-1-
للفَطِن صاحبِ الذهن المتوقد، براعاتٌ يستطيعُ من خلالها أنْ يعبر الى الضفّة الآمنة .
إنّه يبتكر الحجج والذرائع لإصطناع النجاة ، والافلات من المأزق ، بينما ترى غَيْرَهُ يستسلم دون حراك يُذكر،للخلاص مما هو فيه من الأخطار …
-2-
ولقد ذَكَرَ (ابن مسكويه) (ت421هجرية) في كتابه (تجارب الأمم وتعاقب الهمم ) ج1 ص352 قصةَ (عمرو بن أوس) – وهو من أَوْد – حين وقع أسيراً بين يديْ معاوية ضمن أسارى (صفين)، بعد أنْ قاتَلَ تحت راية أمير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) .
وحين هَمَّ معاوية بقتل جميع الأسرى ، قال له عمرو بن أوس :
” إنك خالي فلا تقتلْني “
وقامت بنو أوْد فقالوا :
” هبْ لنا أخانا “
فقال :
” دعُوهُ . لعمري ، لئن كان صادقاً لَيَستغنينَّ عن شفاعتكم ، ولئن كان كاذباً لتأتينَّ شفاعتكم من ورائِه “
فقال له :
” من أين صرتُ خالَكَ ، وما كان بيننا وبين أوْد مصاهرة ؟”
قال :
فان أخبرتُك ، فهو أماني عندك ؟!!
قال :
نعم
قال :
” ألستَ تعلمُ أنَّ أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبيّ – ص – أُمُّ المؤمنين ؟ “
قال :
” بلى “
قال :
” فاني ابنُها ، وأنت أخوها ، فأنتَ خالي “
قال معاوية :
( مَالَهُ للهِ أبوُهُ ، أَمَا كان في هولاء ، من يفطن لها غيره ؟”
ثم قال للأوْديين :
” استغنى عن شفاعتكم ،
فخلوا سبيله “
أقول :
إنّ في مطالعة كُتب التاريخ والسيرة والأدب …. فوائد جمّة ، ذات مردودات ايجابية شتى ، تُثري المخزون المعرفي للانسان ، وتوّسع من مديات رؤيته وتموّنُه بألوان من المشاهد والتجارب النافعة ….
واننا – للأسف – نشهد انحساراً واضحاً لدى أبناء هذا الجيل ، وعزوفا كبيراً عن هذا التوّجه …!!!