23 ديسمبر، 2024 6:55 م

براعاتُ الفَطِن

براعاتُ الفَطِن

-1-
للفَطِن صاحبِ الذهن المتوقد، براعاتٌ يستطيعُ من خلالها أنْ يعبر الى الضفّة الآمنة .

إنّه يبتكر الحجج والذرائع لإصطناع النجاة ، والافلات من المأزق ، بينما ترى غَيْرَهُ يستسلم دون حراك يُذكر،للخلاص مما هو فيه من الأخطار …

-2-

ولقد ذَكَرَ (ابن مسكويه) (ت421هجرية) في كتابه (تجارب الأمم وتعاقب الهمم ) ج1 ص352 قصةَ (عمرو بن أوس) – وهو من أَوْد – حين وقع أسيراً بين يديْ معاوية ضمن أسارى (صفين)، بعد أنْ قاتَلَ تحت راية أمير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) .

وحين هَمَّ معاوية بقتل جميع الأسرى ، قال له عمرو بن أوس :

” إنك خالي فلا تقتلْني “

وقامت بنو أوْد فقالوا :

” هبْ لنا أخانا “

فقال :

” دعُوهُ . لعمري ، لئن كان صادقاً لَيَستغنينَّ عن شفاعتكم ، ولئن كان كاذباً لتأتينَّ شفاعتكم من ورائِه “

فقال له :

” من أين صرتُ خالَكَ ، وما كان بيننا وبين أوْد مصاهرة ؟”

قال :

فان أخبرتُك ، فهو أماني عندك ؟!!

قال :

نعم

قال :

” ألستَ تعلمُ أنَّ أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبيّ – ص – أُمُّ المؤمنين ؟ “

قال :

” بلى “

قال :

” فاني ابنُها ، وأنت أخوها ، فأنتَ خالي “

قال معاوية :

( مَالَهُ للهِ أبوُهُ ، أَمَا كان في هولاء ، من يفطن لها غيره ؟”

ثم قال للأوْديين :

” استغنى عن شفاعتكم ،

فخلوا سبيله “

أقول :

إنّ في مطالعة كُتب التاريخ والسيرة والأدب …. فوائد جمّة ، ذات مردودات ايجابية شتى ، تُثري المخزون المعرفي للانسان ، وتوّسع من مديات رؤيته وتموّنُه بألوان من المشاهد والتجارب النافعة ….

واننا – للأسف – نشهد انحساراً واضحاً لدى أبناء هذا الجيل ، وعزوفا كبيراً عن هذا التوّجه …!!!