عندما نقول أن الفساد المالي والاداري وصل الى الحد الذي لا يطاق فهذا القول ليس عبثا أو اعتباطا وانما نابع عن حقيقة قائمة أنتجتها المحاصصة السياسية وبيع المناصب الكبيرة . ولا أريد أن أخوض في الكثير من حالات الفساد التي يندى لها جبين العراق خجلا وحياء ، بل سأذكر هنا مثلا واحدا لمسته بنفسي ( والله على ما اقول شهيد ) حيث أن حضرة صاحب الفخامة المدير العام لتربية الرصافة الأولى لا يوقع على أي عقد لترميم أية مدرسة ضمن قاطعه دون أن يتعهد المقاول بدفع ( 10 % ) من قيمة العقد للمدير العام ، وهذا الأمر بعلم رئيس قسم الأبنية المدرسية في نفس المديرية المهندس عبد الشهيد . وربما يسأل المسؤولون عن النزاهة أو الرقابة عن الدليل على هذا الاتهام أقول لهم بمنتهى الوضوح أن أولئك الفاسدين ليسوا على درجة كبيرة من الغباء ليتركوا دليلا ملموسا على فسادهم ، كما أن المحيطين بهم من الموظفين لا يستطيعون ادانتهم بأية كلمة اما خوفا من العقاب أو طمعا في بعض الغنائم البسيطة . والطامة الكبرى أن هيئة النزاهة لا تعير أي اهتمام صادق لأية شكوى أو أي تبليغ عن حالة الفساد ، بل تطلب الدليل دون أن تسعى الى التحري عن الموضوع للوصول الى الحقيقة . ووفق هذه القاعدة الهزيلة سوف يستمر الفساد وينمو ولا يستطيع أحد أن يوقفه .