اطلق الباص بوقه العسكري معلنا انطلاقه في رحلته الاخيره من (تعز)1 المدينه التي تتوسط اليمن شمالا وجنوبا وبدا يتمايل كغجريةٍ تتعلم الرقص اول مرة متجها نحو(عدن)2 الميناء الاكبر الذي يفتح اخْدوّدَيهِ كنابا فيل مكوناً اكثر من مرسى للسفن القادمة كحبيبةٍ لموعدها او التي تبحر منه مَوعُودةً بلقاءٍ اخر.
فتنشطر سواحلها الى ثلاثةٍ
ٍتتكسر المياه اللؤلؤية على صخورها البركانية المتلونه بالوان المرجان و الاسود والرمادي
والقرمزي فتزيد الساحل جمالا
الا ساحلين رمليين هما ملجأ السكان في ايام الصيف الحاره او الشتاء الدافئه
الاول هو الساحل( الذهبي) الذي يكسي اجساد السباحين بحبيبات ذهبيةٍ يصعب ازالتها وربما للمكان صلة بوجود الذهب فيهكما يدعي البعض والاخر ساحل( ابين)3ولا اعرف لماذا اكتسب المكان هذه التسميه مع ان مدينة ابين بعيدة عنه.
عدن مدينة تنام نهارات الصيف لرطوبة وحر الجو فقلما تجد واحدا في شوارعها الا للضرورة اما ليلها فينبض بالحياة .
فتزدحم سواحلها و الشوارع الموازيه لها بالناس وتضج بضجيجهم. حيث المطاعم والفنادق والبلاجات.
مدينة تفتح قلبها للقادمين.
رجالها متمسكون باللباس الشعبي المتكون من القميص و(المعوز)4 والنساء بالزي العربي التقليدي الا القلة من الصبايا المتبخترات بالجينز.
يتهادى الباص في مشيته وانا انظر للطريق الذي حفظتُ كل تفاصيله لكثرة ترددي على المدينه.بينما اسمع شخير الراكب في المقعد الخلفي وقد غط بنومٍ عميق ٍدون اكتراث لاهتزاز الباص عند المطبات وهناك من يتجاوب معه من الركاب.ٍخفض السائق من سرعة الباص وهو يلف حول انحداراتٍ جبليه يضيق بها الطريق ثم ينبسط عند الارض السهليه فيتصاعد الدخان من مفاحم صانعي الفحم المنتشره على جانب واحد من الطريق مستخدمي الاشجار البريه التي تكثر عند تلك البراري ولم ادرك لماذا تكون المفاحم على جانبٍ واحد من الطريق مع توفر الاشجار على الجانبين الا بعد عدة سفراتٍ حيث فهمت لكي يكون اتجاه الدخان باتجاه واحد، ولكي يقدم العمال المساعدة لبعضهم
.تلك المفاحم علامة مميزه للمكان اضافه لبيوت (العُشَشْ) 5 التي يتخذها صانعي الفحم سكنا لهم ولعوائلهم.
وينحدر الباص اكثر نحو اراضٍ سهليه تخترقها بقايا سيول الامطار التي تتجمع في بركٍ بعضها صنعها الاهالي للاستفادة منها في الشرب والسقي لانها المصدر الوحيدللماء في هذا المكان على مسافةٍ من الطريق تنتشر واحات اشجار المنجا والجوافه وازهار الفل والباسمين.
فترى الباعة الصبيةُ من ابناء الفلاحين يعرضون الفاكهة وعقود الفل والياسمين على الطريق يلوحون بها عند مطبات صغيرة صنعوها لايقاف السيارات.
خفض السائق السرعة اكثر وبدات انوار محلات الحلوى( اللحجيه)6 التي تشتهر في البلاد تكشف ستر الليل فلابد ان يقفتلبيه لطلبات الركاب بشراء الهدايا
فالسؤال لكل المارين في هذا المكان اين الحلوى؟.
توقف الباص عند احد المحلات ،مع ضجيج اكثر الركاب واختلافهم بالاختيار
ترجل الجميع
ووقف صاحب المحل و عماله مرحبين بالقادمين وعارضين الحلوى بالوانها واشكالها ونكهاتها.
طَلَبتُ نوعاً من الحلوى الممزوجه بطعم الشكولاته ورائحة البهار.
كانت ساخنه فزداد طعمها حلاوةً.
وعندها لابد من تناول البن المصنوع من قشرة ِثمر البن ِ وهذه ميزة اخرى للمكان .
عاود الباص انطلاقه نحو الجنوب وعند احد المنعطفات همس الراكب في المقعد الخلفي كأنه صحى من نومه
هنا حدود الشمال و الجنوب
هذه كانت دائرة الكمارك والجوازات لاهل الشمال اشار بيده الى بنايةٍ مهملةٍ مهجوره
من هنا يبدا الجنوب
هذا كان قبل الوحدةِ
هناك على مسافةٍ قليلةٍ واشار بيده مرةً اخرى الى الامام
سنصل الى نقطة المرور الجنوبيه
كانوا لايدخلون شمالياً الا بجوازِ سفرٍ .
لم اشأ التحدث معه كنت متعباً ومرهقاً من السفرِ وبدا النعاس يناعسني .عند منعطفٍ ابطأ السائق من سرعة الباص وبدا بالتوقف التدريجي.
همس الراكب مرة اخرى الم ترى انها اعلام الجنوب قبل الوحدة عاودت الظهور هذه الايام.
توقف الباص عند مطب صُنِعَ من احجارٍ جبليةٍ عنده تجمع العديد من الشباب المسلحين باسلحة خفيفهلم استمع الى مادار من حديثٍ بينهم و بين السائق لكن فهمت من بعض الركاب انهم طلبوا منه العودة للشمال وتعذر بوجود مرضى. عاود الباص انطلاقه.
وبصوت مرتفع هذه المره تحدث الراكب خلفي
انهم مجموعة من (الصِيّعْ)7 يريدون الانفصال بدولة.
بدا الخوف يتسلل الى داخلي وبدافع منه التفتُ اليه كيف المدينة؟ هل هناك مشاكل فيهااووو،،،،،مشاكل كثيرةٌ تركتها الاسبوع الفائت و المناوشات بين الجيش (والصيعْ) الانفصاليون
اخذ الخوف مني اكثر فانا سمعت الكثير من الاحاديث قبل ان اقرر السفر من موظف مكتب تذاكر الطيران لكنه طمئنني ان المطار مفتوح لذا نحن نواصل قطع التذاكر للمسافرين. الساعة تجاوزت الواحدة والنصف ليلاً ولابد ان اصل المطار عند الرابعه ازداد قلقي بعدم الوصول
الباص يلهث باللحاق بالمدينه كانت النسمات المشبعة برائحة الفل والياسمين التي تاتي من البساتين كأنها تخنقني هذه المرة على غير العادةفي المرات السابقه حيث افتح صدري لاستنشاق المزيد
خفض الباص من سرعته فثمة شباب مسلحين يلوحون له بسلوك الجانب الاخر من الطريق.توحد الطريق للقادمين والعائدين وزاد من قلقي ان لا اثر لسياراتٍ قادمة ٍ من المدينهحتى سيارات الحمل التي قلما يخلُ منها الطريق .التفت مرة اخرى للخلفهل سمحوا لك بالخروج.لاتوجد مشكلة في الخروج او الدخول لازال الجيش ممسكا بالامن لاعليك بهؤلاء اشارة للذين اوقفوا الباصعند اول نقطة تفتيش للجيش توقف الباص وصعد لداخله عسكري طالبا البطاقات الشخصيهناولته جواز سفري وسألني عن الاقامة.اني مسافر…. لابد من الانتظار لحين ورود اشارة الدخول الامنهسأتأخر….من اجل سلامتكبعد نصف ساعة من القلق والانتظار سمحوا للباص بالانطلاق ودخول المدينه مدينةٌ كانها في حالة حرب الحجارة وبقايا الاطارات المشتعله والمتاريس في شوارعها واثار الرصاص والقذائف في بناياتها فاضطر سائق الباص الى تغير وجهته عدة مراتٍ لانغلاق الطرقاتتعذر السائق بتوصيلنا للمكتب لانقطاع الطريق.وانغلاق ميدان المدينةِ وقال ساوصلكم لاقرب نقطةٍ امنة منه.ترجلنا من الباص الشوارع خاليه الا من الحجارة ودخان الاطارات المشتعله كان علينا حمل الحقائب والسير بها مسافات. عند مفترق للطريق كان صوت باص صغير قادم دون انارة لمصابيحه لوحنا له بالوقوف جميعا ،توقف منا مسافةوبعد حوار وترجي وافق على توصيلنا كلا لوجهته بعد ان طلب اجرةً مضاعفة .كنت الاول باغرائه بذلكواستسمحت الاخرين بالوصول اولا.تعذر السائق اول الامر وقال ان المطار بحماية الجيش الا ان الطريق اليه صعب وغير امن،وسخر من سفري وامام اغراء مبلغ الاجرة وافق على توصيليكانت الطريق خاليه من المسلحين والجيش وعلل احدهم ذلك ان اتفاق حصل لتلافي الاصطدام واراقة الدماءاخيرا وصلت المطار سحبت احدى العربات لحمل الحقائب اخبرني العامل ان المطار متوقف عن العمل.اسرعت بدفع العربة كأني لم اسمع ما قال للوصول الى قاعة المغادره. التي اكتظت بالمسافرينحركة الطيران متوقفه الى اشعارٍ اخر هذا ما اخبرني به ضابط الاستعلامات.في يومٍ اخر حلقت الطائرةومن النافذه نظرتُ الى البحرو المدينه لعل يوما اعود اليهاوتعود كما كانت