22 ديسمبر، 2024 11:19 م

بحيرة أورمية في أذربيجان الجنوبية على وشك الجفاف

بحيرة أورمية في أذربيجان الجنوبية على وشك الجفاف

مختار فاتح بي ديلي
“أرومية”.. من كبرى البحيرات المالحة في العالم مهددة بالجفاف بدأت القصة الحزينة لبحيرة أرومية، الواقعة شمالي غربي إيران، قبل نحو عقدَين من الزمن. من دون أن يتنبّه أحد، صارت تضعف شيئاً فشيئاً وقد ضربها الجفاف، حتى كادت تفارق الحياة مع بداية عام 2019 بعدما فشلت التدابير التي بقيت على الورق من قبل الحكومة الايرانية والتي اتّخذت من اجل إنعاش البحيرة
لكنّ الطبيعة أحيتها من جديد ولو بنسبة بسيطة، مع الأمطار الغزيرة التي انهمرت والسيول التي صبّت فيها خلال الشهور الأخيرة، والتي لم يسبق لها مثيل في العقود الماضية. وعادت بحيرة أرومية لترحّب مجدداً بالطيور المهاجرة والسيّاح
من خلال متابعتنا لمواقع التواصل الاجتماعي لاخوتنا اتراك اذربيجان الجنوبية
والتي تقع تحت الاحتلال الايراني حيث نراقب بكل أسف المعلومات التي ينشرها اتراك اذربيجان الجنوبية على الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام حول العواقب المأساوية للوضع المأساوي لبحيرة أورمو في الأيام الأخيرة.
يُذكر أن بحيرة أورمو الهامة دخلت بالفعل في “غيبوبة” والموت السرير وبالتالي فإن حياة الأذربيجانيين الجنوبيين في المنطقة في حالة خطر ، إذا لم يتم اتخاذ تدابير عاجلة لمنع تجفاف هذه البحيرة الاستراتجية ، فسيضطر أكثر من 15 مليون مواطن من اتراك اذربيجان الجنوبية إلى الإخلاء قراهم وبيوتهم واراضيهم لانها سوف تتحول المنطقة الى صحراء قاحلة من دون ماء .
قبل سنوات ، عندما ظهرت أولى بوادر أزمة جفاف البحيرة ، وذلك ثمّة أسباب عدّة تكمن وراء الكارثة التي طاولت بحيرة أرومية، لعلّ أبرزها كانت التغيّرات المناخية في عموم إيران والتي أدّت إلى تراجع مستمر في نسبة الأمطار المتساقطة، إلى جانب ارتفاع في استهلاك مياه حوض البحيرة لأغراض زراعية وسد الحكومة الايرانية منابع الانهار التي تغذي البحيرة ولكن الحكومة الايرانية حينها وعدت السكان المحليين باتخاذ التدابير اللازمة والتزمت بحل المشكلة بشكل جزئي دون حل التطرق الى حل لاسباب مشكلة الجفاف البحيرة .
ومع ذلك ، ظلت هذه قرارات الحكومة الايرانية المتخذة بشأن حل مشكلة جفاف البحيرة حبرا على الورق ، ولم يتم اتخاذ خطوات عملية جرئية لحل هذه المشكلة.
ونظراً إلى أهمية بحيرة أرومية التاريخية والسياحية والرمزية، فإنّ مخاوف كبيرة نشأت من استمرار جفافها. لم تقتصر تلك المخاوف على احتمال فقدان هذا المعلم البيئي فحسب، بل تجاوزته لتشمل المخاطر التي قد تنشأ من جرّاء كوارث بيئية وإنسانية محتّمة في حال عدم وضع حدّ لهذا الجفاف، ومنها العواصف الملحية التي تعرّض حياة 15 مليون من اذربيجان الجنوبية لخطر دائم بحسب مصادر بيئية إيرانية. وتجدر الإشارة إلى أن السكان المحليين هم من اتراك اذربيجان الجنوبية فقط، حيث يستفيدون من البحيرة في امور حياتهم اليومية ونتيجة لجفاف البحيرة ، سيختل التوازن البيئي في المنطقة ، مما سيجعل من المستحيل على الناس العيش هنا والانخراط في الزراعة وتربية الماشية.
عند جفاف البحيرة سيجد السكان المحليون مخرجًا لهم من خلال الانتقال إلى مناطق أخرى من إيران ، مما سيمنع اتراك أذربيجانيين المحليين من العيش بشكل مضغوط في مناطقهم الجديدة بسبب صعوبة عملية استيعابهم في مناطق انتشارهم الجديدة .
يوضح هذا مرة أخرى أن الغرض من عدم اعطاء الحكومة الإيرانية اية اهمية من جفاف بحيرة أورمو هو تسريع عملية إجلاء السكان في مقاطعة أذربيجان الغربية حول البحيرة ، ولتدمير مدينة أورميا القديمة ، والتي تعد معقل قديم لدولة اذربيجان التاريخية.
ورغم أن أبناء اذربيجان الجنوبية ، الذين يشهدون مأساة كبرى في هذه المنطقة نتيجة تجفاف البحيرة ، ينظمون الان احتجاجات منتظمة في مناطقهم ، إلا أنهم يتعرضون لضغوطات واضطهاد واعتقالات من قبل النظام الايراني.
حتى الآن ، اعتقل النظام الإيراني عشرات النشطاء والصحفيين الذين احتجوا لاهمال وعدم اتخاذ التدابير اللازمة من الحكومة الايرانية . كل هذا يثبت مرة أخرى أن جفاف بحيرة أورمو ليس مجرد أزمة بيئية ، ولكنها جزء لا يتجزأ من سياسة التهميش وصهر المجتمع التركي في اذربيجان الجنوبية ضمن بوتقة الفارسية والتي تمارس ضدهم لسنوات عديدة.
ندين وبشدة سياسة الحكومة الإيرانية البغيضة تجاه الممارسات التعسفية التي تمارس ضد شعبنا الاعزل هناك فيما يتعلق بجفاف بحيرة أورمو ، ونطالب الحكومة الايرانية بالقيام مايلزم لحل المشكلة.
فإننا كاتراك في العالم ندعو منظماتالمجتمع المدني والمنظمات الدولية حول العالم إلى الاهتمام بالنتائج المريرة للأزمة السياسية والبيئية في هذه المنطقة الحساسة من العالم واستخدام جميع الحلول الممكنة لحل مشكلة جفاف بحيرة ارمو .
يذكر ان بحيرة أرومية اورمو گولو هي بحيرة مالحة مغلقة في اذربيجان الجنوبية والتي تقع الان تحت سيطرة إيران. وتتغذّى بحيرة أرومية من مجموعة من الروافد تصبّ فيها من ثلاث محافظات هي أذربَيجان الغربية وأذربَيجان الشرقية وكردستان، وذلك من أنهر دائمة وأخرى موسمية. وتقع البحيرة قرب مدينة أرومية بين محافظتي محافظة آذربيجان غربي و محافظة أذربيجان الشرقية شمال غرب البلاد قرب الحدود مع تركيا، وقرب الجزء الجنوبي من بحر قزوين.
تُعَدّ بحيرة أرومية أكبر البحيرات في الشرق الأوسط وسادس أكبر البحيرات المالحة حول العالم. وهي تقع على بعد 20 كيلومتراً شرقي مدينة أرومية عاصمة محافظة أذربَيجان الغربية. وبلغت مساحتها حوالي 5,200 كم 2 (2000 ميل مربع)، وطولها 140 كم (87 ميل)، وعرضها خوالي 55 كم (34 ميل)، وعمق أقصى 16 م (52 قدم). تقلصت البحيرة إلى 10% من حجمها السابق بعد سد الأنهار التي تتدفق إليها من قبل الحكومة الايرانية ، وضخ المياه الجوفية من المنطقة المحيطة بها. حيث تمت تجفيف المياه ونقصها منذ عام 1984م. وحسب الدراسات الجيولوجية التي أعدّها العلماء استناداً إلى رواسب البحيرة، فقد قُدّر عمرها بنحو 13 ألف عام، وهي تحتضن 102 جزيرة صغيرة وكبيرة، فيما تذخر البيئة المحيطة بها اليوم بنحو 550 فئة نباتية.
وكانت السلطات الإيرانية قد أعلنت في عام 1976 المنطقة المحيطة ببحيرة أرومية، والتي تمتدّ بين محافظتي أذربَيجان الغربية وأذربَيجان الشرقية، والتي تبلغ مساحتها 462 ألفاً و600 هكتار متنزهاً وحديقة وطنية محميّة. وفي عام 1976، صارت بحيرة أرومية محميّة بموجب اتفافية “رامسار” الدولية التي تهدف إلى الحفاظ على المناطق المائية والاستخدام المستدام لها.من جهتها، أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) على قائمة محميات المحيط الحيوي في عام 1978.
توجد هناك جزر والتي كان يبلغ عددها ما يقرب من 102 جزيرة