(هدد رئيس البرلمان سليم الجبوري، المراجع الدينية في النجف باللجوء للأمم المتحدة في حال استمرت في تدخلاتها بالعملية الانتخابية والضغط على الناخبين، فيما حمل مراجع الدين واصحاب المنابر كامل المسؤولية في الدمار الذي يعيشه البلاد).
يبدو ان الجبوري قد اختلطت عليه الأوراق ولم يعد يفرق بين المراجع الدينية المخلصة والمراجع الدينية المزيفة، وشتان بين من يدعو الى السلم المجتمعي وتطبيق العدالة بين أفراد المجتمع بغض النظر عن انتمائهم الديني والاثني والمذهبي كالسيد السيستاني، وبين من يدعو الى الارهاب والطائفية المقيتة وارجاع العراق الى سابق عهده حيث القمع والظلم والديكتاتورية البغيضة التي قضت على الأخضر واليابس في بلاد الرافدين كالمدعو رافع الرفاعي، فالذي يدعو الى الديمقراطية والتعايش السلمي بين شرائح المجتمع انما يدعو الى البناء والتطور وتوفير الأمن والرخاء لأبناء شعبه، بخلاف الذي يدعو الى ارجاع الديكتاتورية وهي لا غيرها سبب الدمار الذي واكب البلاد سابقا وما تسببه من فوضى في كافة مجالات الحياة لاحقا.
(ونقلت وكالات الأنباء عن مصادر مقربة من الجبوري، انه خلال لقاءه بقيادات حزبه الجديد، حمل مراجع الدين واصحاب المنابر كامل المسؤولية في الدمار الذي يعيشه العراق اليوم من خلال التحريض على الطائفية والخطاب المتشدد والتوجيه بممارسة الحق الانتخابي على أساس طائفي مشيرا الى ما حصل خلال انتخابات 2005 و2010 وقوائم 169 و555 حيث اعتبرها السبب الرئيسي وراء التكتلات السياسية المبنية على أساس طائفي وفرض نظام المحاصصة في العراق).
قلنا ان التحريض على الطائفية ديدن علماء السوء والتكفير والدولار، القابعون خلف الحدود تشجعهم على ذلك بعض الدول الاقليمية ذات النزعة الطائفية والديكتاتورية لإفشال تجربة العراق الديمقراطية الجديدة، أما بشأن تشجيع المرجعية الدينية العليا الناخبين لانتخاب القائمة 169 عام 2005م فهو أمر طبيعي لما لاقى اتباع أهل البيت عليهم السلام من ظلم وتعسف طيلة القرون الماضية وآخرها بعيد ثورة العشرين حيث الجهاد وبذل الدماء ومقارعة المحتل البريطاني كان من علماء واتباع اهل البيت بينما أهل السنة والجماعة وبما انهم أقلية ارتموا في احضان المحتل واستولوا على الحكم وما جره من ويلات على الأكثرية الشيعية طيلة أكثر من قرن من الزمان، ولعدم تكرار تلك المأساة فقد شجع السيد السيستاني بانتخاب الشيعة ممثليهم كما شجع علماء وساسة الأكراد والسنة بانتخاب ممثليهم، ولكن السيد السيستاني كان يوصي دائما بالتعايش السلمي بين المكونات وعدم الانجرار الى الحرب الطائفية بالرغم من الاستفزازات والاعتداءات على المكون الشيعي أفرادا ومؤسسات ومقدسات لا سيما في عام 2006 وما بعده مما شهد العراق من موجة ارهابية ضد اتباع اهل البيت، وكان السيد السيستاني باتفاق القريب والبعيد ملجأ العقلاء وصمام أمان لجميع شرائح المجتمع العراقي، والتكتلات السياسية المبنية على أساس طائفي وفرض نظام المحاصصة في العراق جاء من قبل السياسيين الذين كان السيد ينصحهم دائما بترك الاصطفاف الطائفي والعمل على توفير الأمن والخدمات وتهيئة فرص العمل والنهوض التنموي للعراق، ولكن كلامه بالنسبة للسياسيين أجمع وخصوصا الشيعة منهم كان هواء في شبك، فعمدوا على ترسيخ المحاصصة وما نتج عنها من ارهاب وفساد وتخلف ودمار، وهو ما كان السيد السيستاني يحذر منه دائما ولكن لا حياة لمن تنادي، ما جعل السيد يقاطع السياسيين ويوصد بابه أمامهم بعدما يئس من ارشادهم طيلة سنوات عديدة.
(ونقلت المصادر عن رئيس البرلمان ادعاءه بان زملاءه في العملية السياسية وبالخصوص ممثلي محافظات كربلاء والنجف كانوا قد اشتكوا له مرارا وتكرارا من تدخلات ما أسماه “حاشية المرجعية الدينية” في تلك المحافظات والابتزازات التي يتعرضون لها من أجل الحصول على مشاريع وامتيازات والاستيلاء على بعض المباني وكراجات السيارات، حيث تطرق الى المشاريع التي تنفذها العتبة الحسينية والعباسية ومؤسسة الكفيل مؤكدا انها انجزت بعد التنسيق مع الجهات السياسية المسؤولة باتباع سياسة الترغيب والترهيب).
المشاريع التي تنفذها العتبة الحسينية والعباسية ومؤسسة الكفيل لا يشق عليها غبار، فإنها ماثلة للعيان تقدم خدماتها الجليلة للمواطنين والزوار على حد سواء، ويا ليت الذين شكو اليك من البرلمانيين والسياسيين يعملون عشر أعشار ما عملته وقدمته العتبتان المقدستان، ويكفينا مزايدة ونحن نتوخى الأعمال الماثلة للعيان وهي مشخصة في مشاريع العتبات، ومللنا من الشعارات التي يطلقها السياسيون لذر الرماد في العيون وللضحك على الذقون ليس إلا.
(الجبوري وبحسب المصادر، هدد باللجوء للأمم المتحدة في حال استمر الحال على ما هو عليه في الانتخابات القادمة لوضع حد للدور السلبي لرجال الدين في العراق حسب وصفه، وفصل الدين عن السياسة، مشددا على أن هذا الأمر يشمل جميع المحافظات العراقية بضمنها المحافظات الغربية التي عانت كثيرا من الخطاب الديني المتشدد والطائفي).
الأحرى بالجبوري اللجوء للأمم المتحدة بشأن الفاسدين والإرهابيين وما أكثرهم في عراق ما بعد التغيير، نعم كذلك يشكو من علماء السوء والبلاط الذين يحوطون الدين ما درت معائشهم واذا محصوا في البلاء تراهم في قصورهم في بلد الجوار الطائفي يتنعمون، وواضح ان الجبوري وغيره يعلمون ان حوزة النجف الأشرف وعلى رأسها السيد السيستاني خطابه معتدل لا يهمه شيء سوى رفعة رأس العراق والعراقيين، أما خلط الأوراق بهذه الطريقة واتهام علماء الدين بشكل عام بالخطاب الديني المتشدد هو لعمري مجاف للحقيقة، وهو يعلم قبل غيره ان فتاوى التكفير تصدر رياحها المسمومة من أربيل وعمان وتركيا مستمدة عقيدتها من الفكر الوهابي التكفيري في السعودية، وخطابي للجبوري وهو يمثل أعلى سلطة تشريعية في البلد، ما هكذا تورد يا سليم الإبل، كن منصفا في تحليلك ونحن نعيش في زمن تكنلوجيا المعلومات التي تكشف الحقائق كما هي دونما تزييف، وإن حبل الكذب قصير سرعانما يفضح أمره من خلال الوقائع على الأرض والأحداث التي تلفنا من كل حدب وصوب.