الشعب في العراق إسوة بغيره من الشعوب التي تسكن المعمورة على اختلاف اجناسهم ومعتقداتهم وفكرهم يتطلع الى أن تكون له قيادة صالحة له لا عليه تكون فاعلة ومؤثرة في الاحداث التي تمس واقعه المعاشي وتلبي طموحاته المستقبلية وتكون في الوقت ذاته قادرة على احداث انقلاب على المستوى الفكري والتطبيقي ليرتقي الشعب ثقافة وفكراً وانتاجاً وان تُبعده من ان يكون ملتقاً لصراعات محورية اقليمية منها وعالمية لتبني بذلك سوراً يحميه من تاثيرات الدولة المسكتبرة والدولة المستغفرة والدولة المُكفّرة اللاتي لازالت تستكبر علينا ان نكون دولة غارقة بعراقيتها لتجرنا الى مستقبل قابع في ظلام هوته عميقة , اغلب القيادات في العراق الذي أسموه بالجديد هي قيادات سياسية وليست شعبية والفرق كبير بين ان تكون قائدا لحزب او كتلة او اي عنوان اخر وهي كثيرة وبين ان تكون قائدا لشعب يستنهض الواقع ويرفع الهمم ليحدث انجازاً باسم شعبه وان كان يحسب له , لم تستطيع القيادات على مزج اطياف شعبها ليصنعوا عطراً يعبق منه الشعب كل على طريقته وخصوصيته ويبقى العطر ما بقي العراق وأهله .
لم تكن طموحات العامة من الشعب غريبة ولا عظيمة وهي بسيطة واحيانا ساذجة ولكنها بواقعنا الحاضر اصبحت مستحيلة وغير منظورة في ادبيات الحكومة والسلطة , فلا زال الخطاب مكررا وسطحيا بعيدا عن الحسم والتطبيق , واخذ يغدقنا بالدعوات والتوجهيات والايعازات بدلا من الاوامر المباشرة والصريحة والتي تعبر عن الشجاعة والمسؤولية وابتعدت تماما عن تسمية المسميات باسمائها واستعانت بالمثل القائل ” اياك اعني واسمعي ياجارة ” كدليل ومنهج حاضر في كل الخطابات لافرق بين احدها والاخر الا بالتوقيت والمكان والمناسبة , وعلى عكس ما ينتظره الجمهور الذي أكتنفه اليأس والملل من احاديث لانفع فيها غير ان يقولوا نحن هنا جالسون وفي مناصبنا متمسكون فأرونا ما أنتم فاعلون , في كل مرة نفس الفزورة التي تحتوي على كلمة واحدة من ثلاثة أحرف ” البعض ” مع اقترانها بالالف واللام ومايتبعها من كلمات اصبحت وكانها نشيد يحفظه الكل , بعض الفاسدين والبعض الذين ينادون بالاصلاح والبعض الذي يريد ان يُرجعنا الى المربع الاول ولسنا بالطبع نعرف ماشكل هذا المربع وكم عدد المربعات التي انجزتها الحكومة الرشيدة , وهناك البعض الذي يريدنا ان نرجع الى الوراء فكم خطوة اقدمنا عليها وفي أي مسار كان ذلك , في الصناعة أو الزراعة , التعليم او الصحة , الاقتصاد او النفط , الواقع الذي نعيشه يعاكس ذلك تماما فكل تلك المسارات قد تُركت الى الوراء والخطوات تتسابق نحو الخراب والتفتيت , فما ان تُطلق تلك البعض حتى يتنابز المتنابزون ليردعوا الصدع عن شخصياتهم واحزابهم ومسمياتهم ويبدأ التأويل والتفسير وكاننا في احاديث واساطير الاولين , وهنا تنتابنا الحيرة والحسرة فأن كان الجميع من الطبقة الصالحة فمن هؤلاء البعض وكم يشكلوا من نسبة المجموع حيث ان كلمة البعض مبهمة العدد لانستطيع تقديرها فأن كان البعض نسبته قليلة فمن اين انطلق كل هذا الفساد والفشل وان كانت النسبة كبيرة فحسبنا الله ونعم الكفيل , ولكن الذي يعرفة ذلك الخليط من الصالح والطالح في المراتب السياسية العليا والادنى بان للقاعدة الشعبية مفهوم اخر لمصطلح البعض يختلف تماما عن المفهوم السياسي وببساطة شديدة فهو قد أسقط الكلمة من قاموسه وأستبدلها بعد مناشدات واحتجاجات اعقبها تسويف ووعود سائبة بكلمة ” الكل ” وهو يقصد الجميع وقد اقرها احدهم حين قال الجميع غير صالحون ومنتفعون وساكتون عن الحق مهادنون , لم يبق الا ان يكون الشعب هو المعني بالبعض ولعل القصد هم المرتشون والمعقبون وغيرهم من الذين يعتاشون على الفتات , وحتى هؤلاء البعض هم بعيدون عن حكم القانون وقبضته بما لديهم من اسانيد في مواقع مرموقة وكل شئ يجري باتقان وحسبان .
وحيث اننا تعودنا تلك الخطابات ومن اعلى سلطة تنفيذية في البلاد ولم نعد نكترث فعلا لما تحتويه لانها في النهاية لاتؤسس الى حدث يكون مغايرا لما قبله أو بعده الا اننا نستوقف مستدركين لا منتقدين ناصحين لا شامتين الخطاب الذي اطلق من مؤتمر التربية والتعليم والذي كان الحاضرون فيه من النخب العلمية والاكاديمية حيث تهافت الى مسامعنا مصطلح شعبي هو غريب في خطاب لمن هو على قمة الهرم السياسي المتنفذ في العراق هو ” أنطونا عطوى ” والعطوى هي مصطلح عشائري شائع جدا هذه الايام وتفسر على أنها أعطاء المتخاصمين والمتنازعين عشائريا مهلة من الزمن قبل كعدة الاخيار والتي تبدا بقوة الكلام ليرموا الحق على أحد المتنازعين وثم يبدأ الفصل وهو مبلغ من المال لشيخ العشيرة حصة منه , ربما قد مرّت تلك الجملة مرور الكرام على البعض ولكنها لن تمحى من ذاكرة الاعلام والارشفة , والى الان لم نرى من يأولها أو يتناولها بالحديث فالى من كان الحديث موجه وممن كانت هذه العطوى مطلوبة وهل هناك تنازع سياسي عشائري في داخل المنطقة الرئاسية الخضراء وما كان سبب هذا النزاع وأصله وفصله وما الذي سيضيفه ذلك المصطلح في التربية والمناهج الدراسية هل سنبحث تاريخ الطلايب من المهد الى اللحد أو سيضاف كنهج تربوي في كتاب دراسة العطوى عند أهل النخوى .
الصفات القيادية تُكتسب من خلال الخبرة والشعور بالقوة والجرأة والخطاب عليه أن يتبع ذلك لترسيخ شخصية القائد في نظر الحلقات التي تحيط بالقيادة من مسؤولين واستشاريين وغيرها من التسلسل القيادي فليس من الصواب أن يكون الخطاب بمستوى أقل من مستوى المرحلة أو الحدث أو المكان فالخطاب المركز الذي يدخل في صلب الموضوع ليبين
الاسباب ويقترح العلاج ويثني على النتائج الايجابية بدلا من الاستنساخ والارتجال والعفوية , فهذا لن يكون في نظر الجمهور في الواقع المحلي والعالمي الا في حدوده الضيقة والتي تنعكس سلباً على مستوى القيادة , وياويلي عليك أيها الشعب المظلوم والمستكين من عظمة الخيبة وطول الانتظار في أن يظهر من لدنك قائداً تكون عنه راضيا ويكون على وطنه وشعبه متأصلاً وحاميا , لانعرف ما العلة التي تجعل القدر لايستجيب لشعبنا حتى وأن اراد الحياة , هل ضاق الافق بنا وتنازعنا مع قدرنا وبما ملكت أنفسنا ” أنطيناه عطوى ” .