4—سمات الراسمالية الحكومية
5—الصناديق السيادية في العالم.. اين أموال العراق الضخمة؟
6—بعض المصادر
(4)
الرأسمالية الحكومية هي نظام اقتصادي تقوم فيه الدولة بدور رئيسي في إدارة وتنظيم الاقتصاد، ولكنها تعمل وفق منطق السوق الرأسمالي، بما في ذلك الاستثمار لتحقيق الأرباح. على عكس الاشتراكية، التي تسعى إلى توزيع الموارد بشكل عادل بعيدًا عن منطق السوق والربح.
وتركز الرأسمالية الحكومية على تحقيق الكفاءة والربحية مع الحفاظ على قدر كبير من سيطرة الدولة.
1. سمات الرأسمالية الحكومية
• الملكية العامة للمشاريع الكبرى:
تمتلك الدولة المؤسسات الاقتصادية الكبرى أو تتحكم فيها، مثل شركات النفط، النقل، والبنية التحتية.
هذه المؤسسات تُدار غالبًا بأسلوب مشابه للشركات الخاصة، بهدف تحقيق أرباح تنافسية.
• التدخل في السوق:
تتحكم الدولة في تنظيم السوق والتأثير على العرض والطلب عبر سياسات نقدية ومالية.
تُستخدم هذه الأدوات لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية، مثل الاستقرار الاجتماعي أو النمو السريع.
• تحقيق الربحية:
تسعى المؤسسات الحكومية إلى تحقيق أرباح تستخدمها الدولة لتمويل الخدمات العامة أو توسيع الاستثمار.
• الشراكة بين القطاع العام والخاص:
الدولة قد تشجع التعاون مع الشركات الخاصة (وفق شروط القانون والنظام والشفافية والكفاءة) ضمن إطار يخدم المصالح القومية.
2. أمثلة بارزة على الرأسمالية الحكومية
• الصين:
تعد الصين المثال الأبرز، حيث تملك الدولة شركات كبيرة في قطاعات استراتيجية مثل الاتصالات، الطاقة، والبنوك، بينما يُسمح بالقطاع الخاص في مجالات أخرى.
ويتم توجيه الاستثمارات وفق خطط الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية.
• روسيا:
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، تم تطبيق شكل من أشكال الرأسمالية الحكومية، حيث تمتلك الدولة شركات كبرى في مجالات النفط والغاز مثل “غازبروم” و”روسنفت”.
• دول الخليج العربي:
تعتمد دول مثل الإمارات والسعودية على الشركات الحكومية التي تُدار بأسلوب السوق لتحقيق التنمية الاقتصادية، مثل أرامكو وسابك.
3. مزايا الرأسمالية الحكومية
• تحقيق الاستقرار الاقتصادي:
يتيح للدولة السيطرة على قطاعات حيوية ومنع الاحتكار أو الانهيارات الاقتصادية المفاجئة.
• توجيه التنمية:
يسمح للدولة باستخدام الموارد لتحقيق أهداف استراتيجية مثل التصنيع أو الابتكار.
• توفير التمويل للخدمات العامة:
الأرباح المحققة يمكن استخدامها لتمويل التعليم، الصحة، والبنية التحتية.
4. الانتقادات
• بيروقراطية وفساد:
قد تؤدي سيطرة الدولة إلى ترسيخ البيروقراطية وغياب الشفافية في إدارة الموارد. وخصوصا ان كان النظام فاسدا كما هو حال النظام العراقي المبني على الفساد والتعفن القيمي والأخلاقي والسياسي والديني والثقافي!
• ضعف المنافسة:
احتكار الدولة لبعض القطاعات قد يقلل من الابتكار والكفاءة مقارنةً بالسوق الحر.
• تضارب المصالح:
قد تُستخدم الشركات الحكومية لأغراض سياسية بدلاً من تحقيق المصالح الاقتصادية.
5. الرأسمالية الحكومية في العالم العربي
في العالم العربي، يمكن وصف معظم الاقتصادات بأنها تجمع بين الرأسمالية الحكومية والنفطية. تعتمد دول مثل السعودية والإمارات على شركات حكومية ضخمة تُدار بكفاءة عالية.
لكن في دول أخرى، تُنتقد الرأسمالية الحكومية بسبب ضعف الشفافية وسوء الإدارة، مما يؤدي إلى نتائج محدودة.
(5)
الصناديق السيادية هي كيانات استثمارية مملوكة للدول تُستخدم لإدارة الفوائض المالية الناتجة عن الموارد الطبيعية أو الفوائض في الموازنة العامة. تُعد هذه الصناديق أدوات اقتصادية حيوية لتحقيق الاستدامة الاقتصادية وضمان استثمار العائدات في أصول متنوعة طويلة الأجل مثل الأسهم والسندات والعقارات وصناديق الاستثمار.
أكبر الصناديق السيادية في العالم تشمل صندوق التقاعد الحكومي النرويجي الذي يدير حوالي 1.4 تريليون دولار من عائدات النفط والغاز.
وهو ممول بالكامل من عائدات النفط والغاز. الصندوق يُدار وفق فلسفة رأسمالية تستند إلى مبادئ السوق الحر، حيث يستثمر في مجموعة متنوعة من الأصول تشمل الأسهم والسندات والعقارات في جميع أنحاء العالم. ويهدف الصندوق إلى تحقيق عوائد مستدامة على المدى الطويل مع حماية الاقتصاد النرويجي من التقلبات الناتجة عن أسعار النفط.
وجهاز أبوظبي للاستثمار الذي يدير أصولًا تقارب 900 مليار دولار ويستثمر في قطاعات متعددة مثل البنية التحتية والتكنولوجيا.
كما يبرز صندوق الاستثمارات العامة السعودي كأحد أكبر الصناديق بأصول تبلغ 750 مليار دولار، إذ يسعى إلى تنويع الاقتصاد السعودي بعيدًا عن النفط عبر استثمارات في التكنولوجيا والترفيه.
في الكويت، تُدير هيئة الاستثمار الكويتية حوالي 750 مليار دولار من الفوائض النفطية لتأمين الاستدامة الاقتصادية.
هيئة قطر للاستثمار تُعد أيضًا من اللاعبين الرئيسيين بأصول تصل إلى 450 مليار دولار مستثمرة في قطاعات الرياضة والعقارات والأسهم العالمية.
أما في الصين، فتُدير مؤسسة الاستثمار الصينية 1.35 تريليون دولار من احتياطيات النقد الأجنبي والفوائض المالية مع تركيز على استثمارات التكنولوجيا والطاقة.
تهدف الصناديق السيادية إلى حفظ الثروات للأجيال القادمة وتقليل الاعتماد على مصادر الدخل التقليدية مثل النفط والغاز. كما تُستخدم لتحقيق استقرار الاقتصاد الوطني من خلال حماية الدول من تقلبات الأسواق العالمية وتمويل المشاريع التنموية. تتبنى هذه الصناديق استراتيجيات استثمارية متنوعة تشمل استثمارات طويلة الأجل في أسواق الأسهم والعقارات وتوزيع الاستثمارات جغرافيًا بين الأسواق الناشئة والمتقدمة مع تركيز متزايد على التكنولوجيا والابتكار لدعم التحولات الاقتصادية.
تواجه الصناديق السيادية تحديات متعددة تشمل تقلبات الأسواق المالية التي قد تؤدي إلى انخفاض قيمة الاستثمارات، واعتماد بعضها على مصدر دخل واحد مثل النفط مما يزيد من تعرضها لتقلبات الأسواق، بالإضافة إلى قضايا الشفافية والإدارة في بعض الحالات. مع ذلك، تبقى الصناديق السيادية أدوات اقتصادية استراتيجية تدعم استدامة الاقتصاد الوطني وتحقق التوازن بين الاستخدام الحالي للعائدات والاحتفاظ بها للأجيال المقبلة.
الصناديق السيادية في العالم الرأسمالي تعد أدوات اقتصادية بارزة تستخدمها الدول لتعزيز قوتها الاقتصادية على المستويين المحلي والدولي. في النظام الرأسمالي، تتميز هذه الصناديق بإدارة فائض الموارد المالية الناتجة عن صادرات السلع أو الفوائض النقدية بطريقة استثمارية تسعى إلى تحقيق الربحية والاستدامة. على الرغم من ارتباط الصناديق السيادية غالبًا بالدول ذات الاقتصادات المعتمدة على الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز، فإن الدول الرأسمالية المتقدمة تستخدمها كوسيلة استراتيجية لتوجيه الاقتصاد والاستثمار في مشاريع محلية ودولية طويلة الأجل.
في الولايات المتحدة، رغم أنها لا تمتلك صناديق سيادية بالمعنى التقليدي، فإن العديد من الولايات مثل ألاسكا تدير صناديق مشابهة تستثمر فوائض الإيرادات النفطية. يتم استخدام هذه الصناديق لتمويل مشاريع البنية التحتية ودعم الخدمات العامة، ما يعكس نهجًا رأسماليًا في إدارة الفوائض المالية لخدمة الأهداف الاقتصادية المحلية.
وفي الدول الأوروبية، إلى جانب النرويج، تعتمد دول مثل سويسرا على صناديق استثمارية سيادية تمولها فوائض القطاعات الصناعية والخدمية. هذه الصناديق تعمل على تعزيز الابتكار التكنولوجي واستثمارات الطاقة المتجددة، مما ينسجم مع التوجهات الرأسمالية التي تربط النمو الاقتصادي بالتقدم التقني.
على الرغم من أن ألمانيا ليست من الدول المشهورة بالصناديق السيادية بالمعنى التقليدي، مثل تلك التي تمتلكها دول النفط أو الاقتصادات الكبرى الأخرى، إلا أنها تبنت بعض الآليات المشابهة للصناديق السيادية لدعم اقتصادها وتعزيز قوتها الاقتصادية في سياقات محددة. يعتمد الاقتصاد الألماني بشكل أساسي على الصناعة والابتكار، مما يجعل من الأدوات الاستثمارية ذات الطابع الاستراتيجي أداة مهمة لتحقيق أهدافها الاقتصادية.
أحد أبرز الأمثلة على الدور المشابه للصناديق السيادية في ألمانيا هو صندوق الاستقرار الاقتصادي الألماني (WSF)، الذي أنشئ في أعقاب الأزمات الاقتصادية الكبرى، مثل أزمة كورونا في عام 2020. تم تصميم هذا الصندوق لدعم الشركات الألمانية الكبرى التي تعاني من ضغوط مالية من خلال تقديم القروض أو الاستثمارات المباشرة. الهدف الأساسي هو حماية الوظائف والحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطني في مواجهة الأزمات.
علاوة على ذلك، ألمانيا تعتمد بشكل كبير على بنك التنمية الألماني (KfW)، الذي يُعتبر مؤسسة مالية شبه سيادية. يُدار البنك بتمويل حكومي ويستثمر في مشاريع بنى تحتية، طاقة متجددة، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة. KfW يُمكن اعتباره بمثابة “صندوق سيادي وظيفي”، حيث يوجه رأس المال إلى القطاعات الاستراتيجية لتعزيز التنمية المستدامة.
مؤخرًا، بدأت ألمانيا بمناقشة إنشاء صندوق سيادي جديد يستهدف دعم التحول الرقمي والابتكار التكنولوجي، خصوصًا في ظل التنافسية العالية مع الولايات المتحدة والصين. هذا الصندوق يهدف إلى استثمار الموارد المالية العامة في شركات التكنولوجيا الناشئة والأبحاث المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، ما يُعزز مكانة ألمانيا في هذه القطاعات المستقبلية.
على الرغم من عدم وجود صناديق سيادية تقليدية ضخمة في ألمانيا مثل الصناديق النرويجية أو الصينية، فإن أدواتها الاستثمارية، مثل WSF وKfW، تُظهر كيف يمكن لدولة صناعية متقدمة أن تستخدم نهجًا مختلفًا لدعم اقتصادها وتحقيق أهدافها الاستراتيجية طويلة الأجل.
الصناديق السيادية في الدول الرأسمالية تمثل أدوات فعالة لتعزيز النمو الاقتصادي وتوجيه الاستثمارات بما يخدم المصالح الوطنية. على الرغم من أنها تُدار وفق مبادئ السوق الحر، فإنها غالبًا ما تُستخدم كوسيلة لتحقيق أهداف استراتيجية طويلة الأجل، مثل تعزيز الابتكار، تنويع الاقتصاد، وحماية الدول من الأزمات المالية العالمية.
(7)
مصادر
1. كتب ومراجع أكاديمية:
“State Capitalism: How the Return of Statism is Transforming the World”
تأليف: جوشوا كورلانتزيك.
يناقش الكتاب عودة الدولة كفاعل اقتصادي رئيسي ودورها في الرأسمالية الحديثة.
“The End of the Free Market: Who Wins the War Between States and Corporations?”
تأليف: إيان بريمر.
يقدم الكتاب تحليلاً مفصلاً عن الدول التي تتبنى الرأسمالية الحكومية وكيفية تأثير ذلك على السوق العالمي.
“State Capitalism”
تأليف: بول كوكشوت وآخرون.
يقدم نظرة ماركسية نقدية لتحليل الرأسمالية الحكومية كظاهرة اقتصادية وسياسية.
2. مقالات ودراسات:
“The Rise of State Capitalism”
مجلة: The Economist.
تاريخ النشر: يناير 2012.
يناقش المقال صعود الرأسمالية الحكومية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي.
رابط المقال
“China’s State Capitalism: Its Impacts and Challenges”
دراسة منشورة في مجلة: Asian Survey.
تستعرض النموذج الصيني للرأسمالية الحكومية وتأثيراته المحلية والدولية.
“State-Owned Enterprises and Their Role in Global Trade”
تقرير من إعداد منظمة التجارة العالمية (WTO).
يناقش دور الشركات المملوكة للدولة في التجارة الدولية.
تقارير البنك الدولي حول دور المؤسسات المملوكة للدولة في التنمية الاقتصادية.
رابط الموقع
موقع IMF (صندوق النقد الدولي):
يقدم رؤى نقدية وتحليلية حول سياسات الرأسمالية الحكومية في دول مختلفة.