19 ديسمبر، 2024 12:52 ص

عادَ الهلالُ إلى الحياةِ حزينَا
باكٍ يلونُه السوادُ، طعينا

نَزِفٌ على خدِّ السماء، مرملٌ
يشجي فؤادَ العالمين شُجُونا

قُل لي: بياضُك ما به من حمرةٍ؟
ولِم السوادُ بمقلتيك دفينا؟

أين ابتهالاتُ الضياءِ إذا غدا
منك المساءُ لعتمةٍ يدنينا

فأجابني، والدمعُ ملءُ جفونِه
شلالَ كربٍ والبلاءُ مبينا

إني رمقتُ على الصعيدِ مزملًا
بالدمِّ نالتْه السيوفُ جُنونَا

وهوى لقلبِ الروحِ سهمٌ ظامئً
بَلَّ الجوى من نبضهِ مأفونا

ومضت قوافلُ للسهامِ تؤمُّهُ
تتلو على جسدِ الحسينِ مُزُونا

فردًا تناوشه اللئامُ فطعنةٌ،
أو ضربةٌ تفري الفؤادَ، هُتونا..

حتى تربعّ فوقَ صدرِ وجودِه
شمرٌ فأبكى للسماءِ عُيونا
… .

والأرضُ خضَّبَها النجيعُ تفجُّعًا
والكونُ ينحبُ والفضاءُ عويلُ

نحرَ الصلاةَ على نزيفِ وريدِه
فتمزق القرآنُ والتنزيلُ

وهَوتْ على وقعِ الصليلِ مآذنٌ
لمَّا هوى نحوَ السماءِ قتيلُ

واحتزَّ من جيدِ الإمامة رأسَها
فاستُشهد المحرابُ والترتيلُ

وتكسَّرت تلك الضلوعُ بمسمعي
تحتَ الحوافرِ، والنقيعُ مهولُ

يا ليتني نهرٌ يبلُّ شفاهَهُ
أو سلسبيلٌ بالرواءِ يسيلُ

أو خرقةٌ لَثمتْ عظيمَ جراحةٍ
تحت المثلثِ، والسيوفُ صليلُ

أو غيمةٌ بالظلِ تحضنُ عاطشًا
قد ذوّبتْهُ الشمسُ وهو غليلُ

لهفي على جسدٍ تمزَّق طاويًا
والصدرُ عارٍ رضّضتهُ خيولُ

والرأسُ فوقَ السمهريُّ مسبحٌ
بين المدائن كالرسولِ يجولُ.

رباب النمر