23 ديسمبر، 2024 12:06 ص

بدون مؤاخذة- اسرائيل لم تخترق جدرانا

بدون مؤاخذة- اسرائيل لم تخترق جدرانا

بعد إعلان الرّئيس الأمريكي ترامب عن تطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين، لوحظ أنّ عددا من الصّحفيّين والكتّاب قد كتبوا حول”اختراق اسرائيل لجدار الصّمود العربيّ”! فهل استطاعت اسرائيل اختراق جدران عربيّة؟

وقبل الخوض في هذا الموضوع نلفت الإنتباه إلى أنّ أنظمة عربيّة أخرى ستطبّع علاقاتها علانية مع اسرائيل قبل الثالث من نوفمبر القادم، تنفيذا لأوامر البيت الأبيض في محاولة منهم لدعم الحملة الإنتخابيّة لترامب.

وفي الواقع فإنّ استجابة أنظمة عربيّة لتطبيع العلاقات بشكل علنيّ مع اسرائيل، لم يأت بناء على نشاط دبلوماسيّة حكومة نتنياهو المعادية لأدنى متطلّبات السّلام، وإنّما استجابة لأوامر الرّئيس الأمريكيّ وإدارته المتصهينة، مع التّأكيد أنّ أنظمة وقيادات عربيّة قد ساهمت بقيام اسرائيل، وواصلت دعمها والتّنسيق معها من وراء الكواليس بشكل مستمرّ، وبعد أن اطمأنّت أمريكا لتخدير الشّعوب العربيّة واستمرار سباتها أوعزت لوكلائها بالتّخلي عن “سلاح الشّجب والإستنكار” الذي كانت تضلّل به الشّعوب، وكشفت المستور بالإعلان عن تطبيع العلاقات مع اسرائيل لدعم ترامب في الانتخابات الرّئاسة الأمريكيّة، ولدعم موقف حليفه نتنياهو الذي يعيش أكثر من أزمة، وتنتظره ملفّات فساد في المحاكم، وتهدّد استمرار إئتلافه الحكوميّ اليمينيّ. مع التّذكير أنّ الأنظمة المطبّعة، لم تكن يوما في حالة حرب مع اسرائيل، لكنّها والحقّ يقال ساهمت -وبناء على أوامر سادتها- في تدمير دول عربيّة وقتل وتشريد شعوبها، كما جرى ويجري في سوريا، العراق، ليبيا، اليمن، لبنان وغيرها!

وحتّى الأنظمة التي رحّبّت بهذا التّطبيع، فإن قادتها قد وصلوا إلى الحكم كونهم من “كنوز أمريكا واسرائيل الإستراتيجيّة” في المنطقة. ولتّذكير فقط فإنّ الرّئيس المصريّ عبد الفتاح السّيسي، الذي استلم الحكم بانقلاب عسكريّ على الرّئيس المنتخب محمد مرسي، وسبق للسّيسي أن ألقى كلمة في إحدى القواعد العسكريّة المصريّة أن وعد بمساندة سريعة لأي دولة عربيّة تتعرّض لإعتداء، واستعمل عبارة “مسافة السّكة”، وفعلا فقد كان أوّل من أعلن عن تأييده وترحيبه بتطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل!

فهل أتى ترامب ونتنياهو وأتباعهما بجديد في تظاهرة الإعلان عن تطبيع العلاقات مع اسرائيل؟ ولو أنّ ثنائي الطّغيان المتمثّل بترامب ونتنياهو يجيبان بصدق على هذا السّؤال، سنجد أنّ الشّعوب في واد وأنّ زبانيتهما في واد آخر، وما إعلانهما عن التّطبيع الجديد إلا كشف لعلاقات سرّيّة قائمة ربّما قبل أن يولد من وقّعوا على تلك الإتّفاقات، وكلّهم يعلمون أنّ فرض شروط القّوّة العسكريّة لن يجلب إلا الويلات على شعوب المنطقة، وأنّ الشّرق الأوسط لن ينعم بالإستقرار ما لم يتمكّن الشّعب الفلسطينيّ من حقّه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلّة بعاصمتها القدس الشّريف، بعد كنس الاحتلال ومخلّفاته كافّة.