18 ديسمبر، 2024 11:06 م

بديل الاستفتاء ، الاستفتاء

بديل الاستفتاء ، الاستفتاء

عندما تم طرح قضية الاستفتاء لاول مرة من قبل السيد رئيس اقليم كوردستان مسعود بارزاني وتناوله من بعد من قبل وسائل الاعلام المحلية والاقليمية والعالمية ، ظن الكثير من اصحاب القرار والقادة والمحللين السياسيين الذين لم يتعرفوا على حقيقة شخصية السيد مسعود بارزاني ، ان هذا الاعلان مجرد ورقة ضغط على الحكومة العراقية وان التطرق للاستفتاء ليس الا مناورة سياسية ومادة للاستهلاك المحلي او تعدى ذلك الى ان البعض قال انها محاولة للتهرب من حل الازمة الداخلية وتصدير مشاكل الاقليم الى خارجه.
لكن غالبية القوى الكوردستانية وبالاخص الحزبين الرئيسين الديمقراطي والاتحاد الوطني وفي اجتماع شهر حزيران برئاسة السيد رئيس اقليم كوردستان ، حسما كل تلك الطروحات والتحليلات العبثية بتحديد يوم الخامس والعشرين من الشهر الحالي موعدا لاجراء الاستفتاء العام لشعب اقليم كوردستان على تقرير مصيره ووضع النقاط على الحروف وانهاء الجدل بشأن الهدف او الغاية من طرح قضية الاستفتاء.
وفي تخبط آخر من قبل من اقلقهم قرار الاستفتاء وسلب منهم راحة النوم والتعقل والتفكر ، تم طرح قضية اخرى في وسائل الاعلام ، على ان الهدف من الاستفتاء ضبابي ولا تعرف الغاية الحقيقي منه ، حتى تم حسم تلك الذريعة باعلان الرئيس مسعود بارزاني وامام اعضاء البرلمان الاوربي وعبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ان الهدف الحقيقي من الاستفتاء هو تقرير المصير واخذ تفويض من الشعب الكوردستاني بشأن تأسيس دولتهم المستقلة اسوة بجميع الشعوب التي نالت استقلالها في ارجاء المعمورة، وبذلك دق الرئيس مسعود بارزاني المسمار في نعش تلك الخزعبلات بل التخرصات التي اطلقتها الاصوات النشاز الذين يرون من الاستفتاء نهاية لرهانهم الخاسر على الاجندات الاقليمية ومن ارتبط مصيرهم بمصير الاحزاب والقوى السياسية التي فشلت في ادارة دفة الحكم في العراق بعد 2003 وجروا البلاد الى الاقتتال الطائفي المدمر وفتحوا الحدود العراقية على مصراعيه لدول الجوار ليسرحوا ويمرحوا ، ومن ثم تسليم ثلاث محافظات باكملها على طبق من الذهب لتنظيم داعش الارهابي خلال سويعات من دون اية مقاومة او اطلاق رصاصة واحدة نحو 400 عنصر من الارهابيين الذين اجتاحوا الحدود العراقية السورية بسهولة ومرونة تامة كمن يذهب للنزهة الى واحة خضراء او السياحة الى منتجع ترفيهي ، وحل باهالي تلك المحافظات ماحل بهم من عمليات قتل جماعية ومن ثم بدء موجات الهجرة الجماعية الى مناطق اقليم كوردستان والمناطق الامنة الاخرى فضلا على مصرع الالاف من الشباب العراقي من مقاتلي الجيش والبيشمركة والقوات المسلحة العراقية الاخرى .
عندما يئست جميع الاطراف المحلية والاقليمية المرعوبة على مصيرها من اجراء الاستفتاء ، انطلقت اسطوانة مشروخة اخرى على ان الوقت غير مناسب لاجراء الاستفتاء وينبغي تأجيله الى حين آخر من دون تحديد الوقت الذي يرونه مناسبا بحسب فهمهم متذرعين بأن الخلافات بين البيت الكوردي لم تحل والبرلمان معطل وستغلق ايران وتركيا حدودهما وستحدث مجاعة في الاقليم واحيانا اطلاق تهديدات مبطنة وعلنية من قبل بعض الجهات التي تعمل على وفق املاءات واجندات اقليمية مشبوهة ، واصبحوا يتظاهرون على انهم ملائكة السلام ولاهاجس لديهم سوى مصلحة وسلامة شعب كوردستان الذي لم تبق وسيلة لم تستخدم لابادته جماعيا على يد انظمة سابقة لم تكن تختلف في الفكر والرؤى وعدم قبول الاخر مع بعض القوى الحاكمة الحالية صاحبة القرار.
غالبية القوى السياسية العراقية والاقليمية حتى العالمية طالبت بالتأجيل ، لدخول اربيل وبغداد في جولة جديدة من الحوارات غير المجدية بغية كسب الوقت ومن ثم انصراف الاقليم عن مشروعه الديمقراطي ، لكن رئيس الاقليم السيد مسعود بارزاني باعتباره الراعي لعملية الاستفتاء وبعد المشورة مع شركائه في تنفيذ المشروع الوطني الكوردستاني رفض وبشكل قاطع كل المطالبات ومن كائن من يكون حتى من القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ودول الاتحاد الاوربي مؤكدا ان الاستفتاء حق طبيعي ومشروع وممارسة ديمقراطية لشعب كوردستان ولا يمكن الاذعان لتلك المطالبات تحت اية ظروف ، مؤكدا ان اي قرار للتأجيل ينبغي ان تصاحبه ضمانات دولية مع تحديد وقت اخر فضلا على الاعتراف الرسمي بنتائجه ، اذن ليعلم الجميع أن لامساومة على المشروع الوطني الكوردستاني سوى الاستفتاء مقابل الاستفتاء ، اي بمعنى اخر ان الاستفتاء اضحى هدفا ستراتيجيا لايمكن المساومة عليه وان من يريد ان يؤجل الاستفتاء عليه تحديد وقت اخر مع الضمانات الانفة الذكر اي اصبح الشعار الكوردي غير القابل للحوار هو بديل الاستفتاء ، الاستفتاء.