منطلق موقف الادارة الامريكية من التغيير الذي حصل في ايران واالذي ادى الى سقوط حليفه المخلص شاه ايران هو ضمان مصالحها في منطقة الشرق الاوسط بحيث تبقى المهيمن الاول فيها والقوى الاقليمية توابع لها مقابل هذا تقوم امريكا بحمايتهم ‘ ومنذ ذلك التاريخ 1979 مافعلتها الادارة الامريكية معروف للجميع ‘ اما يجهض الثورة الايرانية او ان يؤدي الحصار او خلق الازمات بتخطيط مباشرمنها وبدعم من حلفائها او اشعال الحروب بالنيابة.
في البدايه تم توريط العراق في الحرب ضدها دام ثمانية اعوام والان في ( سوريا ) على أمل أن تجبر القيادات الايرانية للتوجه نحو الاداره الامريكيه للتفاهم معها فيؤدي بالنتيجة ان تعود ايران حليفه لها او توزيع الادوار بحيث يصل الطرفين الى تفاهم لتقاسم النفوس والهيمنه في المنطقة ‘ وبمراجعة المراحل التي مرت منذ ذلك الوقت نرى ان الهدف الثاني اقترب في بعض الانعطافات ومن خلال الاحداث الهامة في المنطقة كحدث افغانستان و احتلال العراق ‘ ولكن تمسك ايران باولويات توجهاتها الاسترتيجية ليكون ( القوة الاقوى ) بدل القوة المهيمنة اقوى من خارج المنطقة بالاضافة الى نجاح الحكم في ايران من استفادتها من ثغرات في العلاقات الدولية استطاع توضيفها لفتح خطوط علاقاتمع دول هامة صاعدة، كروسيا والصين والهند، و السيربتطوير برنامجها النووي والصاروخي باتجاه تسلّحيبدل قواعد المواجهة ‘ فهذا التطور وضع الادارة الامريكية خلال رئاسة اوباما أمام خيارين ، إماالتصعيد والسعي إلى كبح طموح الحكم في طهران ،وصولاً إلى إسقاطه ، أو القبول به واقعاً متحققاً والعملإلى إيجاد التسوية المقبولة معه ‘ بحيث بدأ يظهر لمراقبين الوضع أن أوباما تصرف باتجاه عمل مرن عسى أن يؤدي الى إقناع المتنفذين في طهران الى تحويل قوة ايران الى شريك منتج يعوّل عليه ، فسعىجاهداً إلى اتفاق يؤدي الى هذه النتيجة ‘ فكان مشاركة الادارة الامريكية بجد في مباحثات خمسة زائد واحد الذي ادى الى اتفاق نووي مع أيران والذي كان من نتائجة ان تتخلى الادارة الامريكية عن الضغط الاقتصادي على ايران ‘ ولكن عندما خسر الديمقراطيين انتخاب رئاسة الادارة الامريكية وجاء بالمرشح الجمهوري ( وهو تاجر وشرير ) في نفس الوقت ‘ بداء عملة اولا بمسعى يهدف اساسا تفتيت منجزاتسلفه الرئيس السابق باراك أوباما حيث ركز على ان ما فعلة سلفه مع ايران هو صفقة تتعارض مع المصلحةالأميركية .
وألأن فعل ترامب فعلته وانسحب من الاتفاقية النووية مع إيران ونفذ ماوعد به مصدر الشر ضد استقرار منطقة الشرق الاوسط لصالح ( الكيان العبري الاستطاني ) ‘ و لم يؤيده الا بعض الدول في المنطقة الذين يفضلون تحالفهم مع الادارة الامريكية رغم كل ما فعلتها هذه الادارة من الشر تجاه شعوب المنطقة وهم واقفون دون تردد ضد كل من يرفض هيمنة الاشرار بقيادة امريكا و لصالح الحركة الصهيونية العالمية ‘ في حين ان الحلفاء التأريخين للارادة الامريكية في اوربا وقفوا موقفا اشرف من مواقف هؤلاء الامراء …!! بل أن هناك توقع بأنه في حالة التزام ايران بشكل ثابت بالاتفاقية فأن اوروبا ( دول موقع على الاتفاق و اعضاء اتحاد الاوروبي ) لايدعمون خطوات التاليه من الادارة والتي تؤدي الى زعزعة السلم و الامن الاقليمي وبالتالي دولة ايران .
كتبنا قبل عام وجه نظرنا حول كيفية مواجهة المخطط الامريكي الذي يريد ان يعيد هيمنته على ايران بالاضافة الى الحصار و التامر من جهة وخلق الفوضى و الحروب بالنيابة بعنوان ( الخطر الايراني برسم امريكي ) وقلنا : كتب كثيراَ عن ايران مابعد الشاه وإنتصار أول ثورةإسلامية فى العصر الحديث، البعض قال ان ما حدثكان بسبب عوامل داخلية، كانت ذات أثر أكبر من العواملالخارجية في هذه التغييرات ، فقد شهدت ايران تحولاتسياسية مهمة بعد التوجه الى بناء نظام تختلط فيه القيمالدينية والديمقراطية، نظام يتم بموجبه الوصول الىالسلطتين التنفيذية والتمثيلية عبر صناديق الانتخاب، وهوأمر فرض مبدأ التداول على السلطة وحرية الصحافةوتعددها، وتشكيل منابر وجماعات سياسية، تطرح برامجوتوجهات عقائدية وسياسية متباينة، وهو الامر الذي يعبرعنه، الانقسام الكبير الظاهر في ايران بين التيارينالاصلاحي والمحافظ، وكل واحد من هذين التيارين يضمطيفاً واسعاً من الاتجاهات والجماعاتوالشخصيات،ويرى البعض أن النظام رغم هذا لم يقدمنموذجاً من الحرية والمواطنة وضمان لحقوق الإنسانداخل بلد متعدد الاعراق ، فالقومية الكردية والاذرية وطوائف مذهبية ودينية تواجه الاضطهاد بشكل واضحمن الآكثرية الحاكمة، بدل العمل لمعالجة هذه المشاكل،ركز النظام ولايزال على بناء القوات وتطوير الاسلحة ،بذلك ليعطي إنطباع لدى دول المنطقة، أن ماحدث فىايران، لم يغيير شيء جوهري في سياسة نظام الشاه بالنسبة لتوجهات الحكام الجدد تجاه الخارج،والتوجهات والأطماع الاقليمية على وجه التحديد، الشيءالوحيد الذي تغير من هذه الناحية هو : أن ايران الشاهكانت تتوجه إلى تحقيق طموحاتها في المنطقة بالتعاونمع الولايات المتحدة الأمريكية، بحيث كان أعداء ذلكالنظام يلقبونه بحارس المصالح الامريكية في المنطقةولكن النظام الجديد يبحث عن طريقة لفرض الهيمنة أوتقاسمها مع القوى الاخرى ….، خلاصة القول انالسياسة الاقليمية الايرانية تقوم على الاحتياجاتوالمصالح والبحث عن الهيمنة الاقليمية بدل التعاون البناء، بل وفي بعض الاحيان تمارس سياسة براغماتية ،لاتخلو من تعارضات مع الايمانات الايدولوجية والشعاراتالسياسية المعلنة..
وفي ما يخص العراق كان من الواضح ومنذ بداية احتلالهمن قبل امريكا ، كانت ايران شبه مرحبة بهذا الحدث رغمعداوتها المعلنة لامريكا التي لقبها منذ سقوط الشاهبالشيطان الاكبر، لان عند ايران (الحكام) إضعافالعراق أمر لازم للإبقاء على توازنات القوى في المنطقة،ولكن الإضعاف بدون التقسيم بسبب التركيبة السكانيةللإيرانيين والتي تتهدد في حالة إنشاء دولة كردية فىأقليم كردستان العراق، ولكن الادعاء بأن خروج أمريكامن العراق يؤدي إلى تحول هذا البلد إلى إحتلالها منقبل الايرانيين كلام فيه مبالغة ، صحيح أنه في العراقتباع السلع إلايرانية في كل مكان، ويمكن مشاهدةالسياح والحجاج الايرانيين في كل مكان. كما يمكنمشاهدة العلم الايراني الذي يرفرف فوق مبنى القنصليةالايرانية من كل ركن في البصرة بجنوب العراق وفى أربيلعاصمة أقليم كردستان، ولكن من الصحيح أيضاً أن عربالعراق ورغم أن أكثريتهم ينتمون إلى المذهب الشيعي،رغم ذلك ثمة عامل واحد لا يزال قائما لحد الآن بوسعهإيقاف التوسع الايراني في العراق، وهو ليس القواتالامريكية بل النزعة القومية العراقية من جهة و الغطرسةونزعة كره العرب في إيران نفسها من جهة اخرى، وكانكثير من الساسة الحاليين الذين أمضوا بعض الاوقاتفي المهجر في ايران كانوا يشعرون بحماقة ايديولوجيةوغطرسة قومية تأتي من جانب رعاتهم الايرانيين، اذنبذلك سيكون من الثابت أن اكثرية العراقيين يدركونَجيدا ان تغيير الامريكيين بالايرانيين هو ليس الحلالافضل ، هذا بالاضافة أن في العراق سياسيين وطنيينمتنفذين يدركون أن تخويف الحس الوطني للعراقيينباحتلال وسيطرة الايرانيين ، صناعة أمريكية فى الاساسطريقاً لإبقاء العراق أولاً ومن خلاله المنطقة فى وضع قلقوغير مستقر تحت سيطرة طموحاتها
الخطورة تكمن في، أن اذكاء مواقف إنهيار الثقة وعدمالبحث عن المصالح المشتركة بين إيران ودول وشعوبالمنطقة ليس إختيار إرادة الشعوب وإنما مخططاً لهخارج هذه الإرادات ، حتى وعندما تأتي مقارنة بينخطورة القوى العالمية المهيمنة وقوة إيران ، تتم تلك المقارنةبتوجيهات الأول ومنسجمة مع مصالح أصحاب القرار فيبعض دول المنطقة كان ولايزال ذيل ذليل لامريكا وموافقة تماما لادامة هيمنتها على المنطقة ، وعندما يوجه أحدهمسؤال إلى القارئ : هل أنت مع المشروع الأمريكي الذييريد إعادة رسم خريطة المنطقة من الخارج، ام إنك معالمشروع الإيراني الذي يهدف الى تقويض الدول الاقليميةمن الداخل ..؟ ومع أن المنطق يقول أن لمواجهة المشروعالإيراني هناك أكثر من خيار وبأقل خسارة إذا أخذناإعتبارات التأريخ وحقائق الجغرافيا ومصلحة شعوبالمنطقة في الحرية والإستقلال والبناء، ولكن الغربيينالهوى يعتبرون أن مسايرة المشروع الأمريكي هي أهونالشرين ! وذلك من خلال العزف على بعض الاوتارالعاطفية وإثارة الحماس تجاه قضايا لها حساسية تعرفالقوى المهيمنة تأثيراتها على التحريك..وفي النتيجة يظهرأن تلك المواقف تعطي نتأئج معاكسة ولصالح تيارالتعصب في إيران وفتح الطريق لتصالح الآضداد علىحساب طموح الشعوب فى حرية الإختيار ومن ضمنهمالشعب الإيراني .
من هنا يرى المنتمين الى الارادة الحره لشعوب المنطقةأن المصالح المشتركة أنية ومستقبلية بيننا وبين إيرانكثيرة بحيث نستطيع من خلال التركيز على المشتركاتبيننا ودعمها نكون معاً قوة لايستهان بها ضد الغرباءالطامعين في الإستغلال الحقيقي لشعوبنا، ولكن نرى أنالغرباء وفي مقدمتهم أمريكا تشجع الحديث عن نقاطالاختلاف ومايبعث على التشنج وأن التركيز الأمريكيعلى خطر ايران على المنطقة عموماً وعلى العراقخصوصاً تدخل ضمن هذا البرنامج، وحتى لو فرضناوجود خطر ايراني في تصرفات النظام الحالي، فأنالفرص لمعالجة ومواجهة هذا الخطر من خلال إراداتالخير لشعوب المنطقة أسهل بكثير وبأقل خسارة، بلممكن إنهائها لصالح الاستقرار الحقيقي للمنطقة دونتدخل طرف ثالث .
بعد قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاقية النووية يعتقدالبعض بان ضرب ايران وتدميرها يحدث بين لحظة واخرى حالما يسمعون اي موقف متشنج من داخلامريكا حتى لو لم يكون ذلك الموقف له اي علاقة بايجهة رسمية في الادارة الامريكية ‘ يعلن ا قتراباحتلال طهران كما حصل لبغداد ….! لذا نراهم عادواالى تصعيد الحملات التحريضية ضد ارادة ايرانليجعل هذا النهج طريقا لاشعال حرب بالنيابة من قبلحلفاءها ومستلزمات ومبررات اعطاء الشرعية للذينسيحاربون ايران بالنيابة متوفر وذي حساسية ومؤثرةعنوانه ( الطائفية ) تحت اسم هلال ايراني لتطويقالطرف الاخر …. ولكننا نرى سيكون النهاية المتوقعةللصراع مع ايران عناوينها يوحي بالسير ( الجماعي– روسيا والعراق والنظام السوري وتركيا وامريكا منخلال مايسمى بالتحالف الدولي الحاصل على شرعيةالمنظمة الدولية ) لانهاء قوة داعش في المنطقة و بعدذلك اعتبار هذا المكسب الجماعي اساساً لحل ازمةسوريا التي لايمكن دون صوت وقوة العمل السياسيالمؤثر لايران ‘ ليكون هذا منفذ وحجة للادارةالامريكية الاقتراب من وضع اساس لتفاهم مباشر معهواعتراف لايران بانها قوة اقليمية لايمكن التعامل معهافقط بروح العدوانية لان بذلك سيكون لامريكا وعلىطول الصراع هلاك في اكثر من جبهة لان حلفاءالتقليدين لامريكا في المنطقة مقتربين الى حافةالافلاس والتاثير الذي تريدها الادارة الامريكية منطموحات استراتيجية طويلة الامد من خلال رؤيامصدر القرار والربح والخسارة كما يراها الطرفين : مصدر القرار وجماعات ضغط في قلب امريكا نبضهامرتبط باستقرار الشرق الاوسط ….. والله اعلم
قاله ( اينشتاين ) في حينه : مأساة عالمنا المعاصر أن عضلاته تبدو أحياناَ أقوى من فكره …. والسلام عليكم .