22 نوفمبر، 2024 7:23 م
Search
Close this search box.

بانوراما من تراجيديا الحَربِ وَالحِصار/ج 2

بانوراما من تراجيديا الحَربِ وَالحِصار/ج 2

باتَ النَّاسُ فِي حَيْصِ بَيْص (4)
يلفهمُ الهَم وَالغَم وَالإرباك وَ الهَلع
وَيُعشعشُ فِي رؤوسِهم القَلق
الجميعُ يرقبُ ساعة دَويَّها
وَهول مصابها
ألاف مؤلفة مِنْ العوائلِ العراقيَّةِ وَالعربيَّة وَالأَجنبيَّة
غادرتْ مَرعوبة العاصِمة – دار السَّلام- بغداد
للمحافظاتِ وَالقرى وَالأَرياف العراقيَّة
تلوذُ بالأمان
يَلُفها الذعر وَالفزع
وَهَيَ تُتابعُ صور التِلفاز وأخبار المذياع
للتحشيدِ الهائِل
لجيوشِ وأَساطيلِ قوّاتِ التَّحالُفِ الدّولي
التي تتموضعُ وتتحصنُ عَلَى تخومِ البَلدِ
وَتتهيأ للانقضاضِ عَلَى العراق.
فيما راحتْ (القضية) تدور فِي أروقة المحافل الدوليَّة
وتتصدر نشرات الأنباء فِي جميع أنحاء العالم
وهي تصدر ببيانات التأييد للتحالف الدولي
وَشجب وَاِستنكار لما أقدمت عليه حكومة بغداد
استنفذت كُل الوساطات العَربيَّة والدَّوليَّة
لثني (القائد الأوحد) عَنْ هذا العَملِ الجنونيِّ
التَمسكُ باحتلالِ الكويت
القائِدُ وبحكم حنكته الفَذة
وَسَّطوته وَسلطته المُطلقة
بكلِّ اقتدار رفض رفضاً قاطعاً جميعَ الوَساطات
بل أجابَ العديد مِنْ قادةِ العَربِ الناصحين له بالانسحاب
بسيل جارف من الشتائم المقذعة.
الأَخُ الأَكبَر كابتنُ الرِّحلةِ
مُصممٌ أن يبحرَ بالشعبِ بسفينةِ البعثِ
فِي هذا اليَم الغارقِ بالهيجان.
القيادة – العسكريَّة وَالحزبيَّة- بالإجماع تُؤيدُ القائِد
مطلقة العنان لشعارها الكبير
(إذا قالَ صدام قالَ العراق)
عِندما اقتربتْ السّاعة
وَأيقنتُ كما أيقن ملايين مِنْ الناسِ
إن الخطرَ أضحى فِي مرمى البصر
وَضعتُ كل ما غَلت قيمتهُ وَخَفَّ حَملهُ
بسيّارة أَخي الكبير – بيك أب – وَغادرتُ بغداد
بمعيةِ عائلتي زوجتي وَثلاثة أطفال
لبيت – والدي رحمه الله – فِي قضاء العزيزيَّة
أُمي وكذلك عائلة شقيقي الأَكبر(فيصل) الذي يجاور بيتهم العامر بيت أَبي، استقبلونا بالأحضان
كانَ يسكنُ الدار مَع والدتي بذات البيت (أثنان) من أشقائي مع زوجاتهم وأطفالهم!
فلنا بذات المكان بيتان كبيران متجاوران متلاصقان.
بتنا يَومين فِي العزيزيَّة منهمكين نُحصن البيت مِنْ العدوان
وَنَحنُ نرقب بالعيون الخائفة
حركة الأقمار الصناعية تجوب فِي السَّماء
وِهيَ فِي حركةٍ لا تهدأ
خلال هذين اليومين توافد إلى بيت (أَبي) قادمين مِنْ بغداد ( بيت عمي) وَعائلته وَمعهُ عوائل ابنائه وأنسابه (21 ) نسمة جميعهم شاركونا السكن في الدار(5)
وقريباً من هذا العدد من الأقاربِ المُقربين حلوا ضيوفاً عَلَى بيت شقيقي الأكبر(فيصل).
وأكثرُ مِنْ هذا العدد منْ الأقاربِ أيضاً حلوا ضيوفاً عَلَى بيت (شقيقتي وزوجها أبن عمي أبو نوار)
فِي الليلةِ الثالثة
وبَعْدَ مُنتصفِ الليلِ
ليلةٍ شتائيَّةٍ
مِنْ ليالِي (كانون الثاني – يناير 1991)
الحالكة الظلام القاسيَّةِ البرد
صعقتْ البِلاد بمن فيها
بهجومٍ مُدوٍ (دوليٍّ عَربيٍّ) ماحق
فِي بيت (أبي) ودار أخي المجاور لنا المكتظين بالأرواح
اشتد الهلع لدرجة الذعر
يرافقه صراخ الأطفال وعويل النساء وارتباك الرجال
مع اهتزاز لا يهدأ لجدران وأبواب وشبابيك البيت
من هول صوت القصف والعصف وهدير القاصفات
وسط هذا الجو المشحون بالرعب والظلام
بِيدٍ تَرتَّجفُ وبخافِقٍ وَجلِّ أضاءتْ (أُمِيَّ) قِنديلَ النَفط
فَتَحصنَّ كُل منا مَعَ (أفرادَ أسرتهُ) يضمهم إلى صدرهِ في أحدى زوايا غُرف البيت!
فالهجوم (الأممي) يفوقُ تَصورَ الخَيال
قاصِفاتٌ مُدمِرةٌ
وَصَواريخ (كروز) المُبرمجة الذكيَّة
بواسطةِ الأقمار الاصطناعية
وبأعدادٍ لا تُحصى من القَنابل العُنقوديَّة
دُكتْ الحُصون والجُسور والموانيء والمَطارات
وَالمعامل وَالملاجئ المَدنيَّة والمُنشآت العَسكريَّة والمدنيَّة الحَيويَّة
بعمومِ مُدنِ وسط وجنوب العراق
حَلَّ زلزال المَوت وَالخَراب
مخلفاً للأعين
النيرانُ وَالجُثثُ وَالأشلاء والحُطام والرُّكام.
كانَ نَصيبُ (مَدينة العزيزيَّة)
عَشراتِ الغاراتِ الجويَّة
وَسَيل مِنْ قذائِفها الصَّاروخيَّة
أَشتعلتْ النيران فِي قلبِ
مُستودعات البِترول الاستراتيجية
بَقى لهيب النار الهائل مستعراً متقداً لثلاثة ليالٍ
أخبارُ جَريمة ملجأ العامريَّة المُفزعة ، بجُثثها المُتفحمة
تتناقلُها الأخبار ، بَعْدَ توثيقها مِنْ وكالاتِ الأَنباءِ العالميَّة

عِندَما بان الخَيط ُالبيضَ مِنْ الأَسودِ
بَعدَ اَن كانتْ قد غَطَتْ سُحب دخانيَّة كثيفة سَوداء قاتِمة
مُحملة بالسمومِ وَالسخام
مَساحات شاسِعة مِنْ العراق وَجَميع دولِ الخَليج
وَيقالُ وَصلت (سموم السخام) وأضراره إلَى اليونان غرباً
والصين واليابان شرقاً
بسبب تدمير وَاحراقِ (العراق)
لأكثر مِنْ (1000) بِئرٍ نَفطي
عند الانسحاب مِنْ أرضِ الفَرع.

بصفقة سرية ووساطة سوفيتية
القائدُ الهمام يذعن للسلام والانسحاب
فيما (شوارسكوف ) قائد الجيوش الأمميَّة
بغطرسةِ المنتصر
يشترطُ أن يقرأ (بيان انسحاب)
القوات العراقية مِنْ كلِّ أَرضِ الكويت
وبدون قيد أو شرط
بصوت (السَّلطان) شخصياً
القائد مِنْ مخبئهِ السّري الحَصِين
يمتثلُ للأمرِ وَيسجل عَلَى قرصٍ مدمج
(بيان الانسحاب)
بثُ عبر الأثير مِنْ اذاعة بَغداد.
بدأ الانسحاب بعد البيان
عبر الطريق (80) الرابط بين الكويت وصفوان والبصرة
أرتال القوات العراقية
تَقضِمُ طَّرِيق العودة
براياتِ الانكسارِ وَالاستسلامِ المرفوعة
تحثُ الخطى
للخلاصِ مِنْ رعبِ الموت الزؤام
وَطوق الحصار العسكري الدولي الخانق
تتطلعُ بِوجلٍ لهدير طائرات التحالف الدولي
التي تتسيد بهدير غاراتها المتواصل السَّماء
بمئات مِنْ الطائرات
تَصبُ كل حممها بحقدٍ همجي
على حشودِ وآليات الجُند المنسحب
تبادُ، نعم تُباد وَتُستباح
بأبشعِ لُعبِ خداع
الاستسلام فِي الحرب.
بَعْدَ أنجلاء الغُمَّةِ
أبرزتْ اَنباء العالم أَهم خبران
الأول : عادَ (الفَرعُ ) إلى حالتهِ الأَولى وَهوَ مَرفوعُ الرَّأَسِ
وَغادرَ مَدار الأَصل
وَهوَ يشعرُ بزهوِ النصِر
عودة حكومة المنفى الكويتية
برئاسة أميرها من الطائف الى ديارهم بالكويت.
العراق هو الطرف المعتدي
ويتحمل كافة مصاريف الحرب
وبدولاراتٍ من خزائن الأصل
يعوض تعويضاً مجزياً
كل من أصابه الضرر في (الفرع )
شركات وأفراد ودول
وبذات الأموال تنهى وَتُدمير
كافة البرامج العسكرية
البيلوجية والكيمياوية والنووية فِي العراق
وَالخبر الثانِي :
بمُعجزةٍ عَجيبةٍ نَجا (القائدُ)
مِنْ الهُجومِ العاصِفِ
وَكَذلِكَ سَلمتْ مِنْ هذهِ الضَّرباتِ السّاحِقةِ
وَهذا الدَّمارُ الهائِل
مُعظم قُصور القائِد
وَمُعسكراتِ ألويَتهِ القِتاليَّةِ الخاصَّةِ
بقادتِها ومعداتِها وَجندِها
إحتارتْ الناس أشدُ الحيرة
بهذهِ المُعجزة
وانشَغلتْ بالبحثِ عَنْ جَوابٍ شافٍ
يفكُ أَسرارَ وَخفايا هذهِ المُعجزة المُحيرة
وَباتتْ عَلَى كُلَّ لسانٍ الأَسئلةِ تَدور
كَيفَ نَجا (القائِد) ولمْ يَمَسهُ وَعائلتهُ الأَذى؟
كَيفَ حَدثت وَكُلّ الأَساطيل وَالأَقمار كَانتْ عَليه تَحُوم؟
هلْ كانُوا مختَبِئينَ فِي جَوفِ جَبلٍ؟
هلْ هوَ سليلُ نَبيّ؟
هلْ حَمام الزّاجلِ سّاعدَ (القائدَ) بالاِختباء؟
هلْ كانُوا يَلبسون طاقيّة الإخفاء فلَمْ ترصدهُم الأَقمار؟
فيما كان سؤال على كل الأَفواه يدور:
هَلْ يعملُ (القائِدُ) عَميلاً للأمريكان أَم وَطَنيٌ غَيور؟
بَعْدَ هذهِ العاصِفَةِ الصَّحراويَّة المُدمِّرة
كانتْ قَد غَطَّت البِلاد
سحابةً مِنْ الغَضَبِ العارم
بعدَ أَنْ لَحقَ بالشَّعبِ الدَمارِ وَعارِ الانكسار
وحلت بِقواتِ الجَيشِ بكل صنوفه والجيش الشعبي هَزيِمة جَسيمة مُشينة
كانت صور مروعة قد بثت لـ {طريق الموت}(6)
وراحت كالنار في الهشيم تتناقلها الأفواه
هاجتْ الناس وماجتْ وهي تتناقل وَتصغي لإخبار {طريق الموت}
ألاف من العربات والعجلات للأرتال العسكريَّة العراقيَّة المنسحبة
محترقة ومدمرة
وبجانبها فِي العراء عَلِى امتدادِ البصر
مشاهد مروعة، لا عداد لا تحصى
لأرواح مذبوحة تنوح
وعيون جاحظة تنظر بعطفٍ للسماء
ان تمنحها قطرة ماء
وأصواتٌ بشرية مَبحوحة بهستريا الموت تستغيث
من وابلٍ حممِ القنابلِ الصاروخية والعنقودية
التي تتساقط عليهم متوهجة كشرار الغضب
فوق الناقلات وعلى جانبي الطريق
كتل لأجساد متفحمة سوداء
جثث ممزقة إلى أشلاء
متناثرة في البيداء
لجنود ولمواطنين عراقيين
تتناهشها العقبان والغربان
وأنياب الضواري والكلاب السائبة .
فِي مًطلعِ شهر آذار (6)
(أبو الهزاهز وَالأمطار)
جاءتْ الأَخبار
إنَّ سحابة غاضِبة عاصِفة
مُتمردة عَلَى الاِستسلامِ للموتِ
وَحياة الحروب وَالاستعباد وَالذل
مِنْ (ساحة سَّعد) البصرة الفيحاء
بدأ هبوبها،معلنة التمرد
وهي تَحملُ كلَّ احزانِنا وَمآسينا
هَلَلَّتْ لَها ملايين الحَناجر المثخنة بالحزن والآسى والإقدام
رافعة لها رايات (هَيهات منّا الذلّة)
وَساندها وسار معها من (أور) و(ميسان)
أحفاد البطل كلكامش
وبَقايا ثوار سُلالات (القَرامطة) مِن الباقينَ مِنهم بالديار
وَهَبَ لِنُصرتها بكلِ عزمٍ
دُعاة الاِستقلال وَالتَحرُّر وَالدَّولة المُستقلة
وَفِي مقدمتهم اتباع افكار(مَحمود الحَفيد)
وَوَقفَ مَعَها بِكلِّ حَزمٍ
أبناء واسط والفرات الأوسط
أحفاد (شَّعلان أبو الجون) وَأبطال (الرارنجيَّة )
حَملةَ أَفكار الشّاعر الصُّعلوك الثائر
(عُروة بن الوَرد)
(رُوبن هُود) العَرب
فَفِي السحابةِ مِنْ الغَيثِ ما يَغسلُ الأَدران وَيُعيدُ الأَمَل
من أصلِ ثمانية عشر محافظة عراقيَّة
أربعة عشر منها أضحت بيد الشَّعب المنتفض
فيما اصحاب السلطة والصوت والسوط
قادة (الحزب القائد) ورجال الأمن والعَسس
فروا منها مذعورين.
كَادَتْ أَنْ تغسل الأدران والأحزان بغيثها
لكنْ تَشَتَّتْ وَتَلاشَتْ بَعدِ سيطرة المنتفضين بحدود الشهر!
يُقالُ: عاكستها مَصالحُ الرياح
فانقَضتْ عَلَيها كالوُحوشِ الكاسِرة
قواتُ (القائِد) الناجية (بِمُعجزةٍ) مِنْ الدَّمار
وبألوية الحرس الجمهوري وبمساندة أسراب من طائرات (الهليكوبتر الأمريكية ) والتي يقال اهديت للعراق بموجب اتفاق( مع قوات الحلفاء) لنقل الجنود العراقيين الجرحى من ارض المعارك.
بحقدِ ريحٍ صَفراء عاتيةٍ صاخِبةٍ مُزمجرة
تمَزقَت السحابة المحملة بأرواحنا إلى اشلاء
نزحت أَجزاءٌ مِنْ الغيومِ لمُدنِ الصَّحراء
وأجزاءٌ أُخرى استقرت بجوف وادِي السَّلام
وأخرى تمَ دفنهم بحفرٍ جماعية وهم أحياء
وَلاذَ مذعوراً مِنْ البَطش
قِسمٌ كبيرٌ إلى الأهوارِ وَالوديانِ وَبَيْنَ صُخورِ الجِبال
فِيما قِسمٌ منها أُجبر أَنْ يغادرَ الحدود
وَفِي قلوبهم الف حَسرة
وَارتَفَعتْ ألاف مِنْ الأَرواحِ العَذبةِ
مُحلِقةً كالفراشاتِ الوَدِيعةِ بالسَّماءِ
وَخَلَفَ بَعدَهُم وحُوش القائِد
جُروحاً ماثِلَةً أَمامَ الأعيُن
أَفواجاً ضَخمةً مِنْ الثَّكالى وَالأَراملِ وَالأيتامِ
وَمَلايينَ من القلوبِ المَكلومةِ وَالنُّفوسِ المأزومَة
شَاعَ بَيْنَ الناسِ إنَّ ما جَرى مِنْ أَحداث دامية
تَشيبُ لَها رُؤوسُ الولدان
كانتْ (مُؤامرة كبرى) دوليَّة أقليمة دَنيئة
حِيكَت خُيوطها بِمهارةٍ وَسريةٍ فائقة
خصوصاً بعد إعلان الموافقة العلنية التامة
للاستسلام والانسحاب من جانب القائد الأوحد
ودون قيد أو شرط لتنفيذ كل الشروط
التي وضعها (العم سام) وحلفاؤه
سميت باتفاقية خيمة صفوان
فيما اطلق عليها الشارع العراقي اتفاقية العار والاستسلام
إذاعة بغداد تعلم الشَّعب الانتباه لخطاب القائد المفدى
مِنْ مَلجَأه أومَخبئه السري
من مَكانٍ مجهول
وبعد غيابٍ طويل
عادَ صوت الرئيس
بخطابٍ صادمٍ مخادعٍ بائس
جاءَ الخطابُ مقتضباً محيراً
أَعلنَ فيه
انتهاء منازلة (أم المعارك) بالنصر المؤزر
رغم الخسائرِ الجَسيمةِ وَالانتكاسات المريرة
لكننا حققنا هذا النَصرٍ المبين
وستبقى أم المعارك خالدة
منهياً الخطاب بشعار جديد
(يا محلا النصر بعون الله، وليخسأ الخاسؤن)
بخطابه كان بحلته العسكريَّة
بوجهٍ يلبس قناع الخداع بالإقناع
من جديد بدأ (السَّلطان) يظهر فِي الإعلام والاحتفالات
بشكلٍ كثيف
مستعيناً بأفكار الوزير النازي (يوزِف غوبلز)
بفنِ الكذبِ وَتكريِر الخطاب
رافِعاً بزهوِ المُنتصِرين شِعاراً جديداً
(يعمرُ الأَخيارُ ما دَمَّرهُ الأَشرار)
لِيلملمَ وَيُضمدُ الجراح
وباتت تظهر مَعَ الشعار
أحدث الصور المبهرة للقائد المهيب
وهو يَحملُ عَلَى كتفهِ
طاسة بناء (نبوخذ نصر) العظيم
وصورة أخرى منهمكاً يرصد العدو بالمنظار
وصورة وهو (يُصلي) خاشعاً بالمسدس وببدلة القتال العسكرية
أَو وَهوَ رافِعاً يَدهُ لِتَحيَّةِ كَراديسِ القطعاتِ العَسكريَّة
أو هو بعربتهِ الأسطوريَّة التي تجرها ستة جياد عربيَّة
أو يسبحُ بالنهرِ أَو يَتناولُ أَكلةً شهيَّة
وأكثرها انتشاراً صورة وهو ينفث بلذة دخان السيجار الكوبي الفاخر
لَمْ يَبق مكان لمْ تُعلقْ فيه صورة أنيقة
للأًخ الأَكبر
شرط أن تكون (واضحة بهية) وفي أفضل مكان بارز
فتجدها فِي كافةِ غرف دوائر الدولة
وَالمَعابد وَالمَصانع وَالمَتاجر
وَالفنادق وَالمطاعم وَالمَدارس وَقاعات الأَفراح وَالأتراح
وَصالات الدور وَمحلات بيع الخمور
باشرتْ مَحطات الإذاعة والتلفزة
تعد وتعيد مآثر امجاد أجدادنا العظام قادة الصحراء
تتخللها أغاني الصمود والجهاد
وأصبح يوم عيد ميلاد القائد في 28 نيسان
من كل عام عيداً وطنياً مباركاً.
وَكانت احتفالات أيام (البيعة)
كرنفالات للبهجة والسعادة
بإيقاعات التطريب الصادحة
للفرق الموسيقية الشعبيَّة
فأغنية (بايعناك) ذائعة الصيت
كانَ بثها عَلِى مدارِ الساعةِ لا يهدأ
أستل مقطعاً منها :
( بايعناك يا صدام مو بالورق والله
أحنا قلوب بالصندوق خلينا،
بايعناك مو هاليوم كبل سنين تدرينا
ضمائرنا الأجت بصدام ما جابتها رجلينا)
فهي تعد أفضل درس بليغ
للصمود والتضحية والجهاد لجيل الشباب الواعد
لإدامة روح النصر والشموخ والإباء.

منذ أول يومٍ للقرار الأممي للحصار
بدأ انهيار مُبرمج
مُروع مُتسارع مُتلاحق
يضربُ قيِمة (الدِينارالعراقي)
أمامَ المَعدن الأصفر وَالدولار وبقية سلة العملات
متذبذب لا يستقر عَلَى حال ثابت
كأنه اصيب بإسهالٍ دائم
أو أصابه مسٌ مِنْ الجنون
رغم صورة (الأخ الأكبر) المضروبة عليه.

رعبٌ يصيبُ تجار العراق
بعد إعدام أربعين منهم (5)
وتحذيرٌ شديد اللهجة والعواقب
لكلِّ من يتعامل وَيتعاطى بالدولار الأمريكي
يعاقبُ بعقوبةٍ مرعبةٍ (قطع اليد) من مفصل الرسغ (بالمنشار)

مَلايين الناس أصابها القلق والهلع والاضطراب والإفلاس
فهرع الآف من المصدومين يطرقون كل الابواب
صوامع الدراويش، حوانيت المنجمين،
أفواه المجانين ، تفسير أبن سيرين
لكشف اسرار هذا الانهيار لقيمةِ الدينار
والى متى يبقى فوق الصدور جاثم
فتعود الجموع (بخفي حنين)
أفواه الجياع بحزنها الغائر بالأعماق
تسير في الشوارع
جنباً لجنب المتعلم والجاهل
الموظف والكاسب
الشجاع والجبان، العاقل والمجنون
الجميع هجروا ضفاف الأنهار
وَالمعامل وَالتعليم وَالمطالعة وَالفنون
وَأهملتْ الحقول وَالبساتين
وَاغلب النساء تجاهلت الزينة وَالمكياج
الجميع يجوبون الحارات والأسواق
كعصافير (ماو) المَذعورة
أيام الثورة الثقافيَّة بجمهوريَّة الصين الشعبيَّة
مشدوهين مشردين بوجوههم الصفراء
وثيابهم الرثة وأحذيتهم الباليَّة
التي أَكلها اليأس والضياع
تلهثُ باحثةٍ عَنْ الأمل
يلقمها رغيف تجار حصار البطاقة التموينيَّة
خبز مخلوط بعناية
مِنْ دقيِقِ الحنطة وَالشعير
والذرة وَنوى التمر وَالتراب.

بسريّةٍ وَحذرٍ وَكلما سنحت لها الفرصة
باتَتْ الأعناق تتطاول
بنظراتها المتوسلة للسماء
منذ اول خيط لانبلاج الفجر
حتى تغرقها دموع عبرات الفاقة فِي المَّساء
تتوسل الغمام أن يرفق بالأنام
السّحاب لا يبالي
أسّرع مِنْ الرِيح يجري
رغم الدعاء وَصلاة الاستسقاء
وآلاف من مجاميع الأفواه الحائرة الخائرة المتوجهة له بالنداء
كأنه هو الأخر مرعوب مذعور
مطلقاً لساقيه العنان
حتى ظن البعض
أن أذنيه قَدْ صُبَّ فيها الرصاص المذاب
أو أصابها الصمم
كثرتْ احلامنا بالعواصف القادمة مِنْ الصحراء
لطول مكوثها وغرابة أساميها
درع الصــحراء
عاصفة الصحراء
ثعلب الصـحراء
اصبحنا نعتاد العيش فيها
فالصحاري منبع للأوصياء والأنبياء وأساطير الأولين
بات تطربنا اسماء قديمة فيها
(كعروة بن الورد)
الشاعر النبيل،
الفارس العبسي
الصعلوك الثوري المقدام
ويفزعنا ويثير الخوف فينا
كل القادم الجديد من الصحراء
سَّماع صَليل السّيوف
وَصَهيل الخيل
وَنقر الدفوف
وَبتنا نعرف شعابها وكل دروبها
مِنْ استنشاقِ عطرِ ذرات رمالها
ونَعرف مِنْ خلالها مَدى صَدى عَويل بكائنا
وَنِحن نبكي بلوعة وآسى بداخلنا
كل يوم كَربلاء.
إلى للقاء مع الجزء الثالث / الأخير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) فِي حَيْصِ بَيْص: فِي ضِيق وَشّدة فِي حيرة،وَفِي اختلاط فِي أمرهم ، لا مَخرج لهم منه.

(5)عوائل الأقارب التي جاءت (من بغداد للسكن في العزيزية) قبل بدأ الهجوم المرتقب في ليلة 16 كانون الثاني/ يناير 1991هي كما مبين أدماه:
أولاً – عوائل الأقارب التي سكنت معنا في بيت والدي رحمه الله، وتتكون من (21) فرداً وَهي : (عائلة بيت عمي وأبنائه) وتضم :
(3) أفراد عمي (عودة رمضان أبو مهدي وَزوجته وأحدى بناته)وَعائلة ولده (مهدي/ أبو وليد ) تتكون من (5) أفراد وعائلة نسيبه زوج أبنه (رتاب خلف) تتكون من (5) أفراد وعائلة أبنته (أمل/ أم نورس) تتكون من ثلاثة أفراد.
كذلك عائلة شقيق زوجة أخي فريد/ أبو فراس ( عائلة صباح داخل علاوي ) تتكون من (5) أفراد.
ثانياً. العوائل التي سكنت في بيت شقيقي الكبير فيصل غازي/ أبو بسام هي :
عائلة (أبو أسامة/ عبد الرزاق كلاص حالوب وزوجته وأولاده وزوجاتهم وأبنائهم ) وتتكون من (14) نسمه. وعائلة (مجبل حمد فلت وزوجته وأبناءه وتتكون من (6) أفراد.
ثالثاً- العوائل التي سكنت في بيت أبن عمي (عزيز خلف رمضان وزوجته شقيقتي حياة غازي/ أم نوار)
عائلة لعيبي خلف رمضان/ أبو عادل تتكون من (8) أفراد
عائلة سعيد خلف رمضان/ أبو ثائر وتتكون من (9) أفراد
عائلة عبد خلف رمضان/ أبو غادة وتتكون من (4) أفراد
عائلة داود سلمان عاصي / أبو وصفي وتتكون من (8) أفراد من ضمنهم والدته وشقيقه سلام
عائلة باسم طالب الكيلاني / أبو هديل وتتكون من (4) أفراد
رابعاً – عوائل الأقارب التي أسكنها شقيقي (فريد غازي) في (ورشة عمله/ مهندس كهرباء) مبنية في قطعة أرض سكنية تقع على بعد أمتار من بيت والدي وهم:
عائلة خالي (جلوب شنان رسريس / أبو وليد)
وعائلة (مجيد كلاص حالوب / أبو قيصر)
(6) طريق الموت :اسم يرمز الى الطريق السريع رقم 80 الذي يربط مدينة الكويت بمنفذ العبدلي الحدودي على الحدود الكويتية العراقية ومن هناك في صفوان الطريق الرابط من صفوان الى البصرة .
أطلق على الطريق هذا الاسم بعد أن دمرت فيه قوات التحالف أكثر من 1400 ألية تابعة للجيش العراقي
كانت في طريقها إلى البصرة منسحبة من الكويت .حيث تحول الطريق من طريق سريع يؤدي الى البصرة الى طريق للموت ، وكانت القوات الأمريكية قد رصدت تحرك القوات العراقية في هذا الطريق في ليلة 26 شباط / فبراير 1991 فشنت هجوماً جوياً على الأليات والمركبات العراقية المنسحبة نتج عن الهجوم مقتل عدة مئات من الجنود حيث تخلى الكثير منهم عن مركباتهم تجنباً لتدميرها أثناء القصف.
فيما تشير تقارير صحفية عديدة اخرى إلى أن عدد الآليات التي دمرت في (طريق الموت) تزيد على (2000) آلية وأكثر من (10000) قتيل من القوات العراقية والمدنية المنسحبة بينهم نساء وأطفال وسيارات مدنية . ( التعريف كما ورد في ويكيبيديا ، الموسعة الحرة)
(7) في مطلع آذار: جاءت انتفاضة 1991م أو الاِنتفاضة الشعبانية : إندلعت في مناطق جنوب، وشمال العراق، وقعت مباشرة بعد حرب الخليج الثانية وبدأت من البصرة بتاريخ الثالث من آذار لعام 1991م، سمّتها الحكومة العراقية صفحة الغدر والخيانة، والغَوغاء، وتسمى بالشعبانية لقيامها في شهر شعبان من العام الهجري وسميت من قبل الأكراد الانتفاضة الوطنية / قمعت الانتفاضة بقوة وحشية مفرطة من قبل السلطة الحاكمة.
آذار أبو الهزاهز والأمطار: أحد الأَمثال الشعبيَّة العراقيَّة، أحد أَشهر فصل الربيع، وهو الشهر الذي يكثر فيه الرعد والبرق والأمطار وتتفتح فيه براعم الأشجار والأزهار .شهرٌ معروف بكثرة أمطاره التي تبشرُ بالخَيرات.
(8) إعدام التجار: صدام حسين، أصدر توجيهاته يوم 25 من تموز/ يوليو 1992 الى وزير الداخلية ومدير الأمن العامة للقيام بحملة كبيرة لاِعتقال تجار المواد الغذائية في سوقي الشورجة وسوق جميلة ببغداد، وهو ما اسفر عن اعتقال اكثر من مائتي تاجر، انتقي منهم 40 تاجراً ارسلوا عصر نفس اليوم الى المحكمة الخاصة في وزارة الداخلية انذاك واستمرت المحكمة حتى بعد منتصف الليل.. وانتهت بإصدار أَحكام الإعدام على جميع المتهمين وتنفيذ الحكم في اليوم التالي مباشرة دون منحهم فرصة مقابلة ذويهم او توديعهم وبدون حضور الادعاء العام او رجل دين. ( التعريف كما ورد في ويكيبيديا ، الموسعة الحرة)

أحدث المقالات