22 ديسمبر، 2024 9:18 م

بدعة النظام الرئاسي

بدعة النظام الرئاسي

في بداية الامر اتسائل؛ هل وصل العراق الى الحلقة الاخيرة من روايته؟ ام ما زالت للرواية أجزاء اخرى؟ ام ان الاحداث ذاتها تدور حوله ومن ثم تعود بنا الى حيث كانت قبل بضع سنين؟       تساؤلات عدة قد تأخذ منا وقتاً طويلاً للإجابة، ولكن اعتقد اننا لم نصل الى الحلقة الاخيرة، ولا الى اجزاء اخرى، وإنما البعض يحاول ان يلف سلسلة الاحداث حول اعناقنا من جديد، ولا سبيل لمخرج يخرجنا ان لم يتفقه العقلاء ويأخذوا الامر على محمل الجد, ها نحن اليوم نعود الى خلق مشكلة اخرى، مشكلة ستاتينا بمزيد من الصراعات،
النظام الرئاسي بديل عن النظام البرلماني، والكل يعلم ان المسألة ليست بايجاد نظام رئاسي لكي يقوم الامور(كما يدّعون)، وانما المسألة في الاشخاص الذين جربناهم في الحكم لسنين طويلة ولم يخلفوا ورائهم سوى الفساد والرشوة والفضائيين والسرقات ,في حكم اللاهثين وراء النظام الرئاسي،بلغ حجم الفساد في المنظومة العسكرية الى الدرجة التي دفع العراق جرائها ثلث مساحته لصالح الارهاب، وانهيار كامل للجيش، وتطوير الترسانة العسكرية للارهاب عبر الاسلحة التي خلفتها القوات المنسحبة من المدن، ونزوح ثلاثة ملايين مواطن عراقي.
هؤلاء هم سبب الاخفاقات التي حدثت بين صفوف السياسيين حتى وصلنا الى ما نحن عليه اليوم، والغرابة في الموضوع ان النظام الرئاسي مخالف للدستور والمنادي به هو ذاته من اصر على تمريره بهذه الصيغة،انهم يدفعون باتجاه نواياهم المريضة، وحيث توجد مصالحهم يكونون؛ هؤلاء يسعون نحو الهيمنة على مقدرات البلد ونهب ثوراته، كما اتضح من تجاربهم السابقة اعتماد المحسوبية والحزبية والفئوية في منح المناصب وتغليب المصالح الشخصية على مصالح الشعب،ولم يخدموا الشعب،ولا حتى جمهورهم الذي انتخبهم، فتلك مدنهم وجماهيرهم تتظاهر يوميا في الشوارع بسبب الفقر والجوع والحرمان على الرغم من سنوات حكمهم الطويلة،ولا اعتقد ان باستطاعتهم الضخ علينا نحن الشعب مرة اخرى. ثم ان تحويل النظام الى رئاسي سيحتاج لاجراءات وتعديل دستوري، ومن يريد ذلك عليه اتباع السياقات اللازمة لاجراء التعديل، ثم استفتاء شعبي، وبامكان محافظتين نسف هذه البدعة برمتها، اي ان الموضوع ميؤوس منه، ولكنها طريقة للتخلص من غبار التهم السابقة والفشل الذريع، وهذه هي الحقيقية التي لا مناص عنها. لذا نقول ان من يرغب بتغيير النظام في العراق عليه ان يلجأ الى القنوات القانونية،لان التهديد الاعلامي (الفيسبوكي) لا يكفي.
واخيراً ليس من المعقول ان نساهم في خراب العراق اكثر ,فعندما تنتهي تلك الخلافات الساسية، وعندما نفهم بعضنا البعض وندرك ما يجب علينا من واجبات هنا لن تكون هناك دعوة لأنظمة تزيد من العراق بؤساً وعنفاً، فالتكن وحدة العراق اولاً تحت نظام ديمقراطي مبني على اسس الحق والعدل .