ترجل من سيارته الفارهة تحيط به الحمايات من كل جانب ، أخذ يسرد – ويثرد – من فوق منصة مليئة بالمايكات قائمة طويلة وعريضة من الوعود الانتخابية الزائفة ومن غير تفصيل يذكر عن آليات وخطوات تحقيق تلك الوعود عمليا ، لم يترك مشكلة إﻻ و تعهد بحلها ، وﻻ أزمة إﻻ وتوعد بحلحلتها ، نحرت بعدها الذبائح ووزعت الحلوى والعصائر بين الحضور وقبض – الجيش الالكتروني – ثمن المديح لشخصه والذم لخصومه ، واسدل الستار على حزب جديد من بين عشرات سبقته وستعقبه طفت الى السطح مؤخرا لبناء مستقبل واعد للعراقيين المحطمين ، المفلسين ، المتعبين ، المعذبين ، المظلومين – على الورق فقط – لحين الفوز بالمنصب ووو” رجال اللي يلتقي به بعدها او حتى يلتقط معه سيلفي او يحصل على مكالمة هاتفية واحدة من جنابه طيلة الاربع العجاف المقبلة !” .
في العراق علمتني الحياة ان المرشح الذي يكثر من الوعود على نحو : ” سنعمل على اصلاح المنظومة الكهربائية ، تحسين واقع التعليم ، رفع مستوى الاداء الحكومي ، الارتقاء بالواقع الصحي ، اعادة النازحين الى مناطقهم ، اطلاق سراح المعتقلين ممن لم تثبت ادانتهم ، توفير فرص عمل للعاطلين ، زيادة رواتب المتقاعدين ، تأهيل الصناعات العراقية ، اعادة اعمار المدن المدمرة ، استصلاح الاراضي الزراعية وتحسين الثروة الحيوانية ، اخراج القوات الاجنبية ، عبور الطائفية والمحاصصة المقيتة ، الحفاظ على وحدة العراق ارضا وشعبا ..الخ ” ﻻيستحق التصديق ولا التصفيق مطلقا لسببين إثنين ، اولهما انه يتجاوز بهذه – الصعادات والنفاخات – حدود صلاحياته وإمكاناته وكأنه الوحيد في الساحة الذي سيستولى على الحقائب الوزارية برمتها ومن غير منافسين له مايؤهله لأصلاح واعمار كل شيئ وهذا كذب بواح ﻷن الحقيبتين او الثلاث التي سيظفر بها لن تسمح له بتحريك بيدق شطرنج واحد على الرقعة المزدحمة بالافيال و الخيول والقلاع والملوك والوزراء والجنود والاجناد المجندة المدعومة لوجستيا من خارج الحدود ..والثاني ان وعوده إنشائية بحتة ﻻتفصيل منطقي لها ولاشرح عملي مرفق بها لنتأكد هل إن مايطرحه الطامح الجامح الى السلطة والجاه والثروة وتنفيذ اجندات الدول الاقليمية والعالمية التي تدفع به الى المشهد من خلف الكواليس من وهم وخيال – صالح للتطبيق أم ﻻ – وبالاخص تلك المخلوقات مزدوجة الجنسية والتبعية .
واذكرهم جميعا وﻻ اتبع احدا منهم ولن افعل بما قاله ذات يوم رئيس وزراء بريطانيا الاسبق ونستون تشرشل، ان ” المدخن الشره الذي يقرأ الكثير عن أخطار التدخين لابد أن يقلع يوما عن القراءة” ، وبالقياس فان الناخب العراقي الملهوف الذي يريد تحقيق ولو جزء يسير من حقوقه المكفولة شرعا وعرفا وقانونا – يفترض ذلك – ولكثرة ما سمع وسيسمع من وعود المرشحين من دون تطبيق اي منها ولو بالحد الادنى سيقلع ذات يوم عن الانتخابات واحزابها وكتلها ووجوها الكالحة وان عاود الكرة وانتخبكم فان حجم الكره والبغض الداخلي تجاهكم وتجاه ايدولوجياتكم وخلفياتكم المذهبية والسياسية بل وحتى تلكم الشخوص التأريخية التي تتاجرون باسمائها ونضالاتها وصورها وهي منكم براء براءة الذئب من دم يوسف سيزداد يوما بعد آخر الى حد الانفجار والانقلاب عليها – شلع قلع – وانتم من سيتحمل هذا الكره المستعر والمتصاعد في القلوب ﻻسواكم ابدا وﻻت حين مندم..استشرف ذلك وبقوة وﻻ أتنبأ به عسى ان يتعظ اصحاب البرامج الانتخابية – الفاشوشية – التي تقف على ارض رخوة ورمال متحركة وسط حقول ألغام واسلاك شائكة وجدر كونكريتية عازلة ليتحدثوا بالمعقول المنطقي بدلا من الخيال الجامح وعلى قول البغادة ” اكعد اعوج واحجي عدل ..صحيح ان الكذب المصفط اشد تأثيرا من الصدق المخربط لبرهة من الزمن ، اﻻ ان حبل الكذب قصير و ستقلب الطاولة في نهاية المطاف على صاحبها وعلى ما يؤمن به من أفكار ومبادئ ان وجدت أيضا ..نصيحة للمرشح ﻻتكذب وقل ماتستطيع فعله وماتنوي عمله اذ ان استغفال الجماهير واستحمارها اكثر سيفضي الى هياج جماهيري عارم ان عاجلا أو آجلا متى ما سنحت الظروف لذلك ..حاول ان تصدق بأن ذلك سيحدث وكفى بالتأريخ واعظا ..حاووول !اودعناكم اغاتي