23 ديسمبر، 2024 6:06 ص

بطلان الدعوة الى مقاطعة انتخابات مجلس النواب العراقي 2018

بطلان الدعوة الى مقاطعة انتخابات مجلس النواب العراقي 2018

لقد بينا في الحلقة (5) من هذه السلسلة ان المشاركة في الانتخابات ليس مزاجا او موقفا شخصيا انما واجب شرعي وعقلي حيث انها تعد احد الوجه وتطبيقات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر باعتبار ان غاية المشاركة هي تغيير الواقع الفاسد السيء الى واقع اصلح للشعب وتغيير السلطة الفاسدة الفاشلة الى شخصيات تعمل لمصلحة الشعب والوطن .

وكذلك تعد المشاركة بالانتخابات تطبيقا لقواعد عقلية منها وجوب دفع الضرر وجلب المنفعة على اعتبار ان استمرار الواقع الفاسد ضرر على الشعب وان التغيير هو المقدمة لتحسين الاحوال.

ونبين في هذه الحلقة بطلان الدعوة الى مقاطعة الانتخابات وعدم صحة هذا الموقف من خلال استعراض اهم الاسس التي يرنكز عليها المقاطعون ونرد عليها وكما يلي :

اولا : المرشحون فاسدون وغايتهم الطمع بالامتيازات :

هذا الكلام بعيد عن العقل لانك ايها المقاطع لم تتاكد بنفسك من حوالي (7000) مرشح ولاتعرف نواياهم الحقيقية وبالتالي فان الحكم من دون دليل على هذا العدد الكبير من المرشحين بانهم جميعا فاسدون وان هدفهم الحصول على امتيازات السلطة وبالتالي فان المشاركة بالانتخابات وانتخاب اي مرشح هي مساهمة في الفساد واعطاء شرعية للانتخابات هو حكم فاسد ومخالف للشرع والعقل .

ثاتيا : قانون سانت ليغو ينفع الفاسدين فقط :

نعم ان هذا القانون لايلبي الطموح ولكن قول المقاطعين بان القانون لصالح اصحاب التسلسلات الاولى فقط في القوائم الانتخابية ، وهم عادة الفاسدين الموجودين في الحكومة ومجلس النواب والاحزاب ، هو كلام غير صحيح ويدل على ان قائله لم يقرا القانون ولم بفهمه لان قانون سانت ليغو يسير مع عدد الاصوات اذا يتم اعادة ترتيب اسماء مرشحي القائمة حسب عدد اصواتهم فالمرشح الذي يحصل على اكبر عدد من الاصوات الانتخابية يكون هو الاول في تسلسل قائمته ومن يليه بعدد الاصوات يكون تسلسله الثاني في القائمة وهكذا يتم اعادة ترتيب الاسماء في القائمة على عدد الاصوات التي يحصل عليها كل مرشح . والمرشحون الذين يحصلون على التسلسلات الاولى بعد اعادة ترتيب التسلسلات كما ذكرناه هم من يستحقون عضوية مجلس النواب عن هذه القائمة وليس من كانوا في التسلسلات الاولى عند تسجيل القائمة في المفوضية.

وهذا يعني ان وضع الفاسدين في التسلسلات الاولى للقوائم لاينفعهم شيئا وبهذا يبطل هذا التبرير.

ثالثا : تدني نسبة المشاركة يسقط العملية السياسية :

ويردد المقاطعون فكرة غريبة مفادها ان تدني نسبة المشاركة في الانتخابات يجعل الامم المتحدة لا تعترف بالحكومة والبرلمان والعملية السياسية وتسحب تأييدها للعراق مما يعني اسقاط العملية السياسية واجراء انتخابات جديدة بعد وضع دستور جديد , وهذا الكلام كله عار عن الصحة وبعيد عن المشروعية والدقة وهو كذبة غريبة عن السياسة لان الانتخابات شأن محلي محكوم بقانون محلي ولاعلاقة للامم المتحدة بذلك .

رابعا : لا يوجد امل بالتغيير الحقيقي :

وذلك لان الفاسدين من الاحزاب والحكومة والبرلمان سيصعدون انفسهم الى مجلس النواب مرة اخرى . وهذا الكلام ايضا بعيد عن العملية ويدل على عدم فهم المقاطعين لعمل مجلس النواب وعدم اطلاعهم على الدستور. ولو اطلع المقاطعون اصحاب هذا الرأي على الدستور لعرفوا ان استجواب اي وزير يحتاج الى عدد قليل من النواب وان اقتراح اي قانون يحتاج الى عدد قليل لايتجاوز اصابع اليدين من النواب وهذا يعني انه بامكان الشعب لو احسن اختيار المرشحين ان يساهم بوصول عدد جيد من الخيرين المخلصين الى عضوية مجلس النواب وبالتالي يمكن بسهولة محاسبة الوزراء الفاسدين واقتراح القوانين التي تنفع الشعب , ولكن عدم فهم المقاطعين لعمل مجلس النواب وجهلهم بالدستور اوقعهم في هذا الخطا.

خامسا : القانون الانتخابي غير جيد – المفوضية محاصصة – التوافق بعد الانتخابات :

كل هذه العناوين التي يحتج بها المقاطعون هي في الحقيقة دوافع قوية للمشاركة بالانتخابات وتبرير باطل للمقاطعة لانه لايمكن تغيير القانون الانتخابي ولا الغاء محاصصة مفوضية الانتخابات ولا انهاء التوافق بعد الانتحابات الا بتشريع قوانين جديدة خاصة بها والقوانين لاتشرع الا في مجلس النواب ومجلس النواب لايشرعها الا اذا تغيرت توجهاته وهذه لاتتغير الا بوصول قوائم واشخاص جدد الى المجلس وهذا لايحصل الا بانتخابهم باعداد كبيرة في مجلس النواب وهذا لايحصل الا بحصولهم على اصوات اعداد كبيرة من الناخبين وهذا يعتمد على المشاركة الواسعة في الانتخابات من قبل غير المنتمين الى احزاب السلطة وهم المقاطعين ، وبالتالي فان من يقتنع بهذا التبرير ويحتج به لاجل مقاطعة الانتخابات فانه يدور في حلقة مغلقة تدل على فساد تفكيره كما يحكم بذلك المناطقة والفلاسفة.

وبعد كل الذي ذكرناه تبطل تبريرات المقاطعين ويتبين عدم صحة رايهم وموقفهم ، بل على العكس من ذلك تماما فانهم بمقاطعتهم يساهمون بعودة الفاسدين الفاشلين الى السلطة واستمرار الفساد والفشل في الاداء الحكومي والبرلماني مما ينعكس على الواقع الحياتي فيستمر بحاله السيء.