– أتقن الحطاب المقاربة الوصفية وجسد صوراً برؤيا عميقة في الخطاب الشعري
– داخل الإبهام والتشويق وصهر الذات الشعرية ليضفي روعة نادرة بتوصيفه لرائعة جواد سليم
ألفاظ موجزة رشيقة، رؤيا عميقة ، مازج فيها جواد الحطاب بين الشعر الوصفي والموضوعي، وهذه ميزة اتقان تحسب له، رغم أنه لايحتاج لحساب نعدد ميزاته من خلاله، كشاعر قارب وصفه لأن يصهر الذات الشعرية في قلب الموضوع، وهذا يعد انقلاباً في (شعر الوصف) . فالوظيفه الجمالية للنص الأدبي (شعراً كان أم نثر) تبرز من خلال استدراك المعنى واستخدام المنهج الوصفي بدقة متناهية في استخدم الدلالة في لغة الخطاب الشعري وتوظيفه للتفسير البلاغي لاستكمال المعايير الفنية للنص.
دالة كلامنا أن التوصيف غرض من أغراض الكلام للدلالة على الأشياء، وتبيان مكنوناتها ليستجلي من يريد ويفهم مغزى ما جاءت به أو عليه ، أي تبيان الصفة التكوينية لما يراد تفسيره . والنص الوصفي هو ما اكتمل معناه وتناسق بشكل مستقل ومتكامل، ومن شروطه أن يعبر عن الفكرة بمنطقية متناغمة بين أجزاء النص، ولابأس أن يكون -النص- قصيراً، لكنه لابد أن يكون معبراً عن المحتوى الذي كتب من أجله، وأن يرتبط بالحدث، وقد يتناول النص الوصفي شأنه شأن الشعر عامة مواضيع شتى ولا يقتصر على موضوع بذاته.
من هنا ذهب جواد الحطاب ليورد مفردات متناقضة في الدلالة والمعنى ، لكنه وظفها بتناسق في النسيج العام لقصائد مجموعته (بروفايل الريح)، وهنا يتبادر سؤال غاية في الأهمية مفاده، ما
الرابط بين (بروفايل الريح.. و المطر) ، ربما أراد جواد “الكناية” من تضمين العنوان مفردة المطر مقرونة بالريح ليعبر من خلالها عن تبدل وتقلب الأحوال في مكان معين وعدم استقرارها على صورة أو طبيعة واحدة، كما هي في النصب الذي تناوله بالوصف من خلال قصائد مجموعته الشعرية.
أراد الحطاب أن يقدم عملاً غير مسبوق يحسب له التفرّد والسبق فيه، فكان أن جسد مجموعة شعرية رائعة ، أو بدت لي كذلك حتى الآن، فلربما يأتي شاعر أخر يبدع في هذا الحقل، لكن سيحسب السبق للحطاب وما أختط من روائع شعرية سبقت.
تبرّعت الأمهات بصراخهن إلى الحصان
فلا سلاسل تقيّد الصهيل
..
.. من همسة آلاف سنة
يتوشّح بالحياة
شعفاته : يا ما كان ..
وحوافره: الريح !
أبقى جواد الحطاب على الجو المشحون للقصيدة حتى النهاية، وتلك قدرة على المواصلة لا يتمكن منها سوى شعراء القمة، والحطاب يعد واحداً من القلائل اليوم من الذين تربعوا على القمة بما كرّسه من منهج خلال مسيرته الشعرية الطويلة.
هل تستعرض المدينة
أمّ ..
جاء الجيش إلى اللعب معي..
سنلعبُ..
لعبة الحكومة والمتظاهرين
ممتطين هراوات
عصيّاً كهربائية هذه المرّة !!
كثيراً ما يتناول جواد الحطاب في شعره ( المبهم) وهو اسلوب دقيق في التشويق عند كتابة النص الشعري، يختلف عما في الروايات والأجناس الأدبية الأخرى، لذلك عمد الى تضمين صوره الشعرية في مجموعته الأخيرة – موضوع الدراسة- العديد من صيغ الإبهام، ربما لزيادة في التشويق أو لفتح الباب لتأويلات عدّة قد يُفسر النص الشعري على وفق مضمونها.
الشراشف البيضاء
لم تعد مكوية
لون غامض
على الشراشف البيضاء
فتحت الطلقات ( غاراً) له في جسده..
.. فـ دخل
واعشوشبت وراءه المقدسات.
خاطب الحطاب في نصوصه الغائبين واستخدم النداء فجاء بازدواجية تتقارب فيها الصور ليشكل من خلالها لوحة شعرية ناطقة ، ناظرت لوحات النصب في التعبير اللا متناهي للمعنى.
يا أمناء سرّ الجرح
ارفعوا الأفق.. لتراه
فلا غياب يزوّر دم ابنها
واطمئنّوا ..
سرّها في النبع
لن تلوّثَ رحمَ الأرض
أمطارُ الفجيعة..
دائما ما يذهب الحطاب ( للوجداني ) فهو بميله ذاك يتجاوز الملفت من الأشياء الظاهرة متخطياً حدودها، ليسجّل رموزاً تشي بأسرار ما ورائها، هو يعمل على المحسوس الظاهر ليجسد خطاباً يلامس الوجدان بتفسيره للأشياء أو الصور التي يرسمها بشعره، كما في قول الرائع الراحل عبد الوهاب البياتي:( أنتظر المبشر الإنسان ، أنتظر الطوفان).
روعة الشعر أن يرسم الأمل، وأن يلامس من خلال ابياته الوجدان، وهنا أراد البياتي عبر التوصيف (الانتظار) أن يزرع الأمل اللا منتهي، وأن يجسّد في بيته ذاك الشعور الذي يأسر من خلاله قلب المتلقي بما ينتظر أي ( الطوفان) ، وهو شعور وجداني بتغيير شامل يكتسح المشهد ويكرّس قادما أجمل.
ذلك التوجه أتقنه الحطاب فنفذ من خلال رؤيته الجمالية للأشياء ليبعث فيها صورة المعاناة والأمل، وليرسم صورة مكتملة ربما تختلف عما جسده (جواد سليم) في منحوتته الرائعة ( نصب الحرية).
معاذ الربّ
.. هذا ليس كلام الشعراء
فالـ (رحّالة) قد تركوا في (الـيوميات)
خرائط .. تنتشر (الآبار)عليها
.. خرائط بهوامش
ودبابيس ملوّنة !!
الرؤية العميقة التي ضمنها الحطاب نصه، ورشاقة أبياته وجزالة ألفاظه كانت الرابط ما بين ما استخدمه من أبواب الشعر، سواء الوصفي، أو حتى الموضوعي، وبين ما اتقنه في اللعبة الشعرية، كما هو دائما، ولم يذهب لوصف الظاهر أو الخارج من عمل جواد سليم، أو لمجرد الوصف الشكلي للأشياء ، بل غاص في ثنايا العمل الفني ليظهر لنا عملاً لا يقل في القيمة الفنية عن قيمة نصب الحرية، بل سعى لتخليده عالمياً عبر أبياته، لاسيما وانّه شاعر تُرجم شعره للغات عدة.
تبرّعت الأمهات بصراخهن إلى الحصان
فلا سلاسل تقيّد الصهيل
..
.. من همسة آلاف سنة
يتوشّح بالحياة
شعفاته: يا ما كان ..
وحوافره : الريح !
لم يقتصر خطاب (جواد الحطاب) الشعري على الوجداني، بل مازجه بالعديد من الأبواب الشعرية وولج من خلاله توصيفات عدة ، لم يكن السياسي بعيداً عن استخدامات الحطاب، ومثله ( أي الحطاب) حين يقرع باباً من أبواب الشعر يدخله دون استئذان، فجاء خطابه الشعري متفق ومتناسق مع مضامين وصيرورة ما ضمن (جواد سليم) نصبه من معان.
في الزمن التقريبي لـ(كعك السيّد)
اصيب بالفوتوغراف
• الوصيّ: على ظهر الدبابات البريطانية
• المغامرون : على ظهر الدبابات الوطنية
• السرّاق: على ظهر الدبابات الامريكية
عدّة تجارب سابقة عملت على التداخل الوصفي ما بين ظواهر وجودية تم التعبير عنها بقصائد ربما خُلدت، لكن هي التجربة اليتيمة التي ذهب فيها جواد الحطاب ليعمل كما ذكرنا على المقاربة ما بين نصوصه ومنحوتات ( جواد سليم).
فالقدرة التي تعامل بها الحطاب في نصوصه الشعرية مع عمل (سليم ) ورغم صعوبة منحوتات وأعمال جواد سليم ، وصعوبة فك طلاسمها أو الغموض في معانيها، استطاع من خلالها أن يضع ( صوراً ناطقة) كتوصيفات شعرية دقيقة لما جسده (جواد سليم) من عظمة المشهد في نصبه الخالد.
.. بأخاديد الدبابات
(تضع القنصليات بيوضها)
وتعددت الأيام :
• الجمعة الدامي..
الأحد.. الثلاثاء.. السبت.. الأربعاء
.. امتلأ الأسبوع دماً
فمن أين سنستأجر أياماً بيض..
وهمرات / فتاوى / الأحزاب
سجّلتنا: (زائدة) حياتية !!!!!
وفي خضم استخدام (جواد الحطاب) في شعره للخطاب الوصفي ، ذهب ليوظف غرضاً أخر من أغراض الشعر يتمثل بـ (الديني) أو الايحاء الديني، إن صح القول، بتناغم واضح ليستدل، بل ليكرس في نصوصه توظيف الخوارق من الأفعال (معجزات) الأنبياء التي شرفهم الله بها سبحانه، فجاءت أبياته هنا غاية في الدلالة لتظهر لنا صورة جلية، وقد أختطها الحطاب بدقة التوظيف وتجسيد المعنى الايحائي الدلالي على شكل القالب الفني لقصائده، وكأنه أراد أن يمنحها لبوس القدسية.
يسير الأنبياء على الماء
ونسير على اللهب..
فهل اختارنا اللّه
لتبليغ رسالته الجديدة ؟؟
أجاد الحطاب كعادته في توظيف الاستقلال الوصفي بحد ذاته، وهذه براعة قد لا يتقنها الكثير من الشعراء، ذلك أن أغراض الوصف في الشعر أما أن يأتي متداخلاً أو أن يكون مستقلاً كما عند جواد. وتلك ميزة للحطاب الذي أتقن توظيف استخدام الخطاب الشعري الوصفي بدقة استقلال قواعده، وعدم تداخلها مع معانٍ أخرى قد تأخذ ذهن القارئ نحو غير قصد إن استخدم الشاعر التداخل.
.. أعدُّ الخرفان بمسحال الكبش
وبمحض قرنفلة ..
أعكفُ على تأليف عصفور
.. في أفق مسنّن
أستشعر البساطيل
: اترت.. اترتْ
اترت.. اترت.. اترتْ
اترت.. اترت.. اترت.. اترتْ
وتقترب الطبول..
قد يتناول النقاد البعد الملحمي الذي جسده الراحل ( جواد سليم) في ملحمة نصب الحرية، لكني ابتعد عن ذلك التناول الذي يريد أن يأخذ بقصائد ( جواد الحطاب) ومجموعته تلك باتجاه شعر الملحمة ، ليصفه بأنه تناول لحدث صيغت أبعاده في الماضي وبات حكمه (تاريخي)، وأعتبر من مشاهد نضال الشعوب في فترات قد مضت، أو قيل، إنها تصور ملاحم الثورة ، وهي وجهات نظر ليس إلا، ولكل منها نصيب لمن يتناول قصائد المجموعة ( بروفايل الريح ) بالدراسة والتحليل. وللوقوف على فكرة التناول الملحمي ، فقد سبق للحطاب أن أبدع في ملحمته الرصينة المتوافقة مع الزمان والمكان (شالوم مسلح) حين كتبها بنص يحمل في طياته كل ما يتعلق بقواعد الشعر الملحمي، أي أن الحطاب ليس ببعيد عن شعر الملحمة.
ربما يقول البعض أن هناك تداخلات عدة جاء بها الحطاب في مجموعته، أقول نعم لقد سعى جواد الحطاب لتوظيف تلك التداخلات ومنها الاستفهام والدهشة التي مثلها باسئلته العديدة التي احتوتها نصوصه ، لكنها لم تكن تتداخل مع العنصر الرئيسي الذي ارتكز عليه في البناء التكويني للمجموعة، أو استخدمها متداخلة مع الغرض الوصفي عند بناء هيكل قصائده، ولا حتى في المتن أو للتعبير عن مضامينها. وجواد الحطاب مدرسة يؤخذ منه أصول العمل الإبداعي وقواعده،
فكيف لنا إن جاز التعبير أن نبحث عن قصور.
لقد جسّد الحطاب نسقاً جمالياً ينم عن ذائقة شعرية فنية استطاع من خلالها التعبير بفنية عالية ما أحتواه النصب، هو عمل جديد متفرد غير مسبوق اختط من خلاله صوراً دقيقة بألوان شتى، استطعنا أن نتحسسها بل نراها وقد طغت على صفحات نصب الحرية، حتى بات النصب أكثر ألفة لنا بعد أن فك رموزه الحطاب بترابط زمني تم توظيفه بعناية تامة،
جمع جواد من خلالها التاريخ بالحاضر، وأفرد للخيال مجالاً ليتداخل عبره الزمن، حتى تلك المساحات من السعة التي أفردت لأبياته فسحة من التوافق ما بين العمل الفني (النصب)، والشعري في القصائد.
يتسسلل من كتب التاريخ، رجال الدين النجفيون
( الجذر التربيعي لعشائر زوبع)
لاتنقصهم الاسطورة
: مكوار اعزل
يقرّب ( في صينية مدفع) نجوماً للفالات
ويتكوكب في الأبدية.
التوصيف في الشعر لا يكتمل معناه ما لم تكن هناك دلالات وصفية يتمثل استخدامها بإشارات للدلالة، هي عند جواد سليم واضحة المعالم، فالنحت كفن لا يكون مقنعاً ما لم يحتوي على تلك الإشارات الدلالية، أو الدلالات التكوينية للعمل، لذلك نرى فن النحت ينصب على أشكال تمثلها دالات معروفة بل ملموسة، لكن قد تختلف تفسيراتها عند فنان عن أخر.
وقد تكون عند الشعراء أيضا لكنها ليست بنفس الحدة، كونها تعتمد على عملية إتقان استخدامها ، وهنا أرئ أن الحطاب قد أتقن توظيف تلك الدلالات بل اضاف باستخدامها بعداً جمالياً أبعد مما نتصور، فقد جسّد الأحداث بشعره، وفق تصوراتي كما أراد لها ( سليم)، فجاء عمله لا يقل إبداعاً وتصويراً للأحداث التي أراد جواد سليم رحمه الله تجسيد مشاهدها في نصبه الخالد.
إن دالة ما نكتب حول إبداعات الشعراء والأدباء الذين نتناولهم بالدراسة هي أظهار دقة الجوانب الفنية الإبداعية في الأعمال التي ينجزوها، وما تحتويه من اشارات دالة وتصوير واستخدام لقواعد وأصول العمل الفني وركائزه، ودقة توظيف عناصره، قد يقول قائل والعيوب التي قد يحتويها النص الشعري أو العمل الأدبي، أيّا كان، أقول وهل في نصوص الحطاب عيوب بعد تلك المسيرة التي تربع على قمتها بين الكبار، خصوصا في مجموعته المتفرّدة هذه ، وقيل (أن المعرّف لا يعرف).
أأخيراً..
أأخيراً أيتها (الفالة)
تمكّنت المجنّدات
من أرحام آبائنا ..؟؟
.. من بيرسي كوكس
إلى بول بريمر
.. من مس بيل
إلى باربرا بوداين
رسم الحطاب صوراً غاية في الدقة من خلال نصوصه، حملت عمقاً تداعت له المعاني، يقف القارئ أمامه في دهشة مفرطة وهو يقرأ تلك الكلمات التي تحمل أبعاداً للتناغم الصوري للقصيدة مع الحدث، وأي تناقض قد جاء به الحطاب في ابياته ليزج من خلاله صوره الناطقة والمعتمة أمامنا من فرط ما احتوته من غرابة.
حبة دمع واحدة
من عين أم..
كافية لتقيم الملائكة
وحين أراد الحطاب أن يخرج من فوضى ما كرسه من عتمة في المشهد السابق، بنى أبياته القادمة على التصوّر، وحاول فك رموز الدهشة بتوظيف التداخل ما بين الجمل الشعرية والزمن، فمن الآني حتى الحاضر والماضي، أزمان تنتهي ثم تبدأ على غير أفق، فالملموس يكمل المحسوس بمحاولة منه لأخذ القارئ نحو عوالم اللا معقول. فكيف للجنود أن تكون من (تنك)، وكيف للريح أن تُصَفر في (الجنرالات). وكأنّ الحطاب يوصل لنا خطابه الشعري عبر ذاكرتنا المثقوبة، والفوضى في التصوّر، وبقرار حازم يرسم تلك اللوحة الوصفية لما احتوى نصب جواد سليم.
كأنيّ رأيت المشاهد – من قبل – في السينما
: جنود من تنك
وجنرالات تصفر فيها الريح !!
عمل جواد الحطاب على المقارنة في نصه ليقترب من معان ما أضمره (سليم) في ثنايا عمله، وكانت نصوصه بمثابة دليل يأخذ بالقارئ عبر تأويلات النص ، وليضع يده على مكامن الغموض التي تكتنف النصب. أبدع الحطاب في المقارنة الشكلية والوصفية وثبتها كصفة دالة لتلك الأشكال التي أتقن تشكيلها (سليم)، لتحتل مكانتها في ذاكرة العراق وأهله، مثلما سعى الشاعر لتكون نصوصه متماهية مع الوصف والزمن. قاصداً بعمله الكبير هذا أن يذهب في اتجاهين الأول يحتمل أن يكون عملاً مفرداً إن جاء دون مستوى ما كان يطمح (بلند الحيدري )، ( والقول مجازي طبعا)ً، فالحطاب شاعر مرهف فذ لا يضاهى، ولكن نحن هنا نضع احتمالات لفك رموز النص، وهنا سيقول الحطاب إنها محاولة يكفيني شرف الذهاب في اتجاهاتها العميقة. وهو ما نوه عنه في المقدمة التي افتتح بها مجموعته. والثاني تمثل في مجارات عمل ( جواد سليم ) بدقة ما ذهب الحطاب وأبدع في تأويلاته التي أضافت لجمال النصب جمالاً أخر فيما جسّده من تصوير دقيق لرموز نصب جواد سليم. هي كما قال عنها الحطاب ( مغامرة )، وأرى أنه لن يحتاج لـ(يدعي) كما قال الحيدري.
مخلوطاً بقوس قزح ..
منذ الزمان اللَّبَني
أتواتر ..
أتعرّض للتحريف
.. تنفخُ ألقابَك بالسيليكون
وتنفخُ الكورُ بخارَها الدافئ على وجهي
سأكتفي بهذا المشهد الشعري الرائع الذي أوجزه الحطاب، وإني لأصفه ( بالديوان المتكامل )، ستة أبيات تعادل ديوانا كاملا، جمع فيها الحطاب كل عناصر بناء القصيدة وزادها بأن تكون صوراً ناطقة متكاملة لأجزاء ماضيها وحاضرها، بعدها الجغرافي والأثري، استخدم فيها أسلوب الاستفهام بدقة، كرس التناغم والتناظر، وأبتعد عن المبالغة والتزويق اللفظي، ورسم الوطنية بأبعادها المحببة، وجال بالعراق حتى أخذ به ليزجه في غرفة الإنعاش.
أيّ تيه ذاك الذي يجرنا إليه جواد الحطاب، وأيّ سحر بكلماته التي أراد أن يذهب بها لطريقتنا في تقويم الأشياء وسرد رموزها ، وأيّ حقائق ضمنتها خطابك الدامي يا جواد لما عليه حال العراق اليوم، وما نعيشه في ظل من احتكموا لقسّام العراق الشرعي، دون عن أبناءه المصابين بالدهشة لما يجري. مجموعة أقل ما يقال فيها إنها رائعة.
وأترك الحكم للقارئ إن استدرك كل المعاني التي لم أؤشرها في هذه الدراسة.
• يرتفعون في الذكرى
ويهبط من عليائه العنقودي
• هل أحدٌ يُصاب بالجغرافيا ؟!!
.. ولدنا مصابين بالعراق
• تركوا العراق في غرفة الإنعاش
وانشغلوا بالقسام الشرعي
وهنا سأورد ما تضمنته مجموعة ( بروفايل الريح ) من تعريف (جواد الحطاب) .
* من مواليد البصرة مدينة الثقافة العربية قديماً، ومدينة السيّاب والبريكان وسعدي يوسف ومحمد خضير في عصر الحداثة الشعرية.
* تصنّفه الدراسات النقدية بأنه من )الموجة الثانية( لشعر السبعينيات؛ وإن كان البروفيسور عبد الرضا علي يقول عنه (شاعر عصيّ على التجييل).
* انتخب أميناً عاماً لأدباء وكتّاب العراق ) 1996 – 1992 (؛ وأميناً عاماً للأدباء الشباب (1982 – 1991).
* ساهم في تأسيس العديد من المنتديات والمطبوعات والصحف الثقافية وشغل رئاسة تحريرها.
* وصفه الناقد (صلاح فضل ) شاعر من سلالة المتنبي الباقية ( وعدّه الشاعر العربي محمد الفيتوري )واحداً من أهم شعراء العراق المعاصرين.
* يعتبر ديوانه (إكليل موسيقى على جثة بيانو- الساقي 2008 ) أول ديوان شعري مقاوم للاحتلال ولشاعر من داخل الوطن؛ وقد تعرّض بعد صدوره لأكثر من محاولة اغتيال، ووضعت تحت سيارته عبوة ناسفة.
* ولازال ببغداد .