يعاني اقتصادنا العراقي من مشاكل كبيرة لاتخفى على أحد وهذه المشاكل تفاقمت بشكل مخيف في ظل غياب الحلول العلمية لمعالجتها وهذا نتج عن سوء إدارة الملف الاقتصادي في البلد منذ عام 2003 ولحد الآن بسبب عدم تبوأ الشخصيات الاقتصادية الكفوئة للحلقات القيادية في هذا الملف لأن طبيعة توزيع المناصب في العملية السياسية في البلد نتجت من رحم المحاصصة الطائفية والحزبية البغيضة ماجعل إدارة هذا الملف طوال هذه السنوات بيد أشخاص لايفقهون من الاقتصاد شيئاً,ولقد وصل حال البلد بشكل عام الى حالة لايمكن السكوت عنها, فكل القطاعات الاقتصادية شبه معطلة والبنى التحتية مدمرة ومهملة والمواطن العراقي يعاني كل أنواع النقص في الخدمات الأساسية ناهيك عن انتشار البطالة والفقر الى معدلات عالية جداً, والحكومة والبرلمان مازالوا يتخبطون في مكانهم دون تبني أية حلول لمحاولة وقف هذا الانهيار في الاقتصاد العراقي الذي تتوفر به كل مقومات النجاح والنهوض لكنه يحتاج الى تخطيط علمي سليم, وفي اعتقادي ان الحلول كثيرة وقد تطرق لها معظم المهتمين في الجانب الاقتصادي ولكنهم لم يجدوا آذان صاغية, ومن هذه الحلول وأهمها هو اللجوء الى الاستثمار الذي يمكن بواسطته تجاوز الكثير من مشاكلنا الاقتصادية وخلق تنمية حقيقية تعود على البلد بفوائد كثيرة أهمها النهوض بالقطاعات الاقتصادية وخلق الآلاف من فرص العمل وتقليل معدلات البطالة والفقر واعادة بناء البنى التحتية وتحسين الخدمات المقدمة للمواطن والتقليل من أزمة السكن وخلق حركة اقتصادية كبيرة داخل البلد وبالنتيجة سيحقق ذلك استقراراً اقتصادياً واجتماعياً وحتى سياسياً.
مانحتاجه هو الحنكة والدقة في ادارة ملف الاستثمار بشكل محكم وخلق بيئة استثمارية آمنة وملائمة تستقطب المستثمرين العرب والأجانب وحتى المحليين والذين لديهم الرغبة الكاملة في استثمار أموالهم داخل العراق لمعرفتهم بأنه من أفضل البيئات الاستثمارية في العالم وهم يراقبون بدقة كل مايجري في العراق ولكنهم مترددين في الدخول والمباشرة بالاستثمار بسبب مخاوف عديدة أهمها التعقيد الكبير في الاجرائات المصاحبة للعملية الاستثمارية والفساد المستشري في معظم الحلقات الخاصة بالمعاملات المصاحبة لها وعدم تفعيل مبدأ النافذة الواحدة بشكل صحيح وضعف القطاع المصرفي العراقي والخلل الكبير في الجانب الأمني الذي يعرض العاملين في المشاريع الاستثمارية للخطف أو القتل أو السرقة والابتزاز.
هذه المعوقات والمخاوف المهمة في نفوس المستثمرين وأنا على يقين بأنه ليس صعباً على الحكومة العراقية أن تدرسها بشكل مستفيض وتضع الحلول الناجحة لها وتذليلها بالكامل خاصة بأن البلد شهد انتصارات كبيرة في معركته المقدسة ضد الارهاب وصاحبه تحسن ملحوظ في الجانب الأمني لذا يجب على الحكومة أن تقدم كل التطمينات للمستثمرين لإغرائهم باستثمار أموالهم في العراق وذلك عن طريق عدة قنوات للاتصال مع هؤلاء المستثمرين وتستطيع الاستعانة بجهود وخبرة وزارة الخارجية عن طريق سفاراتنا في دول العالم عن طريق عقد ندوات معهم لشرح الاجراءات الحكومية المتخذة لتذليل كل المخاوف والصعوبات التي تقف أمام عملية الاستثمار,وكذلك التركيز اعلامياً عن طريق مختلف وسائل الاعلام بتوضيح هذه الاجراءات المتخذة وكذلك طرح الفرص الاستثمارية المتوفرة في البلد.
لو نجحت الحكومة في هذا الجانب وتمكنت من تدوير عجلة الاستثمار في البلد وركزت على المشاريع المهمة حسب الأولويات لتمكنت من النهوض بمختلف القطاعات الاقتصادية وخاصة الصناعة والزراعة والسياحة والنقل والصحة والسكن والتعليم وبالتالي ستتحقق ايرادات كبيرة للموازنة العامة وستقل معدلات التضخم والانكماش والعجز في الاقتصاد وسينعم المواطن العراقي بتحسن ملحوظ في الخدمات الأساسية.