15 نوفمبر، 2024 12:06 م
Search
Close this search box.

برلمانيات الكيا

برلمانيات الكيا

في حر أيلول، الذي يبدو أن باب الشتاء لم تزل موصدة بوجهه بإحكام، كانت الكيا ” مقبطة”، فيما شارع الكليات في الباب المعظم، شبه متوقف من زحمة السيارات، والتكاتك، ودراجات الدلفري، كل ذلك يجعلنا في وضع مؤهل للمشاحنات، في ظل النرفز العام، الكيا تحولت الى أشبه بالبرلمان المعارض، ثار أحدهم قائلاً : طبعاً السيارات تضخ الى الشارع من دون حساب ولاكتاب، رجل المرور ماذا يفعل أمام الملايين منها؟ .. رد آخر : المشكلة بالطرق، دلني على شارع جديد، او جسر أو مجسر، يخفف وطأة الزحام، علق ثالث: يمعودين هاي بغداد طاقتها الفعلية من السيارات 250 الف سيارة، بينما عددها الآن وصل الى 4 ملايين سيارة، والحسابة بتحسب.
وسط هذه الأجواء المشحونة، كان بجواري لصق، الى حد أن ساقه اليسرى بكل ثقلها اللحمي، تشاركني في كرسيي، يقلب في صحيفته، ويفتحها على مصراعيها، أحس ببعض الضيق ينتابني، فاراد أن يشركني بموضوع يناسب شيبتي، قال : السوداني وعد بتعديل رواتب المتقاعدين، لكن أي مؤشر “ماكو” على ذلك، وسمعت أن من يعرقل الزيادة وزيرة المالية طيف سامي.
وقبل أن أعرج على كلامه، جاء صوت من داخل الكيا، شنو طيف، رئيس وزراء كلشي بيده، ورد آخر: منو بحال المتقاعدين، ونط أحد الشباب: دخلي يحل مشكلة البطالة، عمري حيصير ثلاثين، وماكو وظيفة، ليش قرأنا وتعبنا إذا تاليها أكعد على بسطية، وفوكاها البلدية تركض ورانا.
حاولت أن ابقى مع صاحب الجريدة السبعيني، كما يبدو، سألته : ما سر تعلقك بالصحيفة؟
أجاب : اليوم الذي لا اطالع فيه جريدة، أشعر بشيء ينقصني .
قلت له : بإمكانك أن تتصفحها بالموبايل.
رد : العلاقة التي تربطني بها، ليس بما تحتويه من مضامين، لكن حتى رائحة ورقها يشعرني بصلتي بها، تربينا عليها، واصبحت جزءاً من شخصيتنا.
لكنها، موجهاً كلامي له، تلفظ أنفاسها الأخيرة، وربما هذه التي بين يديك، لن تجدها يوماً، فالعصر للكومبيوتر، والصحافة الإلكترونية .
هذا خطأ كبير، رد عليّ، بدليل أن المنطقة من حولنا، لم تزل لها صحفها، وهذا يؤكد أن لها جمهورها، يعني عندما تجد طبعات مسائية لبعضها، هل تتوقع أنها للترف، ام للبيع؟
قلت : انا معك، وأنا من المدافعين على هوية الصحيفة وهواية قرائها، غير أن التعامل بالورق الذي تحب رائحته تراجع، وترى الناس يقرأون ويكتبون في الموبايل.
عقب قائلاً: القراءة الورقية، تربية ثقافية في المقام الأول، تعرف أني علمت أولادي محبة القراءة من خلال مجلتي والمزمار، وميكي وسمير، ثم من مكتبة البيت، فإقتناء الكتاب له طعم خاص عما تقرأه من الموبايل.
وقبل أن اودعه، صحت : عندك نازل.

أحدث المقالات

أحدث المقالات