الحرب على الفساد، هي أشد ضرواة من الحرب على الإرهاب، فهي آفة تنخر جسد الدولة، وتنتهي بها الحال إلى الإنهيار، في الواقع الفساد متغلغل في جميع أركان الدولة دون إستثناء، كثير من الأموال تهدر بسببه والتي تقدر بمليارات الدولارات .
بعد ما شهده العراق في السنوات الأخيرة، من تصاعد كبيرفي عمليات الفساد، حيث تشكلت مافيات متخصصة بالصفقات المشبوهة، لها نفوذ كبير في مختلف مؤسسات الدولة العليا والدنيا، كان لابد من القيام بصولة تتناسب طرديا مع الحرب على داعش، فالفساد وداعش وجهان لعملة واحدة .
تنوعت عمليات الفساد من مكان لآخر، فالمؤسسات الحكومية، البرلمانية، القضائية وحتى الهيئات المستقلة، تمكنت العصابات الإجرامية من تشكيل فريق خاص لكل مؤسسة، يتفنن بالسرقة النصب والإحتيال، وهذا ما جعل الدولة تتأخر كثيرا عن باقي الدول المتقدمة وحتى النامية .
التقاعس أو التغافل عن محاسبة المفسدين، أدى إلى ما نعيشه اليوم من واقع مأساوي على مستوى كافة الصعد، فالتراجع الذي لحق بالجيش، كان بسبب كثير من الصفقات الفاشلة وما الصفقتين الكرواتية والروسية إلا أبرز دليل، وإلى الواقع الخدمي الذي يأمل الناس منه في كل بداية سنة التحسن، لكن لا توجد بوادر خير بسبب منح المشاريع لشركات وهمية .
في واقع الحال؛ تتحمل الحكومتين السابقتين كافة التبعات، لإن السياسات التي أتبعت سابقا، كانت بغاية الفشل، فكان عمل البرلمان الرقابي معطل بسبب التجاذبات السياسية، وكان المسؤول المقصر والفاسد لا يتمكن البرلمان من محاسبته، بسبب إنتمائه لجهة سياسية معينة، الجهة القضائية أيضا كانت لا تؤدي عملها بالشكل المطلوب، الذي يتناسب مع كثرة الملفات التي تدين المسؤولين .
العبادي بعدما نجح خلال مائة يوم، من تحقيق أشياء عجزت عنها الحكومتين السابقتين، الشارع العراقي يطلب من العبادي أن يجري ثورة إصلاحية كبرى في مؤسسات الدولة، ليتسنى للدولة أن تنهض على قدميها من جديد .