23 ديسمبر، 2024 4:53 م

رب سائل يسأل ياجماعة الخير ليش المالكي جاب خلف عبد الصمد محافظ للبصرة، مع كل ما تتميز به هذه المحافظة من ماء مالح ومجاري سطحية وكهرباء فانوسية وسواها من المميزات التي تجعل منها المحافظة الاولى فضلا عن عوامل ثانوية كونها تمثل اكبر صادرات للنفط في العراق وفيها حقول معرفية توازي الحقول النفطية، فبموازاة حقول الرميلة1 و2 وغرب القرنة1 و2، ثمة حقول ادباء1 و2 و3 وعشرة، ومثقفين 1و 2 وعشرين، ضمت الاف الابار المعرفية من الفراهيدي للسياب للبريكان ومحمد خضير ومحمود عبد الوهاب ولالاف، ولو قدر للشهرستاني ان يعلن جولة تراخيص ادبية لاستنفذ العالم قبل ان يتسنفذ هذه المدينة ابارها الادبية.

كل هذه المميزات بحاجة الى دراسة دقيقة لخيار المالكي باختيار خلف عبد الصمد، الذي واجهته جملة معترضين “لا حظ ولا بخت” ووصفته بابشع التهم كونه لا يناسب البصرة بالمميزات اعلاه، و”شجاب ما جاب”، الى ان وصلت البصرة الى ما وصلت اليه بـ”الرخص” فهي كما تقول الحجية ام جواد الله يرحمها، “رخصت شنانه وكامت تبيع دنان”، على فرض ان “شنانه” المشار اليها تتمتع بقدرات تداول هائلة في “بورصة السمج” اوصلتها مع الازمة المالية التي مرت بالاربعينيات ان تدخل مجال “الحبوب والنخالة” واوصلتها الى بيع الدنان.

نرجع لسالفتنه، ليش المالكي جاب خلف عبد الصمد؟

السؤال بحاجة الى قراءة مستفيضة وتأوليل اكبر من حجم نظرية “الشفافية” للجعفري واكبر قراءة حسين درويش العادلي “البنيوية” الي ما كدر يصرفها بساط بالبرلمان مو كرسي!!

القراءة التأويلية في خيار المالكي تبدأ من تحصيل عبد الصمد الدراسي فهو حاصل على شهادة الدكتوراه بالزراعة، والزراعة لمن لا يضيق افقه المفاهيمي (حلوه هاي افقه المفاهيمي بس لا يطلع حاجيها كبلي الجعفري، هو خله مصطلح) تنفتح على اكبر من زراعة النباتات والمواشي والحيوانات، فهي قد تكون زراعة البسمة على شفاه البصرة مثلا، وزراعة الامل في مستقبل التطور، وقد لا تنتهي بزراعة الكلى والقرنية او زراعة الشعر في مستقبل يكاد يكون اصلع!!

اذن الزراعة اختيار موفق (من التوفيق ولا علاقة له بموفق الربيعي.. للعلم فقط) واختيارها يأتي اعتمادا على رؤية سديدة في مستقبل الاستثمار والتطور في المحافظة، وخلينه نسولف بما وراء الاختيار.

الزراعة وبوصفها تعني بالحيوانات ومن ضمنها او في طليعتها الابقار (الهوش)، وهي انما تعادل في بلدان كالهند مثلا بدراسة (الالهيات) كون البقر اله ودراسة احوال البقر تعني بالضرورة دراسة احوال الاله ومزاجات الرب وطريقة تكثير الالهة وحلبها وقتل البقر (الالهة) ولا اقول موووت البقر خشية ان يفهم مني استقاء المفهوم من نيتشة (موت الاله)… المهم ان الزراعة بمعناها المقصود تعني دراسة الالهيات في الهند، بس ليش الهند؟

الموضوع بحاجة الى معرفة احوال الاستثمار، فدول الخليج لم تبنى الا بسواعد هندية، وابراج الامارات العربية المتحدة ذات بصمة هندية والي يمر من يمها لازم يعطس لان البصمة الهندية واضحة تفوح منها رائحة “بهارات”.

اذا، الخيار  ذات بعد استراتيجي بعيد المدى، فهو يعني بتأهيل البنية التحتية في البصرة بما يلائم بومباي ونيودلهي لاستقطاب العمالة الهندية ورفع الكفاءة المجتمعية لما يناسب بيئة استثمارية واعدة, ومن هنا على المعترض على خيار عبد الصمد ان يقرأ البصرة وفق هذه الرؤية وعلى وفق مدلولاتها…

وباستعراض سريع لاهم الانجازات وفق الرؤية اعلاه ستجد ان الحكمة في اختيار عبد الصمد لم تأتي من فراغ، وان عدم صرف ميزاينة البصرة للعام السابق انما تأتي في اطار “هسه يلعب وياهم خالك”!!

لمن يمر في شوارع البصرة سيشاهد تطور ملحوظ في ثقافة احترام الرأي والراي الاخر، بل حرية المعتقد وحرية التعبير عن المعتقد، ودلالة ذلك واضح ان الابقار تجوب الشوارع ابتداءا من منطقة المعقل وحتى البراضعية، ما يعني انه يسير في رؤية مستقبلية لقدرة استقطاب العمالة التي ستبني  الحيانية كأبراج دبي وعجمان!!

كما ان حضر استيراد المواد وانخفاض مستوى الدخل قياسا بمستويات السوق، او انتشار البطالة يعني عدم القدرة على شراء اللحم ما يعني التوقف عن مجازر البطش بالالهة، بل زيادة حجم الاوساخ في اسواق المحافظة وتحويلها الى برك من الوحل هو في ذات الهدف: بأن يكف ابناء المحافظة بعد اشمئزازهم من دخول الاسواق والاقتناء وبالنهاية التوقف عن شراء اوصال الالهة الهندية..

انقطاع التيار الكهربائي يعني ايضا زيادة المعاناة في الحر، ويفضي الى سمرة حادة في البشرة، وهي خطة محكمة لئلا يستوحش بناة المستقبل الهنود من ابناء المحافظة، فيزيد من شعور الطبقية عندهم الامر الذي ينعكس سلبا على ادائهم.

واخيرا ثمة رأي لازال قيد الدراسة في مجلس محافظة البصرة بتوزيع مفردات البهارات والفلفل الأسود والأحمر والأخضر تحت شعار “فلفلوا يرحمكم الله قبل ان يفلفل عليكم”، لامكانية توطين المصطلح الفلفلي في ثقافة البصرة…

اكثر من ذلك، تتبادر دعوات الى حث الخطباء والملالي على خلق بيئة تعايش بين مكونات الطبيعة، اعتمادا على الارث الطويل بثقافة الاحترام المتبادل بين البشر والبقر، وتسمية العام الحالي في البصرة بعام “البقرة” عسى ان لا يكون شبيها بعام الفيل.

مشروعية ايجاد عبد الصمد لا يبدو عليها اية غبار سوى كونها تجهل بالتاريخ القريب، فهي لا تحتاج الى كل ذلك، بعد ان اثبت الرئيس المخلوع ان اصول اهل البصرة هنود، وان جاموس عبادي الشهير من مداليل التاكيد على تلك النظرية، لكن لا احد يقرأ…

بقي ان اشير الى اختيار المالكي لعبد الصمد الذي شغل منصب رئيس مؤسسة الشهداء، لا يخلو من نبوءة وحكمة ودراية مستقبلية، فهو قد يضطر ذات يوم الى التعامل مع ابناء البصرة على كونهم شهداء اذا –لا قدر الله- اعترضوا على مشروع التأهيل الهندي للبصرة.