19 ديسمبر، 2024 11:01 م

بسمه تعالى الحل في تسوية القوى السياسية

بسمه تعالى الحل في تسوية القوى السياسية

ينشغل المشهد العراقي بموضوع التسوية السياسية الذي طرحه التحالف الوطني و الذي اعتقد انه استباق لمرحلة ما بعد تحرير الموصل اذ ترتسم الكثير لدى شياطين السياسة في العراق من الافكار لما بعد التحرير و يبدو ان ايادي المحيط الاقليمي التي تجد في العراق ارضا خصبة لنقل صراعاتها اليه هي من تدير تلك المخططات و تهيئ لها.
و حسنا فعل التحالف الوطني حين سمى مبادرته بالتسوية السياسية اذ انه وضع اليد على المشكلة الاساسية في البلد نعم انها مشكلة سياسية بأمتياز و ليست الطائفية الا نتاج الفعل السياسي في هذا البلد هذه المشكلة التي القت بظلالها الثقيلة على المجتمع و اغرقته في سلسلة من المشاكل و التعقيدات التي تفاقمت و تعمقت بشكل مخيف.
يبقى السؤال هنا هل ان لدى القوى السياسية الرغبة الجادة في ايجاد تسوية سياسية تنقذ البلد من وضعه الكارثي ؟
انا شخصيا اعتقد ان ليس لديها الرغبة في ذلك فالعقلية التي تحكمت بنا طيلة الفترة التي تلت سقوط النظام هي ذات العقلية اليوم و لم تتبدل بل انها تمادت في غيها السياسي و كل ما تطرحه و يبدو ان ظاهره انيق ما هو الا محاولة للاستمرار بالامساك بالحكم و ترسيخ الوجودات السياسية لتلك القوى.
و برأيي اذا كانت تلك القوى جادة في تصحيح المسار فعليها ان تقوم بالامر ضمن عدة خطوات اولها :
1-    تغيير قانوني انتخابات مجالس المحافظات و مجلس النواب بما يضمن ايجاد مشاركة واسعة خصوصا مع ملاحظة التغير الكبير في القناعات لدى المواطن العراقي بعد الدرس القاسي لاحداث ما بعد سقوط الموصل و رغبتهم في التغيير , و ينبغي لتغيير القانون ان يضمن عدم هيمنة الكتل المتحكمة في البلد اليوم و افساح المجال امام قوى وطنية يمكن لدخولها العملية السياسية ان يعيد التوازن لها و لعل في تجربة ظهور حركة التغيير في اقليم كردستان التي احدثت تغييرا حقيقيا في العملية السياسية في الاقليم و ادت الى الشعور بوجود بصيص امل يمكن ان يحرك حالة الجمود السياسي و ينهي حالة الاحتكار السياسي التي تصيب المجتمع بالشلل.
2-    اشار رئيس الوزارء العبادي الى ان موقفه من التسوية السياسية هو انها ينبغي ان تتوجه الى المجتمع لترميم التكسر الذي احدثته داعش فيه و هو تشخيص خاطىء بنظري اذ ان هذا التكسر هو نتيجة لاسباب اعمق اهمها حالة التأزم السياسي الذي تعتاش عليه القوى السياسية لضمان ديمومة وجودها و تربعها عرش العملية السياسية و لكن ينبغي الالتفات الى ان ايجاد المصالحة المجتمعية كما سماها العبادي هي احد الخطوات التي ينبغي ان تسير قدما مع عملية التسوية السياسية و اعتقد ان افضل الخطوات التي يمكن ان تساهم في ايجاد حالة المصالحة المجتمعية هو ايجاد مجلس لاعيان البلد و زعماؤه الذين يحظون بحظوة اجتماعية و باعتقادي فأن هذا المجلس يمكن ان يتقدم بخطوات في مجال المصالحة المجتمعية و حل بعض المشاكل الاجتماعية.
3-    التصدي لآلة الفساد التي دمرت اقتصاد البلد و بناه التحتية و الضرب على يد المفسدين و ايجاد رقابة صارمة على مصادر تمويل الاحزاب و الجماعات التي تضخمت ثرواتها بشكل مخيف بفعل الفساد المنظم الذي تمارسه.
فأن من شأن ذلك ان يساعد في ايجاد استقرار اجتماعي يساعد بالمحصلة في ايجاد التسوية السياسية.
ان حالة التنافر السياسي بين القوى السياسية هو نتاج لعدم الثقة بينها و هذه الثقة لا يمكن ان ترممها المؤتمرات و اللقاءات بل لا بد من اتفاقات حقيقية يتم فيها تقديم التنازلات العادلة البعيدة عن الاستئثار و اقصاء الاخر و ايجاد آليات ثابتة تديم الحوار بين الفرقاء السياسيين و تشعرهم بشراكة حقيقية ليست قائمة على تقاسم الكعكة كما يحلو للبعض ان يعبر.
مع كل ذلك يبقى ان الحل هو في ازاحة الطبقة السياسية المتحكمة و ايجاد طبقة سياسية جديدة تنتجها الاصابع البنفسجية التي ستقرر حال البلد في السنوات القادمة فأما الى نكوص و اما الى أمل في التغيير.

أحدث المقالات

أحدث المقالات