كان من المفترض كتابة ونشر هذا المقال منذ نحو اسبوع , إثر اللقاء بين الوفد العراقي ونظرائه اللبنانيين ” في مطعم بابل ” في بيروت , ” والذي شهدَ مهاجمةً خفيفة من قِبل بعض المتظاهرين , احتجاجاً على وجود مسؤوين لبنانيين في المطاعم في ظلّ الأزمة القائمة في لبنان ” , وقد ساهمت في تأخير النشر بعض الأسباب الأخرى كتداعيات اغتيال الشهيد الباحث هشام الهاشمي , والتصريح المختصرونصف المبهم للسيد نبيه برّي بشأن الأتفاق العراقي – اللبناني , بالإضافة الى رسالة السيد مصطفى الكاظمي لنظيره اللبناني عن تأكيد التزام العراق في عرض المساعدة للبنان >> .
نبتدئُ حديثنا هنا من اصغر نقطة سبق وتناولتها بعض السوشيال ميديا بأختصارٍ او اقتضاب , وهي وجود الصحفي السابق حسن العلوي جاساً وسطَ او بين الوفد العراقي ” وهو رجلٌ كهل في ثمانينيات العمر ” , حيث ذُكرَ أنّ العلوي هذا عبرّ عن استيائه من التفاهمات التي جرى ابرامها بين الوفدين العراقي واللبناني , وقد ترجم استياءه بخشونة واضحة ” واستمعتُ شخصياً الى رسالةٍ صوتيةٍ عن مجمل حديثه ” حاول فيها ما بوسعه منع ابرام وعقد ايّ اتفاقاتٍ بين البلدين , وانتقد فيها لبنان وحتى السيد سمير جعجع ! , ولم يذكر أسم حزب الله .! , وذهبَ اكثر من ذلك مفضّلاً منح المساعدات العراقية الى السودان .! ويشار أنّ العلوي يسكن في احدى قرى بعلبك , ولم يمنعه ذلك من التهجم على السلطات اللبنانية , متجاوزاً المثل العراقي التراثي : < يا غريب كن أديب > .! , وإذ لسنا هنا بصدد الإسترسال في نقل تفاصيل كلّ ما تطرّق له , وبما هو اقرب الى السفسطة الى حدٍ غير قليل .!
لكنّ من دواعي الغرابة هو مَنْ سمحَ لهذا الشخص الجلوس وحضور المباحثات بين كلا الوفدين .! حيث من المحال أن يدعو الجانب اللبناني لحضوره في الأجتماعات , كما ليست له صفةً رسمية ليكون ضمن اعضاء الوفد العراقي , ومن الصعب التصوّر مبادرته الشخصية للحضور منفرداً وفرض نفسه .! , فتبقى اذن علامة استفهامٍ على الحكومة العراقية في ذلك , وخصوصاً عدم صدور ايّ تعليقٍ من وزارة الخارجية العراقية والوزارات الأخرى التي يمثلوها اعضاء الوفد العراقي على حديث وتدخلات العلوي , ولا ندري اذا ما كانت العملية مسرحيةً مفتعلة لتقوية موقف الوفد العراقي وإضعاف الطرف المقابل , افتراضاً .!
ثُمَّ , وكما اشرنا في اعلاه حول التصريح المختزل لرئيس مجلس النواب اللبناني , والذي ذكرَ بأنّ ما جرى الإعلان عنه جرّاء المباحثات مع الوفد الوزاري العراقي فهو مشجّع , وما لم يجرِ الإعلان عنه فهو مشجّعٌ اكثر .! وهذا هو بيت القصيد , وهنا مكمن او مربط الإبهام القابل لأكثر من تفسير , فأذا كان الأمر مشجعاً اكثر فعلامَ إخفاؤه عن الشعب اللبناني , اذا لم تقتضِ مقتضياتٌ أمنيّة .! وكأنّ المسألة تحمل رائحةً نفطيةً ” عطِرة او غير معطّرة ” وغير شرعية تتجّهُ الى جهةٍ غير الحكومة اللبنانية مثلاً .! , وفي ظرفٍ يعلن وزير الخارجية الأمريكي السيد ” بومبيو ” أن بلاده ستحول دون وصول النفط الى حزب الله , كما قد يلفت النظر أنّ الإعلان عن النتائج المشجّعة جاءَ عن طريق السيد برّي تحديداً وليس سواه من المسؤولين اللبنانيين , وهل لذلك علاقةً ما بحركة أمل الأقرب الى حزب الله والتي يرأسها السيد نبيه برّي .
الى ذلك , فالحديث موصولٌ لرئيس الوزراء العراقي في ابلاغه نظيره اللبناني وتأكيده على التزام العراق بتوفير المتطلبات النفطية وتفعيل التبادل التجاري , وخصوصاً ما تعمّد الإشارة له عن ثبات الموقف العراقي بهذا الأتجاه , بالرغم من محاولات اجهاض الأتفاق من بعض الأطراف في بغداد وبيروت .!
عراقياً ولبنانياً : فإنّ عدمُ الإعلان وكشف الأطراف والجهات التي تحاول عرقلة التوصل لإتفاقٍ لصالح البلدين , فتلك الأطراف ليست اخطر من داعش بكل تأكيد , ولعلّه يخدش من سمعة حكومتي البلدين , كما أنه مخالف لمبدأ < حرية تدفّق المعلومات في قانون الإعلام – اكاديمياً > والغير معمول به في عموم دول المنطقة .!
الأهم من كلّ تلكم التفاصيل ومداخلاتها هو وصول مادة النفط ومشتقاتها الى لبنان للحدّ من ازمته الخانقة , بعد أن خذلت العرب هذا القطر الشقيق , وبخلت عنه حتى بأغراقه بمادة الطحين قبل النفط والمساعدات المالية , وإنّ تقاطعات الدول العربية مع حزب الله اللبناني لا تبرّر ولا تسوّغ التخلي عن الشعب اللبناني في محنته هذه , وقد ظهرت مؤشراتٌ ما مؤخراً عن دخول الكويت وقطر على الخط في تنسيقٍ مفترض مع العراق لتقديم المساعدة الى لبنان , ولم يجرِ التأكّد وتوثيق صحّة ودقّة الخبر , ومن المؤمّل أن يغدو صحيحاً وسريعاً , وبأسرع ما يمكن …