بعد أن كثرت البدع والأقاويل في عالم السياسة المصطنع في عراقنا اليوم , نتيجة لأنتشار ظاهرة قادة الصدف و هواة الأدارة , عكساً لكل الأعراف والقوانين والمسلمات بأن يوضع الشخص المناسب في المكان المناسب , فصار الطبيب فلاحاً والسمكري وزيراً للصحة , فعم الفساد وجاع العباد وأنتشر الهرج والمرج , وفي حادثة هي الأولى في تأريخنا الحديث والقديم في عراق مابين القهرين , عراقنا المتخم بخيرات النفط الوفير كوننا عاجزين عن استغلال بقية خيراته التي نسمع عنها ولا نراها , اعلنت الحكومة العراقية الجديدة عن نيتها تطبيق مبدأ التقشف والتعفف في موازنتها الجديدة لعام 2015 بعد أن طارت عليها ميزانية 2014 بين جيوب دولة القانون وانتخاباتها المكلفة جداً , وجيوب الحيتان المتخفين تجار الدم والسلاح والحرب , فصار لزاماً علينا أن نتسائل يا سادة , لمَ التقشف ولم التخبط أذا كنا نملك ما لا يملكه غيرنا لا في الحاضر ولا في المستقبل , ولم سيكون التقشف قد خُصصَ على جيوب الموظفين المساكين والنازحين المرتجفين برداً وخوفاً , بعد أن ظهر لنا السيد وزير المالية هوشيار زيباري و القى علينا تقريراً مفصلاً عن ألموازنة وهو لم يمض على تسلمه الوزارة اسبوعاً واحداً وقت تلاوته للتقرير والذي يبدو للجميع بأنه معد مسبقاً من قبل الفريق الشمولي الذي سيطر على مفاصل الدولة التي كانت تدار بالوكالة ؟ وهل يجوز التقشف شرعاً اقتصادياً في بلد كانت ميزانيته اقل من اربعين مليار دولار في عام 2004 و2005 وقتها كانت رواتب الموظفين والمتقاعدين تشهد ازدهاراً ملحوظاً وكانت أغلب جوانب الحياة تسير بشكل طبيعي وبلا تقشف , ولو أفترضنا أن الوضع الامني قد يفرض علينا تكاليف هائلة فحتماً أنها لا يمكن ان تكون ضعف الأربعين لو جاءت وفق خطط وستراتيجيات مدروسة و مخطط لها مسبقاً , لذا فلابد من الالتفات حتماً بأن هناك من يحاول أن يرهق الشعب العراقي قبل ميزانيته وأن بدعة التقشف هذه هي كاذبة وناتجة عن نيات مسبقة لتشريع ثغرات كبيرة في مشروع قانون الميزانية من أجل تسهيل المهمة لمافيات الفساد التي تغولت وأصبحت لا تكتفي بالملايين الخضراء بل و اصبحت شهيتها لا تسد ببلع العراق كله , نحن مع التقشف الفعلي والحقيقي من أجل الحفاظ على المال العام ومن أجل الغاء بدع النسب المئوية في العقود والاستثمارات ولجان الصرف السيئة الصيت , ومع محاسبة كل من اوغل ومافياته بسرقة المال العراقي , ومع تكليف عباقرة الأقتصاد العراقيين في انجاز مهمة تشريع قانون موازنة عراقي حقيقي بعيداً عن التضخيم والتفخيم , وهنا لا بد أن نثني على خطوة من الخطوات الصحيحة التي اتخذها الدكتور العبادي بتكليف الدكتور مظهر محمد صالح مستشاراً اقتصادياً لرئاسة الوزراء وندعوه فوراً الى تكليفه بأدارة هذه المهمة كونه من المختصين بهذه القضية , ونشد من أزره وندعمه تماماً من أجل اتخاذ خطوات عديدة مماثلة من أجل وضع الاشخاص المناسبين في المكان المناسب ,