بعد نضال شاق وطويل وبعد سنتين من ترّشحه لرئاسة التحالف الوطني الشيعي , وسائل الإعلام تؤكد أنّه تم اختيار زعيم المجلس الأعلى عمار الحكيم رئيسا للتحالف الوطني الشيعي خلفا لإبراهيم الجعفري , ويبدو أنّ فكرة الرئاسة الدورية لمدة سنة , كانت السبيل الوحيد المتاح لتمرير اختيار الحكيم رئيسا للتحالف , والتحالف الوطني الشيعي الذي تشّكلّ بعد انتخابات 2010 من الائتلاف الوطني وائتلاف دولة القانون , كان الغرض منه قطع الطريق على القائمة العراقية التي فازت بالمرتبة الأولى في انتخابات 2010 بفارق مقعدين عن ائتلاف دولة القانون , في تشكيل الحكومة وفقا لتفسير الكتلة الأكثر عددا الذي أقرّته المحكمة الاتحادية في تفسيرها للمادة 76 من الدستور العراقي , وليس لأنّ هنالك برنامجا سياسيا متفق عليه بين مكوّنات هذا التحالف , وبعد انتخابات 2014 فأنّ النجاح الوحيد الذي حققه التحالف الشيعي , هو التآمر مع مجموعة من قيادي حزب الدعوّة الإسلامية بتقديم حيدر العبادي مرشحا عن التحالف الشيعي لرئاسة الوزراء .
وربّ سائل يسأل ما الذي يدفع زعيم المجلس الأعلى عمار الحكيم للاستقتال كل هذه المدة من أجل أن يصبح رئيسا للتحالف الوطني الشيعي ؟ وهو يعلم علم اليقين أنّ هذا التحالف ميت ولا وجود له على أرض الممارسة والتطبيق , ويعلم أيضا أن مكوّنات هذا التحالف الرئيسية الثلاث غير منسجمة فيما بينها , بل أنّ العلاقة بين دولة القانون بزعامة نوري المالكي وتيّار الأحرار بزعامة مقتدى الصدر , أكثر من عدائية , فلا يكاد يمر يوما دون أن يهاجم فيه مقتدى الصدر زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي , حتى أنّ بعض المتهكمين يقولون لو سألت مقتدى الصدر عن أسباب خسارة المنتخب العراقي أمام استراليا , لأجابك أنّ نوري المالكي هو السبب ويجب أن يقدّم للمحاكمة , فإذا كان هذا هو واقع التحالف الوطني الشيعي , فما الذي يدفع عمار الحكيم للاستقتال من أجل الفوز برئاسته ؟ , ومن أجل الإجابة على هذا السؤال المهم لا بدّ أولا من تسليط الضوء على طبيعة زعيم المجلس الأعلى النفسية والسلوكية , فبدون هذا لا يمكن أبدا أن نصل إلى الجواب المقنع والشافي .
فعمار الحكيم الذي وصل لرئاسة المجلس الأعلى بالوراثة والطامح لرئاسة التحالف الشيعي , يريد أن يظهر أمام العالم من خلال رئاسته لهذا التحالف الميت سريريا , بأنّه الزعيم الشيعي الأكبر والأهم في الساحة السياسية العراقية , حتى وإن كان هذا التحالف ميت ولا وجود له على أرض الممارسة , ويهمه أن يلتقي قادة دول العالم تحت هذا العنوان الفضائي , فعمار الحكيم غير معني ولا يهمه أن يكون للتحالف الوطني الشيعي موقفا موحدا من القضايا السياسية المطروحة أمام مجلس النوّاب العراقي باعتبار التحالف الوطني تحالفا برلمانيا , فهو يعلم جيدا أن مكوّنات هذا التحالف الفضائي غير منسجمة بمواقفها من مجمل القضايا السياسية الساخنة التي يمرّ بها البلد , وسيلمس العراقيون يوم غد الثلاثاء عند التصويت على سحب الثقة من الوزير الفاسد زيباري صحّة ما ندّعي , وجلّ ما يريده ويطمح إليه زعيم المجلس الأعلى , أن تتناقل وسائل الإعلام صوره وهو يترأس اجتماعا فضائيا لتحالفا فضائيا في قاعته الكبيرة والجميلة وهو مرتديا أفخر وأغلى الملابس والعباءات , ومعطرا بأغلى أنواع العطور من المسك والعنبر ودهن الورد , فهذا هو الهدف وهذه هي الغاية , وهذا هو عمار وهذه ضرباته .