18 ديسمبر، 2024 3:49 م

بركان يقترب من حرق ماتبقى من العراق

بركان يقترب من حرق ماتبقى من العراق

قد يعذر من يغفل عن الخطر وهو يلهو على الشاطئ وهو أمرٌ شبه أعتيادي للجزر، لكن لاعذر لمن أمضى حياته أمام البركان يراقبه وهو يسكن الصحراء.
أعلم إنه من الصعب أن يوجد بركانٌ في صحراء وهو غير منطقي، لكن يصبح هذا الوصف (اللا منطقي) تعبير أوحد للحالة التي نعيشها، أنقرضت المنطقية، وفي كل يوم نتقدم ألف خطوة للاعراق أو الدولة الفاشلة (كهدف أبدي أمريكي)،
وسط تهليل وتسابق وهمي بين الجميع، لكنه يفضي لصراع حقيقي يغيب المواطنة.

يستمر التأثير الانشطاري للمفردات التداولية المولودة من أرحام البيجات (الفيسبوكية ومايعادلها) بانتشاره في الجسد العراقي قاضيًا شيئًا فشيء على ماتبقى من هذا النسيج المهترئ، في ظل غياب تام وكلي لنخبة مجتمعية متصدية، فالصوت المسموع في الساحة اليوم هو النبرة المؤدلجة التي تبرر لاصحابها وتهاجم خصومها.
لقد تناولنا في مقالنا السابق (الجوكر والذيل قنابل اجتماعية موقوتة) المردود السلبي لهذه المصطلحات وكيف يفضي تداولها في النهاية لمصلحة الأحزاب، ولكن لا اذان صاغية فقط عقول خاضعة مقادة، وفي ظل هذا الوضع فأن الحلول عما قريب ستكون معدمة،وإذا استمر الوضع على ماهو عليه فحتمًا سيجيئ اليوم الذي نتمنى فيه عودة اهوال الطائفية لشدة ما سيأتي، لأننا سنكون في خضم الجزء المقسم لا الكل المجزء،
وهذا ماجنيناه من إنكارنا المستمر لمشاكلنا الجوهرية والتي أفضت لتراكمها فترسخت لأنها لم تجد معادل موضوعي ينهيها أو يقوضها على أقل تقدير، ولست أُغالي أن قلت إن إنكار الطائفية في العراق،طائفية أخرى،فليس كل إنكارٍ ينطوي على معنى النفي الحقيقي بقدر ما قد يكون جحودًا بحقيقةٍ قائمة، لكنها متلازمة تلك الشخصية التي لاتعدو كونها أحد أمرين ساذجة أو خائنة تحاول الابقاء على عنصر المفاجاة بغية حصد الكثير من الضحايا.
لايمكن معالجة أي مشكلةٍ دون الأعتراف بوجودها، أما الاستمرار بتجاهلها عبر جمل وردية وحملات افتراضية لا محل لها من الواقع بشيء فهذا الأمر لايمكن أن يكون سوى وهم وضحك على العقول لا الذقون لأن أغلب من تنطلي عليهم هذه الشعارات الرنانة هم ممن لازالوا في مرحلة الصبا، المأخذون (بالمسفط) من الكلام الذي يلقيه أربابهم الجُدد من مدونين وإعلاميين، ومما لا يعد سرًا أن أغلب وسائل الإعلام العراقية هي مؤسسات مكوناتية طائفية قومية شوفينية، تحاول استعمال العوام من الناس كأدوات ودمى وقل ما شئت من وصف العبودية، في حروبها المستمرة للسيطرة على المزاج الشعبوي العام، فتنفي ماموجود وتُوجد ما معدوم لتضمن لنفسها التأثير، ولعل مايدلل على كلامي التلويح الطائفي بين فترة وأخرى، من ثم يجيئ التبرير بأنهم الساسة لا كرهًا بهم بل على العكس تأمينًا للجماهير، فليس كل أتهام سلبي لإنه قد ينطوي بمثل هذه الحالة على تخدير إيجابي لصالحهم يتمثل بديمومة الأمر لدى الجماهير عبر إيهامهم من خلال هذا الاتهام ( وهو حق) ولكن يمسي الحق باطلًا إذا كان لغاية باطلة، ويكفي لدحض هذا،رؤية التناحر الاجتماعي الحاصل في المجتمع جراء هذا التلويح.

أن هذه التراكمات والإضافات اليومية لها من خلال التهم المتبادلة والاحكام المسبقة هو ماسيعجل ببركان لن يسلم منه أحد، ولعل مايزيد من الصعوبة هو أن حل الأمر يقتضي ترميمًا لابناءً، ومن المعروف أن الترميم أصعب بالإضافة لكونه مزعج لأهل الدار وهو مايفسر في جزء منه استمرارنا على هذه الحالة.