23 ديسمبر، 2024 8:01 ص

بطولة الخليج العربى 25 فى البصرة الفيحاء

بطولة الخليج العربى 25 فى البصرة الفيحاء

توج فريق المنتخب الوطنى العراقى لكرة القدم ببطولة دورة الخليج العربى 25 التى اقيمت فى البصرة الفيحاء بعد اكثر من 40 سنه فرض فيها حضر اجراء مباريات , خليجيه واسيويه للفريق العراقيه فى اللعب على ارضه وامام جماهيره, وكان هذا اجراءا صارما اتخذه الاتحاد العالمى وبتاييد من غالبيه الاتحادات الخليجيه والعربيه والتى اصرت على استمرار الحضر بحجة الاوضاع الامنيه غير المستقره فى العراق وعدم توفر البنيه التحتيه لاجراء مباريات دوليه تؤكد على سلامة الفرق الرياضيه وعدم تعرضها للخطر. لم يكن بالنسبه لى شخصيا ضروره فوز الفريق العراقى بالبطوله وجاء فوزه بالبطوله يمثل زهوا مضاعفا, وانما اهمية وضرورة تجاوز الحضر المفروض ومشاركه منتخبات دول الخليج العربى فى دورة البصرة الفيحاء واعادة الاوضاع الى سابقتها, ان العراق وفرقه الرياضيه ما زال يمثل “ملح الارض” تاريخا وحضاره وقوة ماديه ومعنويه للعرب بشكل عام ودول الخليج العربى بشكل خاص, ودورة خليجيه لكرة القدم بدون مشاركة العراق وهو الذى فاز بالبطوله ثلات مرات بالاضافه الى فوزه ببطولة اسيا سنة 2007 عملبة بعيدة عن العقل والمنطق والتتطلع نحو المستقبل. ان الحضر على اجراء المباريات الدوليه لكرة القدم على المستوى الخليجى والاسيوى الذى استمر اكثر من 40 سنه قد حرم الفريق العراقى الذى كان من حقه ان يلعب مباريات المنافسه فى بلده قد جرت فى دول اخرى , بعيدا عن بلده وجماهيره وحرمت هذه الجماهير من المتعه والفرحه بتشجيع ابطالها فى الجهد والمنافسه والفوز وتقوية اواصر الوحده الوطنيه . ان الاسباب التى كان تستخدم لتبرير هذا المنع هى الحاله الامنيه المضطربه التى تعرض الفرق الرياضه الى اخطار لامبرر لها يمكن ان تؤدى الى ضحايا على مختلف المستويات, ومع ان الاوضاع الامنيه قد تحسنت وتم السيطره عليها لم يرفع الاتحاد العالمى لكرة القدم قضيه الحضر على اللعب فى العراق, ومن المؤسف حقا ان بعض دوله الخليج العربى كان فعاله فى اصدار القرارات على استمرار عملية الحضر. اخير بعد جهود حثيثه مستمره من الجهات الرسميه العراقيه وبعض الاخوه الخليجييين والعرب من رؤساء الاتحادات والاداريين , جماهير الرياضه واللاعبين من ان استمرار هذه الحاله الشاذه المفروضه على بلاد وادى الرافدين بعمقها الحضارى , اهميتها الدوليه وملايين سكانها قد حان الوقت للعمل على اعادة الامور الى اوضاعها الطبيعيه. جاء المنع والحصار على العراق وشعبه نتيجه للعقوبات التى فرضتها دول التحالف بقياده الولايات المتحده كعقوبه لاحتلاال الكويت وكانت نتائجها الحصار الاقتصادى الشامل ضد الشعب العراقى, تدمير الجيش العراقى, تعطيل الدوله, تهجير الشعب وسرقة مختلف مؤسساته . ان سياسة المغامرات واللاعقل والاندفاع لاستخدام العنف والقوه واحتلال دولة الكويت قد افرزت اوضاع كارثيه للعراق وشعبه وكذلك للدول العربية والخليجيه بشكل خاصة. ان العراق ودول الخليج العربى بعد احتلال الكويت دخلت حالة جديده تتمثل فى فقدانها استقلالية القرار فى القضايا السياسيه والدفاعيه واصبحت اكثر استعدادا للابتزاز, وليس هذا فحسب, ان العقوبات التى فرضت على العراق جاءت كارثيه على الشعب العراقى بكل المقاييس فى حين استمر الحزب الحاكم والرئيس صدام حسين بنرجسيته واحلام القائد الضروره. ان العقوبات المتمثله بالحصار العنيف الشامل كانت ظالمه ومدمره للشعب العراقى الّذى بقى وحيدا معزولا لم يعاونه اشقاؤه العرب على تخطى هذه الكارثه بل اخذت وسيله للانتقام والتشفى حيث حرم شعبنا العراقى من الفرحه والزهو بمشاركه فريقه الوطنى فى المباريات الدوليه, و ليس هذا وحسب وانما نشطت وسائل اعلام وجماعات فى التعتيم على العراق وشعبه ونشرت مختلف وسائل الاعلام اخبارا وتقاريرغير موضوعيه التى عنها تجددت الاحكام المسبقه التى كانت فاعلة فى اتهام الشعب العراقى بالعدوانيه والعنف كمحدد للشخصيه الوطنيه العراقيه.
ليس مهما من يفوز ببطولة الخليج وانما الاهم هو حضور الوفود الرياضيه الخليجيه وجماهيرها الرياضيه الى البصرة الفيحاء والذين قد اذهلتهم ما شاهدوه من ابنيه وملاعب وقريه رياضيه وفنادق وبمواصفات عالميه وكان ابناء شعبنا, وابناء البصره الكرام قد قدموا صوره رائعة جميلة غراء عن فرحتهم باستقبال الوفود والحضور بالترحيب والود, بالابتسامه والفرحه فى عيونهم ووجههم, يزاحموا بعضهم البعض فى الكرم وتقديم الخدمات للضيوف, سواء ان كانت وسيلة النقل, تناول الطعام فى مطعم او شرب الشاى فى احد المقاهى وحتى الاقامه لدى اعيان البصريين وبسطائها, ناهيك عن المضيف الكبير الذى قدمه احد شيوخ العشائر العراقيه للوفود والخليجيين الذين حضوروا لمتعة المشاركه بالمباريات وكّذلك للعراقيين الّذين قدمؤا من مختلف المدن العراقيه. هذا الكرم وهذه الاريحيه فى الاستقبال والتفاعل العفوى مع الاخوه الخليجيين يمثل صورة واضحة المعالم عن اصالة الشعب العراقى وانتمائه العربى وفرحته بالقاء الذى لم يحصل منّذ زمن طويل, كانت الفرحه بالحوارات وتبادل الافكار والتجارب والهموم المشتركه والتعرف على البعض من النتائج البالغة الاهميه التى افرزتها دورة الخليج العربى 25 , اننا نشعر اليوم باننا قد تخطينا حالة العزله والجفاء والشكوك ونأمل ان تتطور العلاقات نحو الاحسن, وكما تقول العرب لا يصح الا الصحيح, ويبدو لى ان الاخوه الخليجيين الذين عايشوااحواء المباريات سوف يعودوا ثانية وثالثه لاكتشاف والتمتع باجواءالبصرة الفيحاء وبلاد وادى الرافدين, اننا نشعر الان بقوة وامل اكبر مما كنا عليه قبل خليج 25 . ان دورة الخليج العربى فى البصره الفيحاء قد تكللت نتيجة جهود خيرة مضنيه من روساء الاتحادات الخليجيه, رؤسساء النوادى الرياضيه, الصحفيون والرياضيون بشكل عام ومن الجانب العراقى خاصة المتمثل بالسيد محافظ البصره التى افرزت بجهوده المستمره الحازمه على تخطى كل المعوقات. لهؤلاء جميعا يقدم شعبنا العراقى كبير الشكر والتقدير والاحترام على اقامة هذه البطوله التى كانت ناجحه بحشودها الجماهيريه والحضور الذين تجاوزوا المواقف الوطنيه واخذوا تشجيع الفرق جميعا وتمتعوا بمعايشة مباريات بعيده عن التعصب والانفعال خاصة ما قدمه الجمهور العراقى فى تشجيع الفرق جميعا تعبيرا عن عشقه للكرة القدم وموقفه العروبى وانتمائه لامته العربيه. لقد وجد الزوار الخليجيين عراقا اخر, سلميا محبا للحياة والجمال وطموحا نحو حياة كريمه يغمرها الود ويؤطرها التسامح والتعاون مع اخوانه العرب. لم تكن لنا نحن العراقيين بطوله الخليج فى البصرة الفيحاء مجرد بطوله لكره القدم وانما تظاهرة وطنيه رائعه وكان النشيد الوطنى الذى انطلق من حناجر الالاف من العراقيين تظاهرة وطنيه وتاكيدا على الهويه الوطنيه والانتماء للوطن العراقى, وسوف تبقى تفاصيل المباريات والاقامه فى ارض الرافدين والعلاقات التى اقيمت والحوارات التى حصلت بين الزوار والمسؤلين والرياضيين والمواقف التى تجددت عن العراق والعراقيين والخليجيين صور حية جميلة يحملونها فى ضمائرهم ووجدانهم وتعيش معهم ذكريات حميمة جميله. – 1 يتبع

دورة الخليج العربى 25 فى البصرة الفيحاء- 2
مهما كانت نوعية وحدة الخلافات بين الانظمه العربيه فهى ليس دائمه ويمكن ان تستمر لعدد من السنين ولكنها سوف تعود الى مجاريها الطبيعيه ثانيه, ان هذا المنطق يفرض نفسه من حقيقه الانتماء , اللغه ,الارض والتاريخ المشترك, الدين والتحديات التى تلازمنا حتى لو كانت على درجات مختلفه. لقد حصل شرخ كبير فى العلاقات الخليجيه مع العراق بعد احتلاله لدولة الكويت الذى لم يكن قرارا شعبيا, انه قرار الحاكم المطلق. اننا يجب ان ندرك ان نجاح الشعب, الامه نحو المستقبل طريق طويل ووعر جدا ويتطلب منا ان نكون على قدر المسؤليه, ان لا ندع الخلافات تتعمق وتأخذ حالة القطيعه وان نعمل قدر الامكان على ردم الحفر والخنادق وادامة الاواصر والعلاقات مع ابناء الشعب من اجل ان لا يحصل تطرف فى المواقف التى تؤدى الى مواقف لايحمد عقباها. ان احتلال الكويت من قبل نظام دكتاتورى وقائد نرجسى مصاب بداء العظمه عمل عدوانى كان يجب ان لا يحصل ابدا ولكن فى عملية البناء تكوين الشعب والامه ونهضتها عملية يمكن ان تحدث وتكون عواقبها وخيمة جدا ولنا من تاريحنا العربى والاسلامى نماذج من التحديات والقطيعه, وكذلك فأنها قد حدثت فى تطور الدوله القوميه فى اوربا, وبعد سنين طويله من النزاعات القطريه المسلحه ومأسى وكوارث الحرب العالميه الاولى والثانيه التقى اخيرا قادة اوربيين, الفرنسى جنرال ديغول والمستشار الالمانى كونراد اديناور فى الخمسينات من القرن الماضى ووضعوا حجر الاساس لكتلة الاتحاد الاوربى الذى ينتمى اليه اليوم 26 دولة اوربيه. نحن العرب, بحاجة ماسه اليوم وبأمس وفى المستقبل الى تكوين علاقات اخويه قائمه على المصالح المشتركه دون الهروب نحو الفدراليه او الوحده الشامله, ان تنطلق هذه العلاقات نحو التعاون فى بناء الاسس الاقتصاديه والاجتماعيه لبناء وتطور هذه البلدان على اسس التعاون والمصالح المشتركه, والدول العربيه بشكل عام تفتقر الى مختلف الصناعات التحويليه والمشاريع الزراعيه والحيوانيه وتطوير البنيه التحتيه, وكذلك تطوير نظرية السلم والدفاع المشترك وبناء قوة وصناعة عسكريه قادره على الحفاظ على الاوطان.
لقد نجحت دول الخليج العربى فى استثمار عوائد النفط بشكل جيد وقامت بتكوين صندوق الاجيال ووضع نسبه ادخاريه معينه من موارد النفط المباع للاجيال القادمه بما بسمى ” صندوق الاجيال” ونجحت فى بناء شبكه متطوره للبنيه التحتيه التى تشمل المدارس على مختلف مستوياتها بالاضافه الى التعليم الجامعى وارسال الطلبه الموهوبين للدراسه والتخصص فى الدول الاوربيه وامريكا وكذلك انشاء المستوصفات والمستشفيات, هنا يمكن الاشاره الى ان التعليم والرعايه الصحيه تقدم مجانا للمواطنين وكذلك فى توطين بعض الصناعات التحوليه وليس اخيرا فى اقامة مجتمع الرفاهيه. ويحضى المواطن الخليجى بالاستقرار ومستوى معيشى واجتماعى متقدم كما ان عملية التحضر قد اخذت ابعادا كبيره وليس اخيرا فقد نشطوا فى عملية العولمه وقاموا باستثمارات كبيره مؤثره فى مختلف النشاطات الاقتصاديه فى محتلف دول العالم, ان نجاح دولة قطر فى استضافة المباريات الدوليه لكرة القدم يمثل وجها جديدا فى الفعل السياسى, وكذلك بلورة الامارات العربيه الى مركز نشاط اقتصادى عالمى متعدد التوجهات.ان قائمة النجاحات متعدده وطويله ومن الصعوبه حصرها فى مثل هذه المقاله.
مع كل النجاحات فان دول الخليج العربى تعانى من حجم السكان والايدى العامله المدربه والغير مدربه التى تستوردها من مختلف الدول العربيه , الاوربيه وخاصه من دول جنوبى شرقى اسيا والذين اصبحت اعدادهم اكثر من السكان الاصليين ونتيجه للسنين الاقامه الطويله فى هذه الدول اصبحت مشكلة كبير يحتاج الى فكر ومنطق علمى يضع حلولا لها. انها مشكله يمكن ان تكون ادوات فاعله لسياسات معينه و للابتزاز ايضا وتهدد البنيه السكانيه لهذه الدول وتغيير هويتها الوطنيه والقوميه
فى منتصف الستينات من القرن الماضى وضع احد اساتذة الفيزياء بجامعة ااخن فى المانيا الغربيه تظريه حول قوة الدوله فى اوج سنين الحرب البارده مفادها ” ان قوة الدوله ترتبط بعدد السكان وكمية انتاج الفولاذ”, وقد اثارت نقاشات طويله بين السياسيين والمثقفين واساتذة الجامعات الذين فتحوا حلقات السيمنارات للنفاش الحر وكان الاراء متضاربه خاصة من السياسيين الذين اكدوا على الثقافه والتقاليد وعمليات التعلم المعقده والتى تحتاج الى سنين طويله لتصل الى اوسع حلقات المجتمع, فيما اكد اقتصاديون وصناعيون من ان عدد السكان يوفر اعداد كبيره من الايدى العامله وان انتاج الفولاذعمليه معقده وتحتاج الى توفر امكانبات كثيره للشروع بها ناهيك عن الانتاج بالالاف الاطنان, هذا يعنى تطورا فى التخطيط والاداره وحسابات التكاليف والربح, بمعنى ان المجتمع قد بلغ درجه من التطور بحيث استطاع تجاوز المعوقات الاوليه, ويعنى ايضا الى ان الصين بحجم السكان الهائل وبدايتها الجريئه فى انتاج الفولاذ سوف تصبح قوة دوليه كبيره لها شأن دولى فى السياسه والاقتصاد. ان” الهاى تيك” لم يكن انذاك فى الحسبان ومع ذلك فان الصين حاليا قوه اقتصاديه مؤثره وتسعى بجديه بالغه فى مواكبة التطور الكبير الذى اصبح اليوم يمثل لغة وقوة العصر.
ان دول الخليج العربى ليس مهدده فقط فى تغير هويتها الوطنيه والقوميه وانما ايضا لا تستطيع الدفاع عن سيادتها وحدودها, كما ان علاقات الحمايه الدوليه تنشط دائما كادوات للضغط والابتزاز كما تعرفنا عليها فى مختلف الاوضاع هذا بالاضافه الى انها لم تقوم بوضع حل معقول للمواطنين الذين يدعون بـ ” البدون”. لم يكن الخطأ فى بناء جيشا عراقيا كبير قويا قداستطاع تطوير نظريه عمل وافرز تقاليد عسكريه وشارك فى مختلف قضايا الامه العربيه , ولم تكن الحرب العراقيه الايرانيه قضيه عراقيه فقط وانما كانت فى صميم الاوضاع الخليجيه والتهديد الايرانى المستمر, ان هذه الحاله قد افرزت ضرورة التصدى لهذا الخطر وضروة التعاون والعمل المشترك, وقد حصل فعلا امداد الغراق بالاموال والسلاح من قبل هذه الدول وبشكل خاص دولة الكويت وتطورت ايضا علاقات ايجابيه على المستوى الحكومى والشعبى وظهر العراق كدعامه قويه للدفاع وحماية “البوابه الشرقيه” التى يمكن ان تتطور ثانية تحت طروف وشروط اخرى مع حكومات ديمقراطيه تعتمد القانون والعقل العلمى فى التخطيط والتنفيذ. على ان العراق قد خرج من الحرب خالى الوفاض , مثقلا ومكبلا بالديون واقتصاد ضعيف لايستطيع تلبية حاجيات السكان خاصة انخفاض اسعار النفط بشكل كبير والذى ساهمت دول خليجيه فى بلورة ازمه كبيره وجعلث من العراق مكتوف الايدى . ان الحكام ينتهون بمختلف الوسائل وصور متنوعه ولكن تبقى الشعوب حيه ويمكنها بالتضامن وبناء جسور الثقه والتعاون ان يتجاوزوا عقلية الحكام ونزواتهم. كان ولا زال موقف دولة الكويت من العراق يقوم على الانتقام والاذلال مؤكدة جاهده على استمرار عراق ضعيف يؤمن لها, كما يعتقد الحكام سلامتها واستمرارها, ولكن العراق الضعيف يؤكد على ضعفهم وقدرتهم المحدوده فى الدفاع عن بلدانهم. اننا نامل ان يتطور الوعى النقدى لشد اواصر الاخوه والقوه المشتركه وان العراق القوى بكتلته البشريه الكبيره الفاعله وتاريخه الحضارى وابنائه الموهوبين سيبقى عربيا قويا مدافعا عن الارض والكرامه. وجاءت دوره الخليج العربى الـ 25 لتوكد على النوايا الطيبهه والاستمر فى التعاون فى مختلف المجالات.
دكتور حامد السهيل 23 . 1 . 2023