بعد سقوط النظام العراقي في نيسان 2003 وفي ضوء ازدياد التحديات الخارجية أمام اقليم كوردستان وايذانا ببدء مرحلة جديدة أو لنقل طفرة نوعية في تحركات القيادة الكوردية سياسيا و دبلوماسيا وحتى اعلاميا كلاعب أساسي له الحق في ممارسة السلطة على تراب كوردية تأريخيا وتكوين لب كوردي لرؤيا متكاملة الجوانب باعتبارها بطاقة عبور جديدة ترسمها كوردستان تمهيّدا للانخراط في لعبة صراع القوى النفطية الكبرى، وتحديداً الإقليميةخاصة بعد تولي ( مسعود بارزاني ) رئاسة اقليم كوردستان وبالتالي الابتعاد عن طاعة المركز التي لم تجد نفعا ابدا طيلة العقود السابقة بحيث شنق الخطاب الكوردي مراة عديدة على أبواب بغداد فساسة العراق دأبهم وعلى مر العصور والازمنة أنهم لم يفقهوا دواليب العمل السياسي وكيفية مداراة السلطة بسبب ( بداوة ) فكرهم سياسيا واداريا ولهذا السبب وذاك لم ولن يستطيعوا ابدا الربط بين قواعد الفكر والتنظيرات المستقبلية في بناء العراق الجديد وقد أكد على هذه الحقيقة المرة المؤرخ والكاتب العراقي المشهور الدكتور ( علي الوردي ) في كتابه ( وعاظ السلاطين ) وهو يصف سمة الازدواجية في شخصية الساسة العراقيين الذي يعيشيون دائما في صراع مع النفس ولايستطيعون التوفيق بين الدين والسياسةفصراع الاحزاب العراقية وحتى هذه اللحظة يذكرنا بقول الشاعر (ابوالعلاء المعري ) هذا يدق بناقوس وذا بمأذنة يصيح؟ . بعد تسلم (نيجيرفان بارزاني )مقاليد رئاسة الوزراء في كردستان وجدت القيادة السياسية الكوردية ظرورة مساهمة قطاعات الطاقة الكوردية في عمليات التخطيط والاعمار للارتكاز على بناء الدولة الكوردية وربط حلفاء العمل السياسي بمن فيهم الولايات المتحدة (قائد معسكر السياسة الغربية) وحلفاءها بالمصالح الاقتصادية للاكراد لكن وفق خطوات وتكتيكات متأنية على المستوى المتوسط والطويل المزمن بحيث تكون الطاقة وعائدات البترول في كوردستان المصدر الاول للوقوف بوجه الازمات القادمة والرهانات السياسية التي تلوح في الافق خاصة تلك التي تفتعلها بغداد بحيث تتحتم على حكومة كوردستان توفير الطاقة اللازمة ومحاولة الوصول الى اعلى طاقة انتاجية وتستثمر في سبيل ذلك مبالغ مالية ضخمة مستهدفة بذلك تحول احتياطياتها من النفط والغاز والمصادر الأخرى إلى احتياطيات نقدية تستخدم في علمية التنمية والتطوير والتوسع على كافة القطاعات الإنتاجية والخدمية خاصة بعد قطع ميزانية الاقليم من قبل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.
وهنا بدت الصورة امام ساسة بغداد شائكة للغاية وغير قابلة للهضم بسبب ( العفن السياسي وضحالة النظر ) و اخفاقاتهم المتكررة في ميدان البترول والطاقة خاصة في فترة تولي الشهرستاني حقيبة وزارة النفط بحيث وصفت سياساته النفطية ( بالفاشلة ) في وقت تسبق الحكومة العراقية حكومة كردستان في هذا المجال وبما يقرب مئة عام هذا وتبدو الصورة أكثر تعقيدا عند النظر إلى النجاحات الكبيرة التي حققه الاقليم الكوردي في ظل الخطط النفطية الموسومة التي أعده ونفذه السيد (نيجيرفان بارزاني ) المنفذ والمهندس الاول على المستوى الكوردستاني في تحويل الاحتياطيات إلى وفورات مالية كبيرة، في وقت تعتبر الاستخدام الأمثل لهذه الموارد المالية وبهذه السرعة الفائقة التحدي الأكبر لكوردستان في مواجهة اللاءات المتكررة لوزارة النفط العراقية والتي لاتدفع ماعليها من مستحقات للشركات النفطية العاملة في كوردستان ..
ان إعلان حجم احتياطات النفط في كوردستان العراق جعلت من الشركات العالمية تسارع الخطى للحصول على قطعة الكعكة الكوردية بعكس بغداد التي تعاني من انفلات الحالة الامنية والتي عرقلت عمل الشركات العاملة في العراق في كافة قطاعات الحياة بعكس كردستان التي تقاطرت اليها العديد من الشركات العالمية في مجال البترول وبات الجميع يبحث عن موطئ قدم للفوز بحصة شراكة في مخزون الثروات الإحتياطية في كوردستان ويرى بعض المراقبين أن كشفاً من هذا النوع يمكن أن يقلب الأمور رأساً على عقب .ان مؤشرات النجاح الكوردي في مجال الذهب الاسود كان على يد نيجيرفان بارزاني بصفته الراعي الاول للملف النفطي في اقليم كوردستان والذي أسس لحكومة الاقليم لوائح أهداف متوازنة لاستخراج البترول في كوردستان وفق مؤشرات رئيسية عن طريق تكليف خبيرمتخصص وهو آشتي هورامي وزير الثروات الطبيعية والذي حرص على ادارة التخطيط القائمة على أفضل التجارب المشابهة المتفوقة في قطاع الطاقة كما وضع ( نيجيرفان ) خططا استراتيجية مفصلة للاعوام القادمة وهو ما يبشر بتقليص حاجة الاقليم لبغداد في السنوات العجاف التي تتجه العلاقة فيها بين بغداد واربيل الى فتور مزمن على المستوى الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي عاجلا أم آجلا.. ان الصورة الان تبدوا واضحة جدا في التفاف الحكومة الاتحادية على الاتفاقات المبرمة بين اربيل وبغداد كما أكد هذا مؤخرا الزعيم الشاب ( نيجيرفان ) في مقابلة صحفية مع ( الشرق الاوسط ) الدولية وهو يتحدث عن الملفات العالقة بين الطرفين مؤكدا أنهم شاركوا في بناء العراق الحديث على أساس ثلاثة مبادئ أساسية: الشراكةو التوافق، و المشاركة الفعلية في القرار السياسي معاتبا طريقة السيد نوري المالكي في التفكير التي هي أقرب الى التسلط والهيمنة ورفض شركائه في القرار السياسي لان السيد نوري المالكي يرى ان استقرار وتقدم القطاع النفطي في كردستان لاتبشر السلطات الاتحادية وذلك لأن بغداد وحتى هذه اللحظة تحكمها العقلية الامنية كما كان في عهد صدام وهو تصور التآمر على الشيء قبل بدايته ؟ علما أن الحكومة العراقية تحتفظ بسوابق كثيرة في نقض الوعود مع الحركة الكوردية و عدم تنفيذ الاتفاقات المبرمة سابقا وحاليا مما يقودنا الى الانقسام والتجزئة. ويبدوا في ظل هذا الانكماش والتأزم المستمر في علاقة الجانبين يمكن الاعتقاد أن الوصول إلى اتفاق بين الطرفين غير وارد في ظل انعدام الثقة وأطماع بعض الأطراف الأخرى و ذلك لأن هناك مجموعات داخل ائتلاف دولة القانون الحاكمة غير راغبة في الوصول إلى اتفاق مع الاقليم لأسباب عديدة وبمرور الوقت وتداخل الاجندات الداخلية والاقليمية وخاصة الاجندة الايرانية فان المساعي ستقود إلى فشل الاتفاق والعودة الى مربع تراشق الاتهامات . وأخيرا نقول : ان البترول الكوردي سلعة استراتيجية سوف تتمحور حولها الاستراتيجية الكوردية بشقيها الاقتصادي والسياسي كاحدى مقومات بناء الدولة الكوردية التي هي في طريقها الى النور.