18 ديسمبر، 2024 6:03 م

بدون مؤاخذة-قوانين وأعراف عشائريّة متقدّمة على “الدّيموقراطيّات”

بدون مؤاخذة-قوانين وأعراف عشائريّة متقدّمة على “الدّيموقراطيّات”

هناك أعراف وقوانين تعارف عليها البشر منذ العصور الغابرة بخصوص النّزاعات والخصومات الفرديّة والجماعيّة، ففي الأعراف العشائريّة إذا تشاجر شخصان أو أكثر، ووقع من أحد الطّرفين شخص على الأرض مصابا، فمن العار أن يقوم خصمه بضربه أو بقتله وهو ملقى على الأرض، وحتّى إذا استسلم أمام خصمه وهو واقف ولا يريد أن يستمرّ في المشاجرة أو هرب منها، فمن العار أيضا أن يُضرب أو يُلاحق، ومن المحرّمات إيذاء أو الاعتداء على الأطفال والنّساء والشّيوخ، وذوي الإعاقات مهما كانت الخصومة، وحتّى لو كانت أخذا بالثّأر حسب الأعراف العشائريّة! تماما مثلما هو من المحرّمات الإعتداء على النائم أو المستأمن، أو الغدر بشخص مهما كانت الجنحة التي ارتكبها، فمن يريد مهاجمة شخص لسبب ما عليه أن يهاجمه وجها لوجه، وإن كان ساهيا على المهاجم أن يلفت انتباهه للدّفاع عن نفسه. ومن أكبر المحرّمات انتهاك حرمات بيوت الآخرين، ومن يخترق هذه الأعراف فإنّ عقابه يكون مغلّظا، أي مضاعفا أضعافا مضاعفة، فمثلا ديّة المرأة وديّة الطفل وديّة العاجز في القتل العمد هي أربعة أضعاف ديّة الرّجل العاديّ، وديّة المستأمن قد تصل إلى اثنتي عشر ديّة.

وفي الحروب فإنّ الحرب تقتصر على المحاربين دون غيرهم، ولا يجوز الإعتداء على الممتلكات، أو حرق المزروعات، كما لا يجوز الإعتداء على دور العبادة مهما كانت ديانة أتباعها، ومن المحرّمات الكبرى استباحة الأعراض واغتصاب النّساء، كما لا يجوز قتل الأسرى أو تعذيبهم، وعلى الجيوش المتحاربة أن تسعف وتداوي جرحى الأعداء تماما مثلما تفعل مع جرحاها.

أمّا اسرائيل التي يصفها العالم الغربي بـ “واحة الدّيموقاطيّة في الشّرق الأوسط”، فيوجد لديها قوانين عجيبة غريبة، فقد قتلت آلاف الأطفال والنّساء الفلسطينيّات، ولدى جنودها أوامر بتأكيد قتل من يهاجمهم ولو كان طفلا قاصرا، حتّى وإن لم يعد يشكّل خطرا عليهم بعد سقوطه جريحا لا يقوى على فعل شيء، ويمنعون تقديم الإسعافات له، ومن ضحاياهم أطفال قاصرون، كما قتلوا وجرحوا كثيرين من ذوي الاحتياجات الخاصّة، ومنهم أطفال صمّ بكمٌ لم يعملوا شيئا، وجريمتهم أنّهم لم يسمعوا نداء الجنود لهم بالوقوف، تماما مثلما أبادوا عائلات كاملة بقصف بيوتهم وتدميرها على رؤوس ساكنيها كما حدث في قطاع غزّة. وتستولي على أراضي الفلسطينيين وتستوطنها، وتسلّح المستوطنين وتحميهم وهم يعتدون على البيوت العربيّة، ويقطعون الأشجار ويحرقون المزروعات. ولا يتورّع جنود الاحتلال من اقتحام حرمات البيوت ودور العلم ودور العبادة وفي مقدّمتها المسجد الأقصى وما يمثّله كجزء من عقيدة المسلمين. فهل اسرائيل فوق القانون الدّولي والإنساني؟ وهل الأعراف العشائريّة متقدّمة في إنسانيّتها على دول تدّعي “الدّيموقراطيّة”؟