تاسيس شركات الاجره في المناطق المختلفه من العاصمه ووضع رقم هاتف الشركه بشكل بارز ليتعرف عليه المواطن بقصد تسهيل الاتصال به، وفي حالة تطبيق هذا المقترح لا يجوز ان تتحرك المركبه الا عند الاتصال بالمكتب ( سيحقق هذا المقترح اكثر من فائده وسيعرف المواطن مع من يركب) وكذلك الحال مع سيارات الكوستر التي تمارس عملها في بعض المناطق مثل ( مدينة الصدر والحريه والوشاش وكسره وعطش وهكذا) و ان تحدد دائرة المرور ذلك على ان لا تمر بمركز المحافظه .
خامساً:– منع اي تواجد لاصحاب الاكشاك بمزاحمة المواطنين مستخدمي الارصفه وكذلك اصحاب المحال التجاريه ( ويتم تغريم اي شخص يستغل الرصيف باي عمل يضيق على حركة سير المواطنين ) .
سادساً :– لايجوز اقامة او فتح محال غير نظاميه سواء لبيع الخضر والفواكه او بيع وذبح الخراف على الطرق الدوليه حصراً وخاصة بين مركز المحافظه والاطراف.
نحن مطمئنون ان بعض هذه الاراء تصلح للتطبيق الذي لا مفر منه! فهل من منفذ؟