أتذكر مقولة لجدتي كانت تكررها ( حبوبة أحجي بخت وأمشي بخت وبوك بخت مكرود يلما عندك بخت )
والبخت هو كلمة عربية تعني الحظ أو النصيب أو القدر وللبخت عند العراقيين منزلة عظيمة فهم يقدرون ويحترمون من عنده بخت ويعتقدون أن شيخ العشيرة أو الوجيه لديه نصيب من البخت يختلف عن غيره من الناس وهذه المنزلة البختية يتوارثها أباً عن جد وهي تعطيه مزايا عدة منها أن رأيه يكون حكيماً ويفرض على المتخاصمين ويحل ببخته أعقد المشاكل وهذا البخت هو بخت السلطة العشائرية ( المشيخة ) التي ينقلها الشيخ الى أبنائه مع الارث وكثير من الشيوخ فعلا يمتلكون الكارزما والحكمة التي تؤهلهم للعب هذا الدور الكبير ولكن الامر عندنا يعمم على الجميع حتى لو كان بعض الشيوخ لاتنطبق عليهم بعض المواصفات أو يوجد في العشيرة من هم أفهم وأحكم منهم ولكن أولئك ليس عندهم (بخت ) فيبقى رأيهم متأرجح بين القبول والرفض ونسبة القبول به ضئيلة الا إن كانوا شيوخ ، وأنسحب هذا التقدير والاحترام الى كل من يملك سلطة ، فالعراقيين يمجدون من بيده السلطة ويحترمونه ويقدرونه ويعتبرونه عنده بخت كبير وهو بخت الحكومة بغض النظر عن مسيرته ونزاهته وشرفه فهذه القيم ثانوية إن لم تكن هامشية أصلا فأن كنت تملك السلطة فأفعل ما شئت ستجد من يدافع عنك ولا يقبل أن تمس وفي المقابل من لا يملك السلطة تجده محتقر من قبل العراقيين ولا يحترمونه ويعتبرونه ضعيف وهم لا يحترمون الضعيف مطلقاً حتى إن كان نزيهاً وشريفاً ومبدأياً وكل الصفات الحميدة يجمعها الا أنه مادام خارج نطاق السلطة فلن يجد له تقييم يستحقه وهذا ما فهمته الكثير من الاحزاب والسياسيين وتعاملوا معه باحترافية فكان هدفهم السلطة والبقاء بها وهذا وحده يكفي لحشد المصفقين والممجدين والمدافعين الذي سيسدون عقولهم وأسماعهم عن أي نقد وسيهرولون نحو الحكومة واحزابها لأنهم يملكون بخت الحكومة الذي يحلف به الكثير من العراقيين ، وهذا ما يدعو الاحزاب الى التفكر الف مرة قبل ان تكون في صوب المعارضة لأنهم متأكدين من خسارتهم الكثير لمجرد خروجهم من دائرة السلطة حتى لو كان دور المعارضة أفضل من دور الحكومة ولكن الناس لا يهمهم الادوار ولا المنجز ولهذا تجد أحزاب السلطة متشبثة بكراسيها وتستميت وتقاتل وتسن القوانين التي تبقيها في السلطة حتى لو كان المنجز ضئيل أو معدوم فهم بلا السلطة لا شيء ، وينكشف حجمهم الحقيقي فمتى نصحح مفاهيمنا وندرس أنفسنا وخياراتنا ونكون شعباً متحضراً يجتاز اللاوعي المحرك لأرادتنا المسلوبة .